يشكك قطاع كبير من الليبيين في تصريحات المسؤولين الغربيين عندما يتعلق بشؤون بلادهم وأمنها، كـ«وقف الحرب»، أو «مراقبة تهريب السلاح». لكنهم في الوقت ذاته لا يغلقون الباب أمام التعاطي معها، على أمل أن «يجدوا سبيلاً ينهى أزمتهم»، الممتدة منذ تسعة أعوام.
وبعد قرابة 40 يوماً من انعقاد القمة الدولية الإقليمية المخصصة لليبيا في العاصمة الألمانية برلين، والتي انتهت إلى ضرورة تطبيق حظر إرسال السلاح لليبيا وتحريك مسار التسوية، لا يزال السلاح يتدفق على البلاد بوتيرة، يراها مراقبون «ربما أكثر من ذي قبل».
ويرى سياسيون ليبيون أن النزاع الخارجي حول بلادهم، ورغبة كثير من الدول في توسيع نفوذها في ظل أجواء الحرب، «لن يصل بليبيا إلى نتيجة تعيد إليها الاستقرار»، مشيرين إلى أن «كل طرف خارجي يراهن على فصيله السياسي لكسب المعركة، ومن ثم لا يبخل عليه بالسلاح، والمال أيضاً».
هذه الرؤية الليبية تبلورت بشكل أكبر بعد اعتزام الاتحاد الأوروبي، أول من أمس، إطلاق عملية عسكرية جديدة لمراقبة الحظر الأممي على تصدير الأسلحة إلى ليبيا، أطلق عليها «إيرين»، وذلك بحلول نهاية مارس (آذار) أو مطلع أبريل (نسيان)، في ظل خلاف حول مصير المهاجرين، الذين يتم إنقاذهم من قبل السفن العسكرية الأوروبية العاملة في البحر المتوسط، قبل أن تبدي اليونان موافقتها على استقبالهم.
في هذا السياق، تساءل خالد الغويل، مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، حول مدى قدرة هذه العملية على مراقبة السواحل الليبية، خاصة في ظل تدفق السلاح على بلاده بحراً وبراً وجواً، وقال إن الاتحاد الأوروبي «غير جاد في حل الأزمة الليبية، فضلاً عن أنه يعاني أزمات خانقة».
وأوضح الغويل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس، أنه «يتم الدفع بالسلاح و(المرتزقة) إلى ليبيا دون توقف. ففي نهاية الأسبوع وصلت إلى البلاد ثلاث بواخر تنقل مقاتلين وسلاحا إلى غرب البلاد».
وأرجع مراقبون ليبيون سبب التحرك الأوروبي بعد قمة برلين، إلى قطع الطريق على أنقرة وموسكو اللتين تبحثان عن توسيع نفوذهما في ليبيا، من خلال دعم طرفي الحرب المتمثلين في «الجيش الوطني»، وقوات حكومة «الوفاق» المعترف بها دولياً.
لكن جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، حذر من هذه الرؤية، وفقا لـ«رويترز»، وقال إن «الاتحاد مُهدّد بفقدان أهميته إذا لم يكن قادراً على التصرف، وترك مصير ليبيا بيد تركيا وروسيا».
وسبق أن أعرب بوريل قبل يومين عن أمله في تفعيل البعثة الأوروبية، المكلفة مراقبة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بشأن حظر توريد السلاح إلى ليبيا بحلول نهاية مارس الحالي. فيما قال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي، نهاية الأسبوع الماضي، إن التكتل سيبدأ مهمة بحرية وجوية جديدة في البحر المتوسط في أبريل المقبل، لمنع وصول مزيد من الأسلحة للطرفين المتحاربين في ليبيا. وبعد شهور من توقف الدوريات البحرية في عملية «صوفيا»، أعلن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 17 من فبراير (شباط) أنّهم اتفقوا على بدء مهمة بحرية جديدة في البحر المتوسط لمراقبة تطبيق حظر الأسلحة، الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، والذي يتم انتهاكه بشكل متكرر، ويتمثل ذلك في المهمة الجديدة التي أطلق عليها «إيرين».
ورأى الغويل أن العملية «صوفيا» فشلت في الحد من تدفق المهاجرين، لكنه تمنى أن تكون هناك مراقبة تحدّ من تدفق السلاح الذي يدخل البلاد بطرق غير مشروعة، وقال بهذا الخصوص: «نحتاج لوقفة جادة من كل الأطراف كي تسود دولة القانون في ليبيا، وتتوقف التدخلات الخارجية». وسبق أن أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً في مارس عام 2011،طالب فيه جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بـ«منع بيع أو توريد الأسلحة وما يتعلق بها إلى ليبيا، ويشمل ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية، وشبه العسكرية وقطع الغيار». كما حظر القرار أيضا على الدول شراء أي أسلحة وما يتعلق بها من ليبيا.
لكن على الرغم من القرار الدولي، فإن رئيس البعثة الأممية السابق لدى ليبيا، غسان سلامة، أكد لمجلس الأمن أن قرار حظر السلاح، الذي اتخذ خلال لقاء برلين تم اختراقه مرات عدة من طرفي الحرب.
في هذا السياق، صرح اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم «الجيش الوطني»، بأن أنقرة لم تتوقف عن دعم حكومة «الوفاق» بالسلاح بكل أنواعه؛ كما أن الحكومة من جانبها أعلنت في السابق عن تسلمها قطعا عسكرية، وأظهرت مقاطع فيديو ذلك للتأكيد على ذلك.