التغيرات حول العين وداخلها -التي يكون بعضها مرئياً من خلال اختبارات خاصة فقط- قد تكون نذيراً لأمراض القلب.
هل العيون نافذة على القلب والروح؟ تشير رؤى جديدة وملاحظات قديمة، إلى أن الإجابة «نعم».
تغيرات العين المفاجئة
يمكن أن تشكل التغيرات المفاجئة في الرؤية مثل الضبابية أو ظهور مناطق مظلمة أو الظلال، نتاجاً لانسداد في أحد الأوعية الدموية بالعين، الأمر الذي قد ينذر بسكتة دماغية أكثر خطورة. وتشير دلائل متزايدة إلى أن التلف المبكر الصغير للأوعية الدموية الدقيقة في العين قد ينبئ بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ويمكن أن تكون تغييرات أخرى غير معتادة في العين أيضاً مؤشرات على مشكلات قلبية محتملة، مثل ظهور نتوءات صغيرة صفراء حول العينين، أو اتساع وضيق بؤبؤ العين مع نبضات القلب.
• بؤبؤ عين نابض وتسريب بصمام القلب: عندما لا ينغلق الصمام الأبهري للقلب بإحكام (حالة تسمى قلس «أو قصور» الأبهر aortic regurgitation)، تتسرب كميات صغيرة من الدم إلى داخل القلب، بدلاً من ضخها في الجسم. وعادةً ما تتضمن الأعراض الإرهاق وضيق التنفس.
في الحالات الشديدة، هناك علامة أخرى محتملة تتمثل في ظاهرة بالعين نادراً ما جرى توثيقها: اتساع بؤبؤ العين وانقباضه بالتزامن مع ضربات القلب. وأُطلق على هذه الظاهرة اسم «علامة لاندولفيLandolfi›s sign »، ذلك أن وصفها للمرة الأولى جاء على يد الطبيب الإيطالي ميشيل لاندولفي في عام 1909.
بالمقارنة مع الأشخاص الذين يتمتعون بقلوب طبيعية، فإن الأشخاص الذين يعانون من قلس الأبهر لديهم ضغط نبضي واسع، ما يعني وجود فارق كبير على نحو غير عادي بين الرقمين الأساسيين في قراءات ضغط الدم (أي الأرقام الانقباضية والانبساطية). وعليه، تعكس نبضات الحدقة هذه التقلبات الكبيرة في الضغط.
تغيرات الشبكية
• التغيرات في شبكية العين وعلاقتها بصحة القلب: تزود شبكة من الأوعية الدموية كل منها لا يزيد عرضه على شعرة، الشبكية بالدم، وهي النسيج الحساس للضوء القابع في الجزء الخلفي من مقلة العين. في هذا الصدد، أوضح الدكتور نيمش باتيل، طبيب العيون المتخصص في اضطرابات الشبكية في مستشفى ماساتشوستس للعيون والأذن التابع لجامعة هارفارد: «مثلما الحال مع الشرايين في جميع أنحاء الجسم، يمكن أن تتضرر هذه الأوعية الدقيقة بسبب الأمراض المزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم».
بمرور الوقت، يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم (السمة المميزة لمرض السكري) إلى ضعف جدران الأوعية التي تغذي الشبكية وتسرب السوائل إلى الأنسجة المحيطة. ويمكن أن تتفاقم هذه الحالة، المسماة «اعتلال الشبكية السكري diabetic retinopathy»، ما يتسبب في مزيد من الضرر الذي قد يضعف الرؤية. ويمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم الذي يجري التحكم فيه على نحو رديء إلى تضييق أو تمزق شرايين الشبكية وحدوث نزيف بها.
وفي حين أن كلاً من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم من العوامل المعروفة المساهمة في الإصابة بأمراض القلب، فإن الكثيرين ربما لا يدركون أنهم يعانون أياً من هاتين الحالتين إذا لم يكونوا قد خضعوا لفحص من طبيب رعاية أولية منذ سنوات، حسبما أوضح د. باتيل.
وأضاف باتيل: «في بعض الأحيان، يأتي إلينا المرضى وهم يعانون من مشكلات في الرؤية وتكشف صورة الشبكية أو فحصها، قطعة من اللويحات تسد الشريان في الشبكية».
وتُعرف هذه الحالة باسم «انسداد الشريان الشبكي retinal artery occlusion»، وتنبئ بارتفاع خطر الإصابة بسكتة دماغية في الدماغ. وقد تتكون جلطات الدم كذلك داخل الأوردة التي تنقل الدم بعيداً عن شبكية العين. ويشار إلى كلتا الحالتين -الشريان الشبكي أو انسداد الوريد- بالسكتات الدماغية العينية.
ويحتاج الأشخاص الذين يعانون من سكتات دماغية إلى مزيد من الاختبارات، بما في ذلك الموجات فوق الصوتية للرقبة للتحقق من تراكم الترسبات الدهنية داخل الشرايين السباتية والقلب للتحقق من وجود جلطات دموية.
وفي سياق متصل، قد تنبئ التغييرات الأكثر دقة في صور شبكية العين بمشكلات محتملة في القلب مستقبلاً. ومن خلال تحليل الصور باستخدام نظم التعلم الآلي (جنباً إلى جنب مع البيانات الصحية مثل العمر وضغط الدم)، تمكنت عدة فرق من الباحثين من إنشاء خوارزميات للتنبؤ بخطر إصابة شخص ما بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. إلا أنه في هذه المرحلة، لا تزال النماذج بحاجة إلى التحسين والتحقق من صحتها، وإن كان التقدم على صعيدي كل من التصوير ونظم الذكاء الصناعي يعني أن مثل هذه الاختبارات يمكن أن تكون متاحة في المستقبل غير البعيد.
اللويحة الصفراء
• نتوءات صفراء حول العين: اللويحة الصفراء. يعاني بعض البالغين في منتصف العمر وكبار السن من نتوءات ناعمة صفراء مليئة بالكوليسترول على جفونهم أو حولها، وغالباً ما تكون بالقرب من الأنف. تسمى هذه النتوءات «لويحات صفراء Xanthelasmas»، وهي زوائد صغيرة غير مؤلمة ونادراً ما تؤثر على الرؤية. ومع ذلك، من الممكن أن تكون علامة على ارتفاع مستويات الكوليسترول أو الدهون الثلاثية أو الدهون الأخرى في الدم.
والملاحظ أن هذه العلامات منتشرة إلى حد ما بين النساء أكثر عن الرجال. لذا، يتعين على الأشخاص الذين توجد لديهم هذه اللويحان إجراء اختبار الكوليسترول، المعروف كذلك باسم اختبار الدهون أو تحليل الدهون.
تعد اللويحات الصفراء أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يعانون اضطرابات وراثية تسببت ارتفاع مستويات الكوليسترول على نحو غير طبيعي، مثل «فرط كوليسترول الدم العائلي hypercholesterolemia»، والذي يمكن أن يتسبب في ارتفاع مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL).
إذا كان مستوى البروتين الدهني منخفض الكثافة لديك مرتفعاً، فيمكن أن تساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام واتباع نظام غذائي نباتي غني بالألياف على خفضه. ويحتاج كثير من الناس إلى أدوية لخفض الكوليسترول مثل عقاقير الستاتين، والتي في بعض الأحيان، لكن ليس دوماً، تقلل حجم اللويحة الصفراء.
الملاحظ أن نصف الأشخاص الذين يعانون من اللويحات الصفراء يتسمون بمستويات دهون طبيعية، وتشكل النتوءات ببساطة مشكلة تجميلية. ومع ذلك، يجب على الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بأمراض القلب المبكرة أن يتأكدوا من أن طبيبهم يعي بأمر هذه العلامة المحتملة لارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».