بقلم/ منيرحامد
فى الحالة التى تعيشها أمتنا العربية،حالة التجزئة والتفتيت،وهى تسعى إلى تحقيق هدفها المنشود فى الوحدة،بما ينطبق على حدودها الجغرافية،بحيث تنسجم فى وحدتها السياسيةمع وحدتها الجغرافية،لابد من أن تتحقق الوحدة الوطنية فى كل قطرمن أقطارها ،لان الوحدة الوطنية بوابة الوحة القومية،ومن غير الممكن إقامة وحدة قومية بدون أن يكون النسيج الإجتماعى فى كل بلدمن بلدان الأمة قد تحقق. فى ضوء ذلك فإن أى إعتداء على الوحدة الوطنية ليس إعتداء على القطر الذى يتم فيه الإعتداء،بل على الأمة بأجمعها، وإلى جانب ذلك أن هذا الإعتداء يعد بمثابة خيانة وطنية فهو كذلك خيانة قومية بالإضافة إلى أنه خيانة دينية، لان الأغلبية من المواطنين ينتمون لدين واحد.
ما يجرى على ساحات الوطن العربى بمختلف أقطاره من محاولات خارجية،لتمزيق النسيج الإجتماعى،والإعتداء على الوحدة الوطنية،هو مخطط مرسوم لإنهاك الأمة وإضعافها،والوقوف فى طريق نهضتها ،لأن هذه النهضة مرتبطة بوحدتها،فالأقطار العربية حتى تحقق التنميةلابد أن تحقق الوحدة ،حيث التكامل الإقتصادى إلى جانب تحقيق التكامل السياسي،يشكلان الوضع الطبيعى لوجود الأمة،لذا إنتبه الأعداء من إمبرياليين وصهاينة إلى خطورة تحقيق الوحدة،فعمدوا إلى التجزئة،وبذلك إنتفى تحقيق التنمية،ولم تتمكن الأمة من النهوض.إن أى قومى يسعى إلى تحقيق الوحدة العربية عليه أن يناضل لتحقيق الوحدةالوطنية،ومن غير الممكن أن يكون قومياً ما لم يكن وطنياً،فالقومى الشريف بالضرورة وطنى شريف،وإلا إنتفى الإيمان بالمبادئ القومية،وأصبحت القطرية سيدة الموقف السياسي،حتى تنحدرالمبادئ وتصل إلى المستوى المتدنى،فإشاعة الطائفية والقبلية والإقليمية فى ظل النفس القطرى البغيضالذى يفضل مصلحة القطرعلى مصلحة الأمة،يفتح الباب لأصحاب الدعوات المعادية للوطن والأمة،إن حالة التفتيت فى بعض الساحات العربية،كما فى العراق والسودان والصومال،إلى جانب الدعوات البغيضةالهادفة لتفتيت المجتمعات العربية فى أقطار الوطن العربى،كما فى مصرعلى أسس طائفيةوفى الجزائروالمغربوموريتانيا على أسس عرقية،هوإستهداف للأمة يتجاوزأثره مايصيب هذه المجتمعات الوطنية،ويعيق حركة التطلع إلى الوحدة والتنمية،التى يسعى إليهما كل العرب.علينا محاربة أى محاولة لتفتيت الوحدة الوطنية فى أى مجتمع عربى إذا أردنا النهوض والتقدم،وعلينا أن نحافظ على النسيج الإجتماعى فى هذه المجتمعات،فالتنوع ثروة تغنى الأمة،وليس بوابة لتدميرها،وها هى كثير من المجتمعات تعيش الوحدةالجغرافية والسياسية،رغم تنوع نسيجها الإجتماعى وإختلافاتها العرقية،وذلك من خلال التطبيق العملى للديمقراطية وحقوق الإنسان،لانهما بمثابة السياج الذى يمنع أى إنسان أن يفكرعن العيش عن أخيه الإنسان،الذى يستظل وإياه تحت سماء وطن واحد.إن دعاة الوحدة الوطنية والقومية،عليهم جميعاً أن يؤمنوا بأن الإنسان الحرفى وطنه،والذى ينال حقوقه بدون نقيصة أو ضغينة،يدافع بشراسةعن وحدة الوطن والأمة،فالأوطان تبنيها الشعوب الحرة،لا العبيدالذين لا يعبأون بالأرض التى يعيشون عليها،لأنهم لم يشعروا بأنها أرضهم ولا وطنهم،فكيف لهم أن يلتصقوا بها،ويدافعواعنها عندما تدلهم الخطوب؟.
وعلينا أن نعى أن الأوطان ومصالحها ليست مرتبطة بهذا الحاكم أو ذاك،وأن تكون مواقفنا من النظام السياسى ذات تأثير سلبى على مواقفنا من أوطاننا،فالأنظمة زائلة والأوطان باقية،ومن يؤمن بغير ذلك فهو جاهز للخيانة،عندما يتطلع للخلاص من النظام السياسي بمساعدة من خارج الوطن،وعندها يوصم بالخيانةلانه فضل مصلحته على مصلحة الوطن،أيا كانت الشعارات التى يرفعها،وأيا كانت اللغة التى يجهر بها،وهاهو النموذج العراقى ماثل للعيان،فالذين ركبوا الدبابات الأمريكية سعوا بأرجلهم إلى تدميرالوطن وتمزيق نسيجه الإجتماعى ونهب ثرواته وتحولوا إلى خدم وعبيد لأسيادهم فى واشنطن وتل أبيب وطهران،ليس فى دعوتنا عدم مشروعية الإستعانة بالخارج للخلاص من النظام السياسي الذى نختلف معه،دعوة فيها من القبول بالذل والمهانة،ولكن علينا أن نعى أن الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية لاتهدى،ولا تقدم على طبق من ذهب،ولكن تنزع إنتزاعاً،وهى تتطلب نضالاً وتضحية ومعاناة،ومن هو على غير إستعداد لدفع ضريبة النضال عليه أن يسلك طريق الخيانة،لان طريقها مدمر للذات والوطن والمجتمع،وعندها يكون حالنا كٌ المستجير من الرمضاء بالنار.