احتفل العالم يوم الثلاثاء الماضي، باليوم العالمي لالتهاب الجلد التأتبي أو «الإكزيما التأتبية»، الذي يحل في يوم الرابع عشر من شهر سبتمبر (أيلول) من كل عام، ما يعكس أهمية التعريف بهذا المرض وطرق مكافحته وحسن إدارة علاجه، فهناك نسب عالية من الأطفال ومن البالغين في جميع أنحاء العالم مصابون بهذا المرض. ويعاني منه نحو 26 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها (9.6 مليون طفل، 16.5 مليون بالغ). وهو من أكثر أمراض الجلد المزمنة شيوعاً ويمكن أن يظهر ويختفي لسنوات أو طوال الحياة، ويمكن أن يتداخل مع أنواع أخرى من الإكزيما، كما أنه ليس له علاج شافٍ حتى الآن.
التهاب الجلد التأتبي
> ندوة طبية. أقامت الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع – فرع جدة بالتعاون مع شركة فايزر الطبية السعودية المحدودة، مؤتمراً متزامناً مع اليوم العالمي لمرض الالتهابات الجلدية «التأتبية» (Atopic Dermatitis)، للتوعية بالمرض وأسبابه وأضراره ومخاطره، لمختلف شرائح المجتمع, وفئاته العمرية المستهدفة بهذا المرض المزعج بما يسبب من أضرار جسدية ونفسية وعاطفية كبيرة قد تؤدي إلى تأثيرات سلبية في علاقاتهم الشخصية مع الآخرين وابتعاد أسرهم وأصدقائهم عنهم وفقدان المريض لعمله في بعض الحالات.
تحدث في المؤتمر نخبة متميزة من الأطباء الاستشاريين المتخصصين في هذا المجال من أكبر المستشفيات في المملكة العربية السعودية.
وحظي ملحق «صحتك» بلقاءات حصرية مع بعض المتحدثين في المؤتمر.
> الأسباب. تحدث إلى «صحتك» الدكتور عبد الله أبو عليط استشاري أمراض الجلدية وجراحة الليزر رئيس قسم الأمراض الجلدية بمستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بالمنطقة الجنوبية وعضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للأمراض الجلدية وجراحة الليزر، معرفاً المرض بأنه أحد أكثر أمراض الجلد الالتهابية المزمنة والدارجة، وعادةً ما يصيب الأشخاص من جميع الأعمار والأجناس حول العالم ويظهر على شكل طفح جلدي (أو آفات جلدية متكررة)، ويسبب الحكة وقد ينتقل أو ينتكس أو يزداد مع مرور الوقت. وقد يتجاوز هذا المرض حالة الطفح الجلدي، اعتماداً على شدة حالته، وقد يمثل حالة منهكة تؤدي إلى تعطيل حياة المرضى اليومية.
يُصيب التهاب الجلد التأتبي مئات الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وتصل نسبة المصابين به إلى 25 في المائة من البالغين ونحو 42 في المائة من الأطفال. كما أن ما يقرب من 60 في المائة من البالغين و80 في المائة من الأطفال المصابين به في جميع أنحاء العالم يعانون من الدرجة المتوسطة.
> الأعراض. يقول الدكتور عبد الله أبو عليط إن الأعراض المميزة لالتهاب الجلد التأتبي تتمثل في الحكة المرهقة، التي قد تسبب للمرضى اضطرابات في النوم، ما قد يجعلهم يشعرون بالإرهاق، وقد يكون ذلك مؤشراً على سوء الحالة الصحية.
كما تشمل الأعراض بقعاً جلدية حمراء أو وردية أو متغيرة اللون، وطفحاً جلدياً وظهور بثور أو قروح متقشرة أو «تبدو دمعية»، وبالإضافة إلى العبء الجسدي فقد يكون لالتهاب الجلد التأتبي المعتدل إلى الشديد تأثير خطير على الصحة العقلية للشخص، ما يجعل المرضى يشعرون بالحرج أو الاكتئاب أو عدم السعادة أو ضعف الثقة بالنفس.
وأشار أبو عليط إلى أهمية تتبع أي علامات متغيرة تطرأ على جلد المريض بين زيارات الطبيب، ومناقشة التأثيرات «غير المرئية» معه، وأن تشخيص هذا المرض يتم من قبل الأطباء الذين يفحصون جلد المرضى، بالإضافة إلى مراجعة تاريخهم الطبي ذي الصلة.
وعلى الرغم من عدم وجود علاج لالتهاب الجلد التأتبي فإن هناك كثيراً من الخيارات العلاجية المتاحة، وفقاً لشدة المرض مثل العلاجات الموضعية التي يتم تطبيقها مباشرة على الجلد مثل الكريمات أو المراهم والعلاجات الجهازية التي يتم تناولها على شكل أقراص أو حقن.
عوامل خطر الالتهاب
تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة مها بدير البدوي استشارية الأمراض الجلدية والتجميل بمستشفى الهدا العسكري عضو الجمعية الأوروبية والأميركية لأمراض الجلد، مؤكدة في البداية أن هذا المرض غير معدٍ، وأن العوامل المسببة غير معروفة بشكل دقيق، لكن معظم مرضاه يعانون في الغالب من جهاز مناعة أكثر حساسية من الوضع الطبيعي، بحيث يستجيب بشكل مفرط للمحفزات الخارجية والعوامل المختلفة التي تسبب فرط التحسس. يعاني غالبية المرضى من وجود تاريخ عائلي بالإصابة بأحد أنواع الحساسية، مثل: التهاب الأنف الحساس (Allergic Rhinitis)، والربو، والطفح الجلدي، وحمّى القَشّ، وحمى الكلأ أو القش (Hay fever)، وأنواع أخرى من الحساسية.
قد يسبب التهاب الجلد التأتبي كثيراً من المضاعفات، مثل تقشر وحكة جلدية مزمنة والتهابات جلدية ومشاكل في النوم.
وأضافت د. البدوي أن هناك عدداً من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي، منها:
– الضغط والتوتر.
– أصناف معينة من الغذاء، مثل: البيض، والفول السوداني، ومنتجات الحليب، والقمح، ومنتجات فول الصويا.
– المحفزات التي تثير التحسس، مثل: الغبار، أو عث الحيوانات.
– بعض أنواع الصابون ومواد التنظيف الأخرى.
– تغيرات في حالة الطقس، خصوصاً الطقس البارد والجاف.
– التهابات في الجلد.
التشخيص والعلاج
يتم التشخيص بالفحص الإكلينيكي بمعاينة طبيعة الطفح، ومعرفة التاريخ الطبي للمريض، كما يلي: هل هناك حالات تحسس (Allergy) في العائلة؟
متى ظهرت الحكة لأول مرة؟ ولتشخيص الحالة بشكل دقيق، يطلب اختصاصيّ المناعة فحوصات إضافية لتشخيص أنواع أخرى من الحساسية.
أما علاج التهاب الجلد التأتبي فتفيد الدكتورة مها البدوي بأن التهاب الجلد التأتبي يُعد حالة مرضية مزمنة ولا يوجد لها علاج بشكل تام، ولكن يمكن اتباع بعض النصائح التي يمكن من خلالها السيطرة عليه، مثل ما يأتي:
– استعمال كريمات مرطبة للجلد بشكل مستمر.
– تجنب استعمال أي مستحضرات قد تسبب حساسية أرجية (Allergic)، أو ظهور طفح، مثل: أنواع من الصابون، أو مواد التنظيف، أو فرو الحيوانات وما شابه.
– الامتناع عن حكّ الطفح قدر الإمكان، ويمكن الاستعانة بتغطية موقع الطفح بضمادة أو غيرها لمنع الحكة، كما يمكن وضع قفازات على الأيدي للأطفال لمنعهم من الحكة.
– المواظبة على تناول الأدوية التي وصفها الطبيب المعالج، وفقاً للتعليمات.
– المواظبة على الاغتسال بمياه فاترة أو باردة لفترات قصيرة قدر الإمكان.
– يمكن وصف بعض الأدوية للتخفيف من الحكّة في الحالات الحادة، وقد يتم اللجوء في بعض الحالات إلى المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية (Phototherapy – UV).
هل الوقاية من التهاب الجلد التأتبي ممكنة؟ تجيب الدكتورة مها البدوي بأن الأمر يعتمد على ما إذا كان الطفل معرضاً للإصابة بالمرض أم أنه مريض ومصاب بالمرض.
> أولاً- إذا كان الطفل معرضاً للإصابة بالتهاب الجلد التأتبي، بسبب كون أحد أفراد عائلته مصاباً بنفس هذا المرض أو بحساسيات أرجيّة أخرى، فسوف تساعد النصائح التالية في منع ظهور الطفح أو الحد منه، ومن ذلك ما يلي:
– المواظبة على تغذية الطفل بواسطة الرضاعة الطبيعية لمدة ستة أشهر على الأقل لتقوية جهاز المناعة لديه.
– التشاور مع الطبيب المعالِج بشأن النظام الغذائي الذي ينبغي على الأم المُرضعة اعتماده.
– استشارة الطبيب المعالج عن الأطعمة التي يجب على الطفل تجنبها عند بدء تناول الأغذية الصلبة، مثل: البيض، والفول السوداني، ومنتجات الحليب، ومنتجات الصويا، والقمح.
> ثانياً: إذا كان الطفل يُعاني من التهاب الجلد التأتبي، فمن الممكن السيطرة على حدة الطفح، كما يأتي:
– تجنب إصابة الجلد بالجفاف، وتُعد هذه الخطوة إجبارية لمعالجة التهاب الجلد التأتبي.
– المحافظة على رطوبة جلد الطفل بواسطة الاستحمام، واستعمال مستحضرات مرطبة للجلد.
– ينصح أن يكون الاستحمام بمياه فاترة لمدة زمنية لا تزيد على 3 أو 5 دقائق.
– الامتناع عن استعمال مستحلبات أو زيوت للحمام، واستعمال الصابون فقط في منطقة الإبطين، والأربية، والرجلين.
– تجنب لمس أو شمّ المواد التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور الطفح أو تزيد من حدته.
– تجنب التعرض للمواد المثيرة للتحسس الأرجيّ التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور الطفح أو تفاقم حدته، مثل: عث الغبار، وفرو الحيوانات، وبعض أنواع الأطعمة.
– تجنب حك المنطقة المصابة، والمواظبة على قص الأظافر وبردها لتلافي جرح الجلد.