يعد سرطان القولون والمستقيم ثالث أكثر أنواع السرطانات شيوعاً في الولايات المتحدة وفقاً لجمعية السرطان الأميركية، ففي عام 2020 تم تشخيص 104.610 حالات جديدة من سرطان القولون و43340 حالة سرطان المستقيم في الولايات المتحدة، وتوفي 53200 شخص بسبب سرطان القولون والمستقيم في عام 2020، بما في ذلك 3640 رجلاً وامرأة تقل أعمارهم عن 50 عاماً. وسرطان القولون والمستقيم شائع عند البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً، ولكن، في السنوات الأخيرة، باتت الحالات ترتفع عند البالغين من العمر أقل من 50 عاماً، وهذا ما دعا، مؤخراً، المنظمات والجمعيات الطبية المتخصصة لإصدار دعوات لخفض سن فحص الكشف المبكر عن سرطان القولون والمستقيم من 50 إلى 45 عاماً.
تشير التقديرات حالياً إلى أن 55 المائة من حالات سرطان القولون والمستقيم يمكن الوقاية منها بسبب عوامل نمط الحياة، والتي تشمل تناول الكثير من اللحوم الحمراء والمعالجة، وعدم تناول ما يكفي من الأطعمة التي تحتوي على الألياف أو الحبوب الكاملة، أو زيادة الوزن أو السمنة، أو عدم القيام بنشاط بدني كافٍ، أو شرب الكحول وتدخين التبغ.
وتظهر الأبحاث أن اتباع التوصيات الطبية للوقاية من السرطان الصادرة عن المعهد الأميركي لأبحاث السرطان (AICR) والتي تتضمن نصائح لتناول الطعام الصحي والعيش حياة نشطة والحفاظ على وزن صحي يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالسرطان.
وقد أطلق المعهد الأميركي لأبحاث السرطان (American Institute for Cancer Research، AICR) مبادرة «تحرك أكثر واجلس أقل» (Sit Less، Move More) على موقعه في 12 يوليو (حزيران) 2021 بناء على نتائج عدد من الدراسات المتخصصة التي دعمها الصندوق العالمي لأبحاث السرطان (WCRF) من أجل المحافظة على نوعية حياة الناجين بعد الإصابة بالسرطان. وسوف نستعرض هنا آخر دراستين حديثتين أظهرتا أن الحد من السلوك الكسول وزيادة النشاط البدني لهما تأثير إيجابي بشكل كبير على حياة هؤلاء المرضى الناجين من سرطان القولون والمستقيم (colorectal cancer survivors).
دراسات علمية
الدراسة الأولى نشرت في مجلة الطب والعلوم والرياضة Medicine & Science in Sports & Exercise، وقد تابعت ما يقرب من 400 ناجٍ من سرطان القولون والمستقيم لمدة عامين بعد التشخيص لتقييم مدى تأثير السلوك «الكسول» والنشاط البدني «المعتدل إلى القوي» على جودة الحياة المرتبطة بالصحة والتعب. وأظهرت النتائج أن الجمع بين أسلوب حياة أقل كسلا وخمولا وممارسة المزيد من النشاط البدني أدى إلى تحسين نوعية الحياة المتعلقة بالصحة وتقليل مستويات التعب لدى هذه الفئة من المرضى.
الأهم من ذلك، أن نتائج الدراسة أظهرت أيضاً أن تقليل السلوك الكسول لفترة طويلة له تأثير إيجابي حتى بدون زيادة مستويات النشاط البدني المعتدل إلى القوي. وقد تكون هذه النتيجة ذات صلة بشكل خاص بالناجين غير القادرين على أداء أنشطة عالية الشدة (متوسطة إلى شديدة)، مثل المشي السريع أو الجري، بسبب تقدمهم في السن و/ أو الأمراض الأخرى المصاحبة. بالنسبة لأولئك الناجين، قد يكون تحولهم من نمط الكسل والخمول لأنشطة مثل الأعمال المنزلية الخفيفة أو المشي الخفيف فعالاً بشكل خاص وهدفاً مناسباً لإمكانية التدخلات مستقبلا لتعديل نمط الحياة. علاوة على ذلك، أظهرت الدراسة أن الجمع بين الجلوس بشكل أقل والتحرك أكثر كان قوياً بشكل خاص لتحسين الأداء اليومي للناجين بعد علاج السرطان.
أما الدراسة الثانية، التي مولها الصندوق العالمي لأبحاث السرطان (WCRF) بقيادة البروفسور ماتي ويجينبيرغ Matty Weijenberg ونشرت في مجلة التقارير العلمية Scientific Reports، فقد فسرت الآليات البيولوجية لنتائج الدراسة الأولى حيث وجدت مستويات أعلى من الجزيئات المضادة للالتهابات في دم الناجين من سرطان القولون والمستقيم الذين لديهم مستويات أعلى من الأنشطة البدنية (متوسطة – قوية). يمكن أن يفسر هذا الآثار المعززة للصحة للنشاط البدني في الناجين من سرطان القولون والمستقيم ويدعم اندماجها المستقبلي في رعاية ما بعد العلاج في هذه الفئة من المرضى.
قال الدكتور نايجل بروكتون، نائب رئيس قسم الأبحاث في المعهد الأميركي لأبحاث السرطان، إن ممارسة النشاط البدني كجزء من الحياة اليومية هي واحدة من توصيات AICR العشر للوقاية من السرطان. وهذا البحث الثاني يضيف إلى الأدلة المحدثة على أن جعل النشاط البدني جزءاً من الحياة اليومية وتقليل وقت الجلوس، يمكن أن يساعد في نوعية الحياة، حقاً، بعد التشخيص. هذه تغييرات صغيرة وواقعية يمكن للناس التركيز عليها للتحرك أكثر والجلوس أقل لتحسين نوعية الحياة بشكل كبير وتقليل التعب بعد تشخيص الإصابة بمرض ما عضال كالسرطان.
وعلق الباحث في نفس الدراسة، الدكتور مارتين بورز من جامعة ماستريخت على هذه النتائج بأننا نعيش في عصر يمثل ثورة في أبحاث سرطان القولون والمستقيم، حيث نرى عدداً متزايداً من الأشخاص الذين نجوا من المرض. ولكن وفي نفس الوقت فمن الشائع رؤية مشاكل صحية طويلة الأمد تتعلق بتشخيص وعلاج السرطان، على سبيل المثال، التعب وتلف الأعصاب بعد العلاج الكيميائي، والذي يمكن أن يكون له تأثير سلبي على الأداء اليومي ونوعية الحياة. وأضاف أننا نحتاج إلى إجراء المزيد من الدراسات الاستقصائية لتأكيد هذه النتائج، مؤكدا على أن هذا البحث الأخير يشير إلى أنه من خلال النشاط البدني وتقليل مقدار الوقت المستغرق في الجلوس، قد نتمكن من تقليل تأثير هذه المشاكل الصحية طويلة الأمد وتحسين الأداء اليومي ونوعية حياة الناجين من مرض السرطان.
تقليل مخاطر السرطان
تساعد أداة فحص السرطان الصادرة من المعهد الأميركي لأبحاث السرطان AICR وتوصيات الوقاية من السرطان الأشخاص على فهم التغيرات التي يمكنهم إجراؤها لتقليل مخاطر الإصابة بالسرطان. وبناءً على أحدث الأبحاث العلمية، فإن هذه التوصيات عملية وسهلة الفهم.
وبالنسبة لأدوات تحديد مدى تعرضك أو وقايتك من خطر السرطان، تشير التقارير إلى أن 1 من كل 6 وفيات كل عام، في جميع أنحاء العالم، هي بسبب السرطان. فهل ستفعل كل ما بوسعك لحماية نفسك من السرطان؟ إن الخيارات التي نتخذها كل يوم يمكن أن تساعدنا في تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان. ومنها فحص صحة السرطان الجديد الذي أصدره المعهد الأميركي لأبحاث السرطان كما سيساعد في معرفة المزيد من الخيارات وكيف يمكن تطبيقها، كالتالي:
– التعرف على تركيبة الجسم من حيث الطول والوزن، والنشاط البدني كل أسبوع.
– كم تستهلك (عدد الأكواب) كل يوم من الخضراوات؟ أمثلة: الخضراوات الورقية، البروكلي، الفاصوليا، الفلفل الحلو، الجزر (طازجاً، أو مجمداً، أو معلباً). ومن الفواكه؟ أمثلة: التفاح، الكمثرى، الموز، التوت، البرتقال/ الحمضيات (طازجة، أو مجمدة، أو معلبة).
– كم مرة تأكل الحبوب الكاملة: يوميا أم أسبوعيا؟ أمثلة: خبز القمح الكامل، الكينوا، الأرز البني، الشوفان الكامل، رقائق الذرة، حبوب القمح الكامل، مقرمشات القمح الكامل.
– كم عدد حصص اللحوم الحمراء (لحم البقر والضأن) التي تتناولها كل أسبوع؟ وكم مرة تأكل اللحوم المعالجة أو المصنعة (سجق، لحم مقدد، نقانق، سلامي، لحوم معلبة)؟
– كم مرة تأكل المنتجات المحتوية على السكر والدهون كل أسبوع؟ الأغذية المصنعة مثل (الكعك والمعجنات والحلوى والأطعمة السريعة المقلية والبطاطا المقلية ورقائق البطاطا)، المشروبات السكرية مثل (مشروبات غير حمية (دايت)، مشروبات رياضية، مشروبات قهوة/ شاي محلاة بالسكر).
– كم عدد المشروبات الكحولية التي تتناولها كل أسبوع؟ مثل البيرة والنبيذ والمشروبات الكحولية ومبردات الكحول.
– أسلوب الحياة: هل تدخن؟ كم مرة تعرض نفسك للشمس؟
10 توصيات للوقاية من السرطان
> قام كل من المعهد الأميركي لأبحاث السرطان AICR والصندوق العالمي لأبحاث السرطان (WCRF) بتحليل الأدلة العلمية من جميع أنحاء العالم وترجما النتائج إلى توصيات «عشر» عملية وسهلة المتابعة للوقاية من السرطان، تهدف إلى تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان من خلال مساعدة الناس على الحفاظ على وزن صحي واعتماد أنماط صحية من الأكل والشرب والنشاط البدني طوال الحياة. تشمل التوصيات ما يلي:
– كن ذا وزن صحي: حافظ على وزنك ضمن النطاق الصحي وتجنب زيادة الوزن في مرحلة البلوغ. إن الأدلة التي تربط بين بدانة الجسم والسرطان ساحقة وازدادت قوة خلال العقد الماضي.
– كن نشيطاً بدنياً: وبانتظام كجزء من الحياة اليومية. إن المشي لفترة أطول والجلوس أقل يعد طريقة رائعة لتقليل مخاطر الإصابة بالسرطان. كلما كنت أكثر نشاطاً، زادت الفائدة.
– اتبع نظاماً غذائياً صحياً: يكون غنياً بالحبوب الكاملة والخضراوات والفواكه والفاصوليا. اجعل الحبوب الكاملة والخضراوات والفواكه والبقول (البقوليات) مثل الفول والعدس جزءاً رئيسياً من نظامك الغذائي العادي. يرتبط النمط الصحي للأكل والشرب بانخفاض خطر الإصابة بالسرطان. تظهر الدراسات المستقلة أنه كلما اتبعت التوصيات الطبية عن كثب، كلما قللت من خطر الإصابة بالسرطان.
– الحد من استهلاك الأطعمة السريعة: والأطعمة المصنعة الأخرى التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو النشويات أو السكريات، فالحد من هذه المنتجات يساعد على التحكم في كمية السعرات الحرارية التي تتناولها ويجعل من السهل الحفاظ على وزن صحي. هناك أدلة قوية على أن الأنظمة الغذائية التي تحتوي على كميات أكبر من «الأطعمة السريعة» والأطعمة المصنعة الأخرى التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون أو النشويات أو السكريات هي سبب في زيادة الوزن والسمنة. زيادة الدهون في الجسم هي سبب حدوث (12) سرطاناً.
– الحد من استهلاك اللحوم الحمراء والمعالجة: لا تأكل أكثر من كميات معتدلة (12 – 18 أونصة – أي 370 – 560 غراما – في الأسبوع) من اللحوم الحمراء، مثل لحم البقر ولحم الضأن. تناول القليل من اللحوم المصنعة، إن رغبت. هناك أدلة قوية على أن تناول اللحوم الحمراء أو المصنعة هما سببان لسرطان القولون والمستقيم.
– قلل من استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر: اشرب في الغالب الماء والمشروبات غير المحلاة. هناك أدلة قوية على أن شرب المشروبات المحلاة بالسكر بانتظام هو سبب لزيادة الوزن والسمنة وتراكم الدهون. زيادة الدهون في الجسم سبب لما لا يقل عن 12 سرطاناً.
– عدم شرب الكحول: وليس الحد منه فقط، فالأدلة قوية على أن الكحول يسبب ستة أنواع من السرطان، وحتى قدح صغير من الكحول في اليوم يمكن أن يزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
– لا تستخدم المكملات الغذائية كوسيلة للوقاية من السرطان: بل لبِّ احتياجاتك الغذائية من خلال النظام الغذائي الصحي وحده.
– للأمهات، أرضعي طفلك رضاعة طبيعية: فهي جيدة لكل من الأم والطفل بما تحمل العديد من الفوائد الصحية والنفسية، بما فيها القدرة على تقليل فرص الإصابة بسرطان الثدي.
– بعد تشخيص الإصابة بالسرطان: اتبع التوصيات الطبية قدر الإمكان، وداوم على المتابعة مع طبيبك حول كل ما هو مناسب لك.
والإجابة على هذه الأسئلة ستحدد مدى استعداداتك الوقائية من خطر السرطان.
* استشاري طب المجتمع