وسط استمرار الهجمات الحوثية على مناطق متفرقة من محافظة مأرب (شرق صنعاء) وثقت تقارير إنسانية نزوح مئات العائلات هربا من القصف الحوثي والصاروخي لا سيما في جنوب المحافظة، فيما طالبت الحكومة الشرعية المجتمع الدولي بموقف حازم لوقف التصعيد وإرغام الميليشيات على السلام.
هذه التطورات جاءت في وقت بدأ فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرع مهمته رسميا على أمل أن ينجح في تحقيق ما أخفق فيه المبعوثون الثلاثة السابقون، لجهة إحلال سلام مستدام يطوي صفحة الأزمة اليمنية المتفاقمة للسنة السابعة.
وذكرت المصادر الرسمية أن رئيس الحكومة معين عبد الملك ناقش في الرياض أمس (الأحد) مع السفير الفرنسي لدى بلاده جان ماري صفا، «المستجدات الجارية في إطار الموقف الدولي الموحد للوصول إلى حل سياسي، ودعم المبعوث الأممي الجديد لإنجاز مهمته بما يؤدي إلى إحلال السلام ووضع حد لمعاناة اليمنيين، والتنسيق المشترك في هذا الجانب بما في ذلك الضغط على ميليشيا الحوثي الانقلابية وداعميها في طهران لوقف هجماتها على المدنيين والنازحين في مأرب واستهداف الأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية».
ونقلت وكالة «سبأ» أن عبد الملك «جدد حرص الحكومة الشرعية على السلام وحقن دماء اليمنيين، وأشار إلى ما قدمته من تنازلات في سبيل ذلك يقابلها في كل مرة تعنت ورفض ميليشيا الحوثي بتوجيهات من داعميها في إيران. واتهم رئيس الحكومة اليمنية طهران بأنها «كانت ولا تزال سبب أساسي في الدمار والخراب الذي لحق باليمن وما يعانيه من نزيف مستمر في الدماء ومن الكارثة الإنسانية الأسوأ في العالم.
وقال عبد الملك إن «التصعيد العسكري للحوثيين واستهداف المدنيين والنازحين والأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية، مؤشر على مضي هذه الميليشيا في حربها وعدم انصياعها لخيار السلام، ما يتطلب موقفا دوليا حازما وواضحا».
ووفق ما ذكرته المصادر الرسمية أشار عبد الملك إلى التطورات الجارية على صعيد استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وعودة الحكومة بكامل قوامها لممارسة مهامها في الداخل، والخطط القائمة للاهتمام بالوضع الاقتصادي والخدمي، وتخفيف معاناة المواطنين، والدعم الدولي المطلوب للإسهام في إنجاح عمل الحكومة، مؤكدا أن الأخيرة ماضية بالتوازي مع معركتها العسكرية لاستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، في خطتها لتنفيذ الإصلاحات ومكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة والحفاظ عليها.
ونسبت وكالة «سبأ» للسفير الفرنسي أنه جدد «موقف بلاده الداعم والمؤيد للحكومة اليمنية الشرعية، وحرصها على إنجاح مهمة المبعوث الأممي الجديد، بما يؤدي إلى الحل السياسي وإنهاء الحرب».
على الصعيد الميداني، أفادت مصادر ميدانية باستمرار الميليشيات الحوثية في تصعيدها الذي استأنفته منذ نحو أسبوع في مختلف جبهات محافظة مأرب، مع استمرار تدفق النازحين هربا من القذائف والصواريخ لا سيما من القرى في مناطق مديرية رحبة.
وتقول المصادر إن قوات الجيش والمقاومة الشعبية أفشلت محاولات هجومية لميليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران، غرب محافظة مأرب، عندما حاولت مجاميع من عناصر الميليشيا الحوثية، التقدم باتجاه مواقع في جبهة المشجح.
وبحسب ما نقله الموقع الرسمي للجيش، أسفر الاستهداف «عن مصرع وجرح عدد من تلك العناصر، فيما لاذ من نجا منهم بالفرار، بالتزامن مع قيام مدفعية الجيش، باستهداف تعزيزات الميليشيا القادمة إلى منطقة المواجهات، وتدمير عدد من الآليات القتالية والعربات، ومصرع من كان على متنها».
وذكر الموقع العسكري أن مقاتلات تحالف دعم الشرعية استهدفت بعدة غارات مواقع وتجمعات متفرقة للميليشيا المتمردة، في محيط محافظة مأرب، وكبدتها خسائر في الأرواح والعتاد.
في السياق نفسه كان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أجرى اتصالا هاتفيا بمحافظ مأرب سلطان العرادة للوقوف على التطورات الميدانية والعسكرية، بما في ذلك قصف الحوثيين للأعيان والمنازل والأسر والأبرياء ومناطق النزوح.
ونقلت المصادر الرسمية أن هادي «أشاد بانتصارات الجيش والمقاومة في معارك التحرير التي تستهدف استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، وأكد على قدرة وتلاحم الشعب في جميع المحافظات، وفي مقدمها مأرب، على تحقيق النصر على ميليشيات الحوثي الإيرانية، بدعم وإسناد من دول تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية».
في غضون ذلك تواصلت عمليات نزوح الأسر هربا من الهجمات الحوثية بالصواريخ والقذائف في جنوب مأرب، حيث أفادت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب (حكومية) بأن رصدت انتهاكات جسيمة نفذتها ميليشيا الحوثي بحق النازحين والمجتمع المضيف في مديرية رحبة.
وطبقا لبيان الوحدة التنفيذية فإن مديرية رحبة تعرضت إلى عمليات قصف ممنهجة ومتعمدة من قبل الحوثيين، ونتج عن القصف إصابات في أوساط النازحين والمجتمع المضيف وتدمير ممتلكاتهم ومساكنهم، في حين بلغ عدد الأسر النازحة أكثر من 260 أسرة، في وقت دمرت فيه قذائف الميليشيات عشرات المنازل.
وأدى القصف الحوثي – بحسب البيان – على المناطق السكنية إلى إحراق وتدمير 28 منزلاً ومقتل مدنيين اثنين بينهم مسن يبلغ 75 عاما، وإصابة 9 مدنيين بينهم 5 نساء وطفل.
كما تسبب القصف على مناطق النازحين والمدنيين إلى مقتل مدنيين اثنين وإصابة 12 شخصاً بينهم أربع نساء، وفق ما ذكرته الوحدة المعنية بشؤون النازحين، التي دعت إلى توثيق كل الانتهاكات بحق النازحين من المدنيين والنساء والأطفال قانونيا ورفع قضايا جنائية ضد مرتكبيها ومحاكمتهم وإدراجهم ضمن قوائم مجرمي الحرب، وإلى تعويض النازحين وحمايتهم من أي انتهاكات أخرى قد ترتكب بحقهم.
وشهدت الأيام الماضية قيام الميليشيات الحوثية بتكثيف هجماتها على محافظة مأرب بخاصة في جبهة مديرية رحبة جنوب المحافظة في مناطق الكسارة والمشجح في الغرب مع استمرار الهجمات في المناطق المتاخمة من محافظة الجوف المجاورة.
وفي خُطبه الأخيرة كان زعيم الميليشيات الحوثية طلب من أنصاره الدفع بالمزيد من المقاتلين باتجاه مأرب حيث يرى أن السيطرة عليها ستمكنه من تعزيز الموارد المالية للإنفاق على المجهود الحربي وشراء الولاءات، إضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لموقع المحافظة التي تجاور شبوة وحضرموت النفطيتين.