تنطلق صباح يوم غد، السبت، ولمدة ثلاثة أيام، أعمال المؤتمر الخامس للجودة العلاجية المبنية على البراهين في الطب النبوي الذي تستضيفه عاصمة الثقافة أبوظبي، وتقيمه كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة بالمملكة العربية السعودية بالتعاون مع معهد لوتس هولستيك للطب الشمولي بأبوظبي، تجسيدا للتعاون البناء القائم بين مركز التميز البحثي للطب النبوي التطبيقي بكلية الطب جامعة الملك عبد العزيز بجدة، ومعهد لوتس هولستیك للطب التكميلي الشمولي بأبوظبي بالإمارات العربية المتحدة.
– علاج شمولي
في تصريح، سابق لانعقاد المؤتمر، وحصري لملحق «صحتك» بـ«الشرق الأوسط» أوضحت البروفيسورة الأستاذة الدكتورة سعاد بنت خليل الجاعوني رئيسة المؤتمر استشارية أمراض دم وأورام الأطفال مشرفة كرسي يوسف عبد اللطيف جميل للتطبيقات العلاجية في الطب النبوي كلية الطب جامعة الملك عبد العزيز – أن الهدف الرئيسي من عقد هذا المؤتمر هو تحسين جودة الصحة من خلال تقديم علاج شامل قائم على أساس مثبت من الطب المبني على البراهين العلمية وتشجيع البحث العلمي، والاستفادة من نهج الطب التكاملي، والعمل معاً من خلال تبادل الخبرات والأبحاث لتحسين جودة الصحة والوقاية من مضاعفات المرض وتقليلها ومكافحتها، وتحقيق «رؤية المملكة 2030» في خدمة المجتمع ورفع مستوى الوعي الصحي بأهمية الوقاية وتحسين نوعية الحياة.
وقالت إن منهج الطب النبوي كعلاج شمولي وتكميلي مبني على البراهين العلمية، وليس بديلا لتحسين جودة حياة المريض وتقليل مضاعفات العلاج والمرض والحد من الأمراض باتباع الطب النبوي الوقائي، فالإسلام يشجع على العلم والبحث العلمي لتخفيف وعلاج الأمراض. وقد كان الأطباء المسلمون أول من أسس الطب المبني على البراهين. وسوف يشارك في هذا المؤتمر (53) متحدثا ورئيس جلسة من العلماء والباحثين، من مختلف بلدان العالم شرقه وغربه، يقدمون خلاصة ما توصلوا إليه في أبحاثهم ودراساتهم بما يسهم في صحة ورفاهية البشرية من خلال (11) جلسة علمية و(36) محاضرة و(47) بوسترا علميا و(4) براءات علمية عالمية.
كما صرحت لـ«لشرق الأوسط» السيدة الأستاذة أمينة الهيدان رئيسة اللجنة المنظمة للمؤتمر رئيسة ومؤسسة معهد لوتس هولستيك هيلث في أبوظبي الإمارات العربية المتحدة أن المؤتمر سيشهد حضورا ومشاركة لكوكبة من الأساتذة والخبراء والعلماء المتحدثين من عدد كبير من الجامعات والمراكز البحثية من المملكة وأميركا وإنجلترا والهند ومصر ودول أخرى، في مختلف مجالات العلاج والتداوي باستخدام الطب التكميلي المبني على البراهين والطب النبوي المستنبط من الهدي النبوي الشريف، وجميع الأبحاث المطروحة على جدول أعمال المؤتمر هي رسائل ماجستير ودكتوراه للكادر الطبي والكليات العلمية هدفها تحسين جودة حياة المرضى ورفع مستوى الصحة بالعلاج التكميلي الشمولي وتشجيع الطب الوقائي.
وأثنت السيدة الهيدان على الجهود التي يبذلها مركز التميز البحثي للطب النبوي التطبيقي، مثمنة المشاركة المتميزة من الاستشاريين والباحثين السعوديين في هذا المؤتمر.
– فقرات المؤتمر العلمية
*التغذية وجودة الحياة. تقول البروفيسورة أ.د. سعاد الجاعوني، إحدى المتحدثات في المؤتمر، إن للتغذية دورا مهما في تحسين جودة الحياة والرفع من مستويات المناعة عند الإنسان وخصوصا عند الإصابة بالأمراض الخطيرة والشرسة، وقد ثبت ذلك في عهد انتشار الوباء العالمي الأخير لـ(كوفيد – 19) فكان دليلا علميا حديثا أثبت العلاقة بين الأمراض والغذاء، وبين الغذاء وجهاز المناعة. وهناك مجموعة من الأطعمة التي ثبتت أهميتها كغذاء جيد ومضاد للأكسدة وتقوية المناعة وتقليل العدوى وتحسين نوعية الحياة، منها بحث علمي منشور عن العسل، وآخر عن الأهمية الغذائية والعلاجية والوقائية لثمار التمر (Phoenix dactylifera) التي أثبتتها الأبحاث العلمية، وأبحاث أخرى حول الحبوب والزبيب. كل الأبحاث منشورة في مجلات علمية عالمية محكمة ومنها مجلة الأبحاث المعروفة (PubMed)، مجلة الطب البديل والتكميلي المبني على البراهين (Evidence – Based Complementary and Alternative Medicine)، المجلة الرسمية للمدرسة الأوروبية للأورام (ESO).
* التأثير الوقائي لصمغ النحل ضد أمراض الكلى المزمنة. سوف يقدم في المؤتمر الدكتور نوري الوايلي، استشاري ورئيس مركز الرعاية الطبية لأمراض الكلى بمستشفى سانت جونز إيبيسكوبال لونغ آيلاند نيويورك، بحثا نُشر مؤخرا في العدد (47) من مجلة أرشيف البحوث الطبية (Archives of Medical Research) حول استخدام العسل والعكبر أو صمغ النحل (Propolis) في إدارة أمراض الكلى المزمنة والزلال البولي، وله نتائج إيجابية إكلينيكياً.
ويضيف الدكتور الوايلي أن البروبوليس هو منتج طبيعي من عسل النحل وله أنشطة بيولوجية واسعة وخصائص علاجية محتملة. الهدف من الدراسة هو تقييم التأثير الوقائي لمستخلص البروبوليس على السمية الكلوية والسمية الكبدية التي يسببها جلايكول الإيثيلين.
وفي دراسة بحثية تجريبية، تم استخدام خمس مجموعات من الفئران. حصلت المجموعة (1) على مياه الشرب، المجموعة (2) تلقت 0.75 في المائة جلايكول الإيثيلين في مياه الشرب، المجموعة (3) تلقت 0.75 في المائة جلايكول الإيثيلين في مياه الشرب مع سيستون 500 ملغم/ كلغم/ وزن الجسم يومياً، المجموعة (4) أُعطيت 0.75 في المائة جلايكول الإيثيلين في مياه الشرب مع مستخلص البروبوليس بجرعة 100 ملغم/ كلغم/ وزن الجسم يومياً، والمجموعة (5) أعطيت 0.75 في المائة جلايكول الإيثيلين في ماء الشرب مع خلاصة البروبوليس بجرعة 250 ملغم/ كلغم/ وزن الجسم يومياً.
استمر العلاج 30 يوما. ثم أجري تحليل البول لتحديد الأس الهيدروجيني (pH)، والبلورات، والبروتين، والكرياتينين، وحمض البوليك وإلكترولايتس، واختبارات وظائف الكلى والكبد.
أظهرت النتائج أن جلايكول الإيثيلين أدى إلى زيادة في درجة حموضة البول وحجم البول والكالسيوم والفوسفور وحمض البوليك والبروتين، وقلل من تصفية الكرياتينين والمغنيسيوم وتسبب في ظهور البلورات.
إضافة مستخلص البروبوليس كعلاج أدى إلى تطبيع مستوى المغنيسيوم والكرياتينين والصوديوم والبوتاسيوم والكلورايد، كما أنه خفف من إفراز البروتين في البول ومن تدهور وظائف الكبد والكلى الناجم عن جلايكول الإيثيلين.
تم الاستنتاج من هذه الدراسة أن لمستخلص البروبوليس تأثيرا وقائيا محتملا ضد السمية الكبدية والسمية الكلوية التي يسببها جلايكول الإيثيلين وله القدرة على علاج ومنع التفاضل والتكامل في البول والبيلة البلورية والبروتينية.
– مستحضرات نانوية
من أبرز المتحدثين العالميين في هذا المؤتمر البروفيسور شاكر موسى، أستاذ علم الأدوية في كلية ألباني للصيدلة، رئيس طب النانو، رئيس معهد البحوث الصيدلانية، نيويورك، الولايات المتحدة الأميركية. له أكثر من 1000 منشور طبي ويحمل أكثر من 400 براءة اختراع أميركية ودولية في عدة مجالات منها: تصوير عضلة القلب، الكشف عن سرطان الثدي، حاصرات مستقبلات بيتا الأدرينالية قصيرة المفعول، مضادات عسر شحميات الدم والأدوية المضادة للتخثر عن طريق الفم. يستخدم في أبحاثه أشكالاً مختلفة من التقنيات التي تتراوح من التكنولوجيا الحيوية، تكنولوجيا النانو، الخلايا الجذعية، تصميم الأدوية، الحركية الدوائية، الديناميكا الدوائية، وعلم الصيدلة الجيني. وفيما يلي نورد (3) أمثلة عليها:
* نانو ثايموكينون من الحبة السوداء. يقول البروفيسور شاكر موسى إن تقنية النانو تمتلك القدرة على تحسين التوافر البيولوجي وتوصيل الأدوية للمركبات النشطة بيولوجياً المشتقة من الحبة السوداء (Thymoquinone، TQ) من أجل الإدارة الفعالة للأمراض البشرية المختلفة. لذلك، تم تطوير العديد من الصيغ النانوية لتحسين التوافر البيولوجي الفموي للثيموكينون. تقدم الدراسة الحالية مراجعة لتطبيقات الطب النانوي لتعزيز الأنشطة البيولوجية لـTQ للسيطرة على الأمراض المختلفة في العديد من الدراسات في الجسم الحي كتحقيق أولي لعلاج الأمراض البشرية بواسطة Nano – TQ. فمثلا، يزيد Nano – TQ بشكل فعال من الأدوار المضادة للسرطان للدواء دوكسوروبيسين (doxorubicin) في خلايا سرطان الثدي. علاوة على ذلك، يحمي Nano – TQ من مرض السكري والتهابات الجهاز العصبي المركزي والسمية الكبدية بشكل أساسي عن طريق تعزيز حالة مضادات الأكسدة في الأعضاء. من الدراسات الحالية، يمكننا أن نستنتج أن Nano – TQ هو غذاء واعد لصحة الإنسان في الوقاية والعلاج من الاضطرابات المختلفة.
* تقنية النانو والمستحضرات الصيدلانية. يواصل البروفيسور شاكر موسى حديثه قائلا: على مدار العقد الماضي، أظهرت أدلة من المجتمعات العلمية والطبية أن التكنولوجيا النانوية والطب النانوي لديهما إمكانات هائلة للتأثير على جوانب عدة من السرطان والاضطرابات الأخرى من حيث التشخيص المبكر والعلاج الموجه. إن استخدام تقنية النانو لتطوير أنظمة جديدة حاملة للنانو لديها القدرة على تحسين التسليم المستهدف من خلال زيادة القابلية للذوبان والاحتفاظ المستمر والاستهداف النشط. واحدة من المزايا الرئيسية لهذه التكنولوجيا المبتكرة هي خصائصها الفريدة متعددة الوظائف. التسليم المستهدف للعقاقير التي تحتوي على جزيئات نانوية مدمجة، من خلال اقتران علامات سطح الخلية الخاصة بالموقع، مثل الأجسام المضادة أو الأورام المضادة الخاصة بالورم، والتي يمكن أن تعزز فاعلية الدواء المضاد للسرطان وتقلل من الآثار الجانبية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخصائص متعددة الوظائف للنظام حامل النانو تسمح بالتصوير المتزامن لكتلة الورم، وتقديم الأدوية المستهدفة ومراقبتها (العلاجات الحرارية Theranostics).
في هذا المؤتمر ستتم مراجعة الملخصات للتقدم الأخير في تقنية النانو من حيث صلته بالجسيمات النانوية وتوصيل الأدوية، توفير التغذية العلاجية متناهية الصغر، التي تستخدم مجموعة متنوعة من المنتجات الطبيعية، إمكانات كبيرة في الوقاية من الأمراض. بالإضافة إلى ذلك، ستتم مناقشة مناهج طب النانو المختلفة الخاصة بالأعضاء ومعالجتها واستهداف الأوعية الدموية واللقاحات.
* هيبارين «مستخلص» من الإبل لعلاج الخلايا المنجلية والسرطان. لقد تم تطوير «هيبارين» مستخلص من الإبل ذي وزن جزيئي منخفض لعلاج مرض فقر الدم المنجلي، بعد أن ثبت أنه أكثر فاعلية من العلاجات المتاحة حالياً لمرض الخلايا المنجلية وأزمة الخلايا المنجلية ويرجع ذلك، جزئياً، إلى آليات العمل متعدد النماذج.
وبينما تحاول العلاجات الحالية علاج مرض فقر الدم المنجلي من خلال آلية واحدة، فإن الهيبارين المستخلص لديه عدد من آليات العمل المستقلة التي تعمل على حل أزمات الخلايا المنجلية أو منعها بسرعة من خلال العمل كمضاد للمنجل، ومضاد للتخثر وغيرهما.
لقد أظهرت الجزيئات متناهية الصغر للهيبارين مع لاكتوفيرين في لبن الإبل توافرا حيوياً عالياً عن طريق الفم في علاج الخلايا المنجلية والسرطان والأمراض الالتهابية والمعدية.
قام البروفيسور شاكر موسى أيضاً بتطبيق خبرته في مجال الجزيئات متناهية الصغر لاستخدام المنتجات الطبيعية، مثل الشيتوزان متعدد الفطريات المشتق من الفطر والمحار أو حليب الإبل، واللاكتوفيرين إلى المنتجات النانوية الموصى بها مثل تمور العجوة والمسك والحبة السوداء وغيرها من منتجات التطوير والتسليم الفعال كمنتجات دوائية لعلاج الأمراض المختلفة.
– استشاري طب المجتمع