أنهى، أمس، جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، زيارة إلى تونس، ناقش خلالها تطورات الوضع السياسي مع الرئيس قيس سعيد وطالبه بعودة المسار الديموقراطي.
تأتي هذه الزيارة بعد زيارة مماثلة لوفد أميركي رفيع المستوى إلى تونس، وبيان سفراء مجموعة الدول السبع، اللذين طالبا بالإسراع بتشكيل حكومة جديدة، وتحديد توجه سياسي واضح، في ظل تنامي الضغوط الداخلية المطالبة بدورها بإجلاء حالة الغموض السياسي.
والتقى بوريل خلال هذه الزيارة الرسمية بممثلي الهيئات الدستورية المستقلة، خصوصاً الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ومنظمات المجتمع المدني، وفاعلين سياسيين، في مقدمتهم أحمد نجيب الشابي، الذي دعا الرئيس سعيد إلى إجلاء الغموض، وتجاوز حالة الضبابية التي سيطرت على المشهد السياسي التونسي بعد 25 يوليو (تموز) الماضي؛ تاريخ تجميد البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، إضافة إلى إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي.
في السياق ذاته، التقى بوريل خلال اليوم الأول من الزيارة نادية عكاشة، مديرة ديوان رئيس الجمهورية المقربة من الرئيس سعيد، وسهام البوغديري المكلفة بتسيير وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار، قبل لقائه رئيس الجمهورية.
في غضون ذلك، طالب حزب التيار الديمقراطي، الحزب الثالث في البرلمان، أمس، الرئيس سعيد بإبقاء العمل بالدستور الحالي، ووضع حد لاحتكاره المستمر للسلطات منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 من يوليو الماضي.
ويأتي موقف الحزب، الذي كان يعد حليفاً لسعيد، في أعقاب تصريحات أطلقها مستشار في القصر الرئاسي، أمس، قال فيها إن هناك توجهاً لإلغاء الدستور الحالي وتغيير النظام السياسي. وهي خطوة متوقعة على نطاق واسع، ولمح إليها الرئيس سعيد في عدد من خطاباته، لكنه لم يطرحها بشكل صريح، كما لم يعرض حتى اليوم خططه للإصلاحات السياسية وإدارة البلاد في المرحلة المقبلة.
وطالب «التيار الديمقراطي»، الرئيس، بتوضيح موقفه، والالتزام بالعمل بفصول الدستور الحالي، مثلما تعهد بذلك في كلمته للشعب يوم 25 من يوليو الماضي، و«وضع حد لاحتكاره السلطات خارج أي سلطة رقابية تعديلية».
وانتقد الحزب، في بيان، ما اعتبره «ضبابية تعتمدها الرئاسة التونسية، ومقاطعتها للإعلام والشركاء الوطنيين». وقال إن الأزمة «لا ترتبط بالدستور، وإنما بتفشي الفساد في أجهزة الدولة».
ويتهم خصوم الرئيس بتدبيره انقلاباً على الدستور بقراره تجميد البرلمان. لكن سعيد يؤكد أنه اعتمد صلاحيات يخولها الدستور لحماية الدولة من «خطر داهم». كما تعهد بالحفاظ على الديمقراطية وحماية الحقوق والحريات.
من جهته، عرض «الحزب الدستوري الحر»، المحسوب على المعارضة، على الرئيس سعيد، أمس، تعاونه لتسهيل حل البرلمان دستورياً.
وقال الحزب، الذي يمثل الكتلة الخامسة في البرلمان، إنه مستعد للتعاون مع الرئيس لمنح توقيعات نوابه من أجل تسهيل أي آلية دستورية، تؤدي إلى حل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات مبكرة في الآجال القانونية.
وبرر «الدستوري الحر» خطوته الداعمة لسعيد بـ«الحفاظ على مؤسسات الدولة، ودرءاً لكل المخاطر، واستجابة لمطالب الشعب التونسي في التخلص من المنظومة الحالية المدمرة. لكن الحزب انتقد الرئيس قيس سعيد، لعدم طرحه برنامجه على مكونات المجتمع ووسائل الإعلام، والشعب التونسي بشكل مباشر وشفاف، موضحاً: «أنه يرفض بشكل مطلق كل خريطة طريق لا تحترم الآليات الدستورية، وتؤدي إلى المساس بشرعية رئيس الجمهورية، الضامن للدولة واستقلالها واستمراريتها، وتزج بالبلاد نحو المجهول».