شددت الحكومة اليمنية على ضرورة قيام المجتمع الدولي بالضغط على الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران لوقف التصعيد وتجاوز حالة الانسداد السياسي وإرغامها على القبول بمبادرات إحلال السلام.
تصريحات الحكومة اليمنية جاءت على لسان وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور أحمد بن مبارك خلال لقائه وزيرة الدولة بمكتب رئيس الوزراء السويدي كارين والنستين في استوكهولم أمس، وذلك ضمن جولته الأوروبية التي شملت قبل ذلك النرويج وهولندا.
وذكرت المصادر الرسمية اليمنية، أن بن مبارك ناقش مع الوزير السويدية مستجدات عملية السلام والدور المعول عليه من الفاعلين الدوليين للمساهمة في الدفع قدماً بعملية السلام، وتجاوز حالة الانسداد السياسي الناتجة من تعنت ميليشيا الحوثي ورفضها لجهود ومبادرات إحلال السلام.
وسلط وزير الخارجية وشؤون المغتربين في الحكومة اليمنية الضوء على الأوضاع التي تعيشها بلاده في الجوانب السياسية والإنسانية والاقتصادية والأمنية كافة، ونقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) قوله «إن تحقيق السلام يتطلب بذل جهود استثنائية من كل الدول الفاعلة والمعنية باستعادة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة، من خلال وضع حد لمماطلة ميليشيا الحوثي وعرقلتها للعملية السياسية وتعمدها إطالة أمد الحرب دون أي اعتبار للمعاناة الإنسانية الناتجة منها». وأكد بن مبارك على أهمية الشراكة الكاملة مع الحكومة اليمنية لتحقيق نتائج ملموسة في العملية السياسية، منوهاً بأهمية الدعم السياسي والاقتصادي للمساعدة في الوصول لتسوية سياسية وتحقيق سلام مستدام.
ونقلت المصادر الرسمية، أن الوزير اليمني تطرق إلى اتفاق استوكهولم والتحديات والمعوقات التي واجهت تنفيذه خلال الفترة الماضية، «والناتجة من تعنت الميليشيات الانقلابية في التنفيذ»، مشدداً على ضرورة نقل مقر البعثة الأممية (أونهما) من مناطق سيطرة الحوثيين إلى منطقة محايدة لتمكينها من القيام بمهامها بعيداً عن الضغوط والاستفزازات التي تمارسها الميليشيات.
في السياق نفسه، بحث بن مبارك مع وزير التعاون التنموي في السويد بير أولسون فريد «آليات التعاون في الجوانب التنموية وتطورات الأوضاع السياسية والإنسانية في اليمن والاحتياجات الحيوية لإنعاش الاقتصاد وتحسين المستوى المعيشي». ونقلت المصادر الرسمية عن الوزير، أنه أكد «على أهمية التركيز على دعم المشاريع التنموية إلى جانب الدعم الإنساني من أجل المساعدة على التعافي الاقتصادي وخلق فرص جديدة تساعد على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن اليمني».
وكان بن مبارك تطرق خلال زيارته إلى هولندا إلى الدور الإيراني التخريبي في بلاده، موضحاً بأن ارتباط ميليشيا الحوثي بالأجندة الإيرانية الهادفة لزعزعة أمن واستقرار اليمن والمنطقة العربية عقّد المشكلة وتسبب في إطالة أمد الحرب، مؤكداً حرص الحكومة على تقديم الدعم الكامل للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة هانس غروندبرغ، والاستعداد للعمل معه للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار كأهم خطوة إنسانية ستساعد على معالجة جميع القضايا الأخرى الإنسانية والسياسية والاقتصادية.
كما تطرق إلى الوضع الإنساني في اليمن وأهمية العمل على معالجة الفجوة في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية، داعياً إلى التركيز على دعم القطاعات التنموية بشراكة كاملة مع الحكومة، وأشار إلى استمرار العدوان الحوثي العبثي على محافظة مأرب والتداعيات الإنسانية لذلك العدوان واستهداف الميليشيا للمناطق السكنية ومخيمات النازحين، وتجنيد الأطفال والمهاجرين غير الشرعيين.
واتهم وزير الخارجية اليمني الميليشيات الحوثية بأنها «هي من اختلقت أزمة المشتقات النفطية بمنعها لرجال الأعمال في المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها من اتباع الإجراءات القانونية وإنشائها للسوق السوداء على نطاق واسع لبيع الوقود بأسعار مضاعفة للتربح وتمويل عدوانها على اليمنيين، ونهبها للعائدات الضريبية من المشتقات النفطية المخصصة لدفع رواتب الموظفين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها».
وبخصوص الأمن الملاحي والبيئي في البحر الأحمر، شدد بن مبارك «على أهمية وضع حد للتهديدات التي تشكلها ميليشيا الحوثي لأمن البحر الأحمر، سواء من خلال نشر الألغام البحرية بشكل عشوائي واستهداف السفن بالقوارب المسيرة، أو من خلال استمرار المماطلة في الاستجابة لدعوات المجتمع الدولي لنزع فتيل كارثة بيئية وإنسانية كبرى تلوح في الأفق والمتمثلة في الخطر الوشيك لخزان النفط (صافر)».
وفي تعليقه على جولة وزير الخارجية الأوروبية، اعتبر راجح بادي، المتحدث باسم الحكومة اليمنية، أن الزيارة تبرز الدور المتنامي للدبلوماسية اليمنية منذ قدوم الوزير الحالي أحمد بن مبارك. وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الزيارة تأتي لحشد الدعم من دول الاتحاد الأوروبي للشرعية اليمنية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتوضيح وجهة نظر الشرعية تجاه الكثير من القضايا». وتابع «هذه الزيارة استمرار للزيارات السابقة التي قام بها وزير الخارجية وشؤون المغتربين لدول مجلس التعاون الخليجي، ثم روسيا ومصر وعدد من الدول المؤثرة، الجميع يلاحظ الدبلوماسية اليمنية وفاعليتها في الفترة الأخيرة».
وبحسب المتحدث باسم الحكومة اليمنية، فإن «النتائج الأولية لزيارات بن مبارك المكوكية للاتحاد الأوروبي جيدة، حيث أبدت هذه الدول تفهماً كبيراً لمواقف الشرعية وعبّرت عن إدانتها للتصعيد الحوثي، سواء في مأرب أو استمرار قصف الأعيان المدنية في السعودية، كما أن الهولنديين أبدوا استعداداهم للمساهمة في حل قضية الناقلة صافر التي تهدد الملاحة البحرية والسواحل اليمنية».