أفادت مصادر محلية وأخرى تربوية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بأن الميليشيات الحوثية بدأت حملات مكثفة في أحياء المدينة لاستقطاب خريجي الثانوية العامة وتجنيدهم سعياً لتعويض النقص العددي في مقاتليها إثر الخسائر التي تكبدتها في المعارك مع قوات الجيش ورجال القبائل وجراء ضربات طيران تحالف دعم الشرعية في جبهات مأرب والجوف.
ويأتي تركيز الميليشيات الانقلابية على خريجي الثانوية العامة بالتزامن مع إعلانها أخيراً نتائج الطلبة للعام المنصرم، حيث ضج أولياء الأمور على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تدني الدرجات التي حصل عليها أبناؤهم مشيرين إلى أن الجماعة تعمدت ذلك للحيلولة بينهم وبين الالتحاق بالجامعات ودفعهم للذهاب إلى جبهات القتال.
وكانت نقابة المعلمين اليمنيين اتهمت الميليشيات بأنها تستغل امتحانات ونتائج الشهادتين الأساسية والثانوية لغرض تجنيد آلاف الطلاب للقتال بجبهاتها.
وعوضاً عن استيعاب الخريجين أسوة بقرنائهم في سائر بلدان العالم في الجامعات والكليات والمعاهد والمهنية والتقنية ليواصلوا تعليمهم العالي بعد 12 عاماً من التحصيل العلمي، تحدثت المصادر عن تدشين قادة ومشرفي الجماعة منذ عشرة أيام حملات استهداف وتجنيد قسرية طالت المئات من خريجي الثانوية بأحياء متفرقة من صنعاء العاصمة.
المصادر ذاتها ذكرت، لـ«الشرق الأوسط»، أن ميليشيات التربية والتعليم استغلت معرفتها المسبقة بنسب النجاح والرسوب في الثانوية واستغلتها كعادتها كل عام لصالح إنجاح ما أسمته بـ«المرحلة الأولى» من مخطط الاستقطاب والتجنيد بصفوف خريجي الثانوية العامة.
وأشارت المصادر إلى أن الجماعة تعمدت لأسابيع المماطلة وتأخير الإعلان عن النتائج النهائية لخريجي الثانوية العامة للعام 2020 – 2021، وأرجعت ذلك لأسباب تتعلق بإتمام مهام تنفيذ حملة التجنيد.
وتحدثت عن قيام الميليشيات قبل أيام وعبر مختصين في عملية الاستقطاب والتجنيد بالتعاون مع مشرفي ومسؤولي الأحياء التابعين لها في مديريات: «آزال، معين، السبعين، بني الحارث، الوحدة، التحرير، وغيرها» بتنفيذ نزولات ميدانية التقوا خلالها المئات من خريجي الثانوية وأهاليهم لإقناعهم وأسرهم بشتى الأساليب للالتحاق بالجبهات، مقابل وعود بدفع رواتب ومساعدات غذائية.
وبينت المصادر في صنعاء أن الانقلابيين عقب كل لقاء جمعهم بالطلبة وذويهم وزعوا بعض الهدايا وبطاقات استقطاب تحض على الانضمام والقتال إلى جانب ميليشياتها، واعتبار ذلك بأنه المستقبل الحقيقي الذي ينتظرهم.
وفي سياق متصل، كشف موظفون تربويون في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتزام الجماعة توسيع حملات الاستقطاب والتجنيد بحق خريجي الثانوية لتشمل بقية المدن والمناطق ألقابعة تحت سيطرتها.
وأشار الموظفون إلى أن الجماعة تسعى من وراء تلك الحملات لاستهداف قرابة 80 ألف طالب من الخريجين الذين ينتشرون بعموم المناطق الواقعة تحت قبضة وسيطرة الميليشيات.
وذكر بعض العاملين أن ذلك التوجه يأتي بناءً على تعليمات سابقة من زعيم الميليشيات لأتباعه في صنعاء أعقبها بفترة وجيزة صدور توجيهات أخرى مماثلة مدعومة بمعلومات وبيانات تتعلق بالطلبة الخريجين وأماكن إقامتهم في العاصمة أصدرها شقيق زعيم الجماعة يحيى بدر الدين الحوثي المعين وزيراً للتربية بحكومة الانقلاب غير المعترف بها.
إلى ذلك حذر معلمون وناشطون تربويون في صنعاء من خطورة ما تقوم به الميليشيات بالوقت الحالي من استهداف منظم لحاضر اليمن ومستقبله واستمرارها في استغلال الظروف المادية الصعبة للمئات من ذوي الطلبة الخريجين في صنعاء ومدن أخرى تحت قبضتها.
وطالب الناشطون الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بضرورة وضع حد لأنشطة وممارسات الانقلابيين المخترقة للتعليم وفق خطوات وأسس إيرانية عقائدية، داعين إلى مجابهة تلك الانتهاكات وتنفيذ حملات توعية لأسر وأولياء أمور الطلبة وتحذيرهم من خطورة ما تقوم به الجماعة على مستقبل ملايين الطلاب الذين تعرضوا ولا يزالون للاستهداف داخل وخارج مدارسهم. ومنذ الانقلاب على السلطة، عمدت الجماعة الحوثية إلى استخدام التعليم لتجنيد الطلبة في المدارس الحكومية في مناطق سيطرتها، والزج بهم كوقود ومحارق للموت في عديد من جبهاتها.
وكان المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين يحيي اليناعي كشف قبل نحو أسبوع عن رصد نقابته أكثر من 600 دورة أقامتها الجماعة مؤخراً وأجبرت خلالها المعلمين بمدن سيطرتها على حضورها قسراً.
وقبل أشهر وجهت ذات النقابة اتهامات عدة للجماعة الحوثية بمواصلة استغلال امتحانات ونتائج الشهادتين الأساسية والثانوية في مناطق سيطرتها لتجنيد آلاف الطلبة للحرب في جبهاتها.
ودعت حينها إلى وقف تسييس الميليشيات للامتحانات والتعليم في شكل عام وعدم تحويله إلى رافد للحرب وساحة لتجنيد الطلبة.
وقالت النقابة إنها تحصلت حينها على وثيقة تؤكد أن الحوثيين قاموا بإعفاء 2864 طالباً في المرحلة الثانوية و1976 بالمرحلة الأساسية من الامتحانات ومنحوهم معدلات نجاح تتراوح بين 75 في المائة و90 في المائة بعد انخراطهم في القتال.
وأوضح المتحدث باسم النقابة أن الوثيقة التي يعود تاريخها إلى العام 2015 تضمنت توجيهات اللجنة الثورية العليا للحوثيين بإعفاء الطلبة المنخرطين في القتال من امتحانات الثانوية العامة والشهادة الأساسية، على أن يتم احتساب المعدل العام لهم بنسب لا تقل عن 75 في المائة وألا تزيد على 90 في المائة.