اتهم رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق سعيد شنقريحة، أمس، السلطات المغربية بـ«تجنيد خونة وضعاف نفوس للضغط على الجزائر»، وقال إن «للجار الغربي مخططات مريبة». وتأتي هذه التصريحات النارية بعد أكثر من شهر من قرار الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط.
وكان شنقريحة يتحدث أمس في وهران (غرب)، خلال زيارته منشأة عسكرية، عندما شن هجوماً على المغرب، فوصفه بـ«نظام يتمادى في إطلاق حملات من الدعاية الهدامة، من أجل تحجيم دور الجزائر في المنطقة واستنزاف قدراتها، ومحاولة ضرب وحدة شعبها، من خلال إشعال نار الفتنة والتشتت بين صفوفه، فوجد الأعداء ضالّتهم في بعض ضِعاف النفوس وخونة الأمة، وجنّدوهم كعملاء لهم في الداخل، واستعملوهم أداةً للوصول إلى مبتغاهم المتمثل في إضعاف الجزائر من الداخل، والضغط عليها لجعلها تتخلى عن مبادئها الثابتة وقيمها النبيلة، وتتنكر لقضايا الأمة». مشيراً إلى أن «ثبات بلادنا على المبادئ يُزعج المغرب».
ولم يفصّل شنقريحة في اتهاماته بشأن «الخونة وضعاف النفوس». أما الإشارة إلى «مبادئ الجزائر» فهو يقصد موقفها من نزاع الصحراء، وهو خلاف قديم مع المغرب. كما يقصد القضية الفلسطينية، قياساً إلى تطبيع الرباط علاقتها مع إسرائيل، وزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، المغرب في أغسطس (آب) الماضي، وإطلاقه تصريحات بخصوص علاقة الجزائر بإيران، أغضبت الجزائريين كثيراً.
وتابع قائد الجيش موجهاً كلامه إلى هؤلاء «الخونة وضعاف النفوس»: «سيخيب مسعاهم وسينقلبون خاسرين مدحورين، لأن الجزائر التي دخلت عهداً جديدًا، والقوية بجيشها وشعبها، عازمة على الحفاظ على سيادتها ووحدتها الوطنية وقرارها السيد». مبرزاً أن بلاده «في أتمّ الاستعداد للتصدي بحزم لكل المحاولات الخسيسة، التي تحاك في السر والعلن لاستهداف كيان الدولة ورموزها». وحسب شنقريحة «لا يزال المواطن الجزائري يتحلى بنفس العزيمة حفاظاً على استقلاله وقراره السيد، وعدم الحياد عن مبادئه وقيمه النبيلة، على غرار السعي الدائم لإحلال السلم والأمن في العالم، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، ومساندة القضايا العادلة والشعوب المقهورة».
وكان وزير خارجية الجزائر رمضان لعمامرة، قد أعلن في 24 من أغسطس الماضي عن قطع العلاقات مع الرباط، بسبب أن المملكة المغربية «لم تتوقف يوماً عن الأعمال العدائية ضد الجزائر».
واتهمت الخارجية الجزائرية المغرب بـ«جعل ترابه قاعدة للتعاون مع المنظمتين الإرهابيتين حركة انفصال القبائل (الماك) و(رشاد) اللتين ثبت ضلوعهما في الحرائق»، التي شهدتها منطقة القبائل مؤخراً، والتي خلّفت 218 قتيلاً ودماراً كبيراً في الأملاك والغطاء النباتي.
وكخطوة مرتبطة بقطع العلاقات الثنائية، أعلنت الجزائر الأربعاء الماضي إغلاق مجالها الجوّي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، متّهمةً المملكة بـ«مواصلة الاستفزازات والممارسات العدائية».
في سياق ذي صلة، طالب لعمامرة، ليلة أول من أمس، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ«منح الشعب الصحراوي حق تقرير مصيره»، مندداً بـ«تعنّت المغرب في تسوية النزاع في الصحراء». حسبما جاء في وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال لعمامرة إن تنظيم استفتاء في الصحراء «لا يمكن أن يظل إلى الأبد رهينة لتعنت» المغرب. وعدّ النزاع «قضية تصفية استعمار لا يمكن أن تجد طريقها للحل، إلا عبر تفعيل مبدأ تقرير المصير».
كما شدّد لعمامرة على أن «حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره حتمي وثابت وغير قابل للتقادم»، وقال إن بلاده «تسعى دوماً بصفتها بلداً جاراً ومراقباً للعملية السياسية، لتكون على الدوام مصدراً للسلم والأمن والاستقرار في جوارها».