بينما تتسارع وتيرة الأحداث بأفغانستان في أعقاب سيطرة حركة طالبان على مقاليد الأمور، يتابع العالم عن كثب قدرة الحركة على إدارة اقتصاد البلاد البالغ حجمه نحو 22 مليار دولار والتي تزخر بثروات طبيعية هائلة لطالما لفتت الأنظار إليها.
وفي الوقت الذي جمدت فيه الولايات المتحدة أصولا للبنك المركزي الأفغاني بنحو 9.5 مليار دولار وأوقفت الحكومات الأوروبية أي تعاون اقتصادي مع أفغانستان، غير أن الصين أبدت رغبتها في تعزيز تعاونها الاقتصادي مع طالبان.
وتستثمر الصين في عدد من المشاريع في أفغانستان حتى في وقت الهيمنة الأميركية عليها في الوقت الذي أعربت فيه بكين عن رغبتها في زيادة استثماراتها في قطاع التعدين الذي تقدر ثروته بما لا يقل عن تريليون دولار.
استثمارات صينية
ولدى الصين أحد أكبر مشاريع استخراج النحاس في البلاد والذي قدمت له البنوك الصينية تسهيلات تمويلية وتبلغ قيمته نحو 2.8 مليار دولار، بحسب تقرير لوكالة بلومبرغ.
غير أن خطوات الصين في أفغانستان تلك المرة ربما ستتسم بالحذر الشديد مع مخاوف أمنية لدى بكين وأخرى متعلقة بتكرار تجربة فنزويلا المريرة حينما سارعت البنوك الصينية إلى توفير السيولة والتوسع في البلد اللاتيني.
وانتهت التجربة الصينية في فنزويلا بنتيجة مريرة إذ كانت نتيجة التوسع غير المحسوب تعثر غير مسبوق على نطاق واسع واضطرار البنوك الصينية في نهاية المطاف إلى تجديد القروض وإعادة جدولتها حتى لا يتم شطبها.
ورغم تلك المخاوف، فإن الشركات الصينية ستعمل على توسيع نطاق استثماراتها في كابول وقنص فرص استثمارية في اقتصاد خصب ربما تنعدم المنافسة فيه وسط توقعات باختفاء تام للشركات الأوروبية والأميركية التي تتبع سياسات حكوماتها.
روسيا في الواجهة
وتصنف روسيا هي الأخرى على كونها شريك اقتصادي محتمل لحركة طالبان بعد اختفاء الولايات المتحدة من المشهد إذ تتأهب الشركات الروسية للاستثمار في قطاع البنية التحتية والتعدين وسط فرصا هائلة يوفرها البلد الآسيوي الذي بات بين ليلة وضحاها في قبضة حركة طالبان.
وأبدت موسكو رغبتها في تعاون وثيق مع الحركة بعد سيطرتها على مقاليد الأمور في البلاد وتعهدت بتقديم الدعم اللازم لها مع رغبتها في تعزيز تواجدها داخل أفغانستان وتوقعات بتعاون وثيق مع بكين في هذا الملف في مواجهة الولايات المتحدة.
القدرة على الإدارة
قبل نحو 20 عاما من الآن وقبل الإطاحة بحركة طالبان من الحكم، كان البلد الآسيوي يعاني من صعوبات اقتصادية جمة تتعلق بعدم القدرة على الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة التي تزخر بها البلاد مع ارتفاع مستويات الفقر وتفشي البطالة.
واليوم وبعد العودة إلى المشهد مجددا، تتجدد المخاوف المتعلقة بقدرة الحركة على إدارة اقتصاد البلاد الذي نما على نحو مطرد منذ خروجها من المشهد قبل عقدين من الزمان.
ويشير تقرير لوكالة بلومبرغ إلى أن قدرة الحركة على إدارة اقتصاد البلاد تبقى محل شك بالنظر إلى أن حجم الإيرادات التي تديرها الحركة سنويا يقدر بنحو مليار دولار فقط أي أن حجم اقتصاد البلاد الحالي أكبر منها بنحو 20 ضعفا وهو أمر ربما يثير القلق لدى الشركات الراغبة في الدخول إلى السوق الأفغاني.