أثار القصف الصاروخي للميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، على الأحياء السكنية في مدينة مأرب، يوم الأحد، غضبا واسعا في الأوساط اليمنية الرسمية والشعبية، كما لقي تنديدا أميركيا وأمميا، في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الضحايا إلى 35 قتيلا وجريحا بينهم أطفال ونساء.
واستهدفت الميليشيات المدعومة من إيران، حي الروضة السكني في مدينة مأرب بثلاثة صواريخ يرجح أنها باليستية، وهو ما تسبب في تدمير منازل وسيارات وتسبب في قتل ثلاثة أطفال وامرأة إضافة إلى 31 جريحا إصابات العديد منهم حرجة.
وجاء القصف الحوثي على مأرب بالتوازي مع الهجمات البرية التي تشنها الميليشيات في الأنحاء الجنوبية والغربية من المحافظة النفطية، فيما تواصل قوات الجيش اليمني ومسلحو القبائل التصدي للهجمات بإسناد من تحالف دعم الشرعية.
وفي أول رد أميركي على القصف الحوثي للحي السكني، قالت القائمة بأعمال السفير الأميركي لدى اليمن كاثي ويستلي في بيان بثته على موقع السفارة في «تويتر» إنها تدين «بشدة الهجوم المروع» والذي أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين. وأضافت ويستلي أن الحوثيين «يؤكدون همجيتهم بمثل هذه الهجمات»، وأنه يجب عليهم «التخلي عن هذا العدوان ضد إخوانهم اليمنيين والسعي إلى حل سلمي للصراع».
في السياق نفسه، أدانت منظمة «اليونيسف» الهجوم الحوثي الجديد في بيان لمديرها الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تيد شيبان وقالت إن «الهجمات على المدنيين وبينهم الأطفال تعد خرقاً للقانون الإنساني الدولي». ودعت المنظمة الأممية «كافة أطراف القتال في مأرب وفي كل أنحاء اليمن وأولئك الذين لهم تأثير عليهم العمل على حماية الأطفال». وأشارت إلى أن «هذا أكبر عدد من الأطفال تم الإبلاغ عن مقتلهم أو إصابتهم بجراح في المنطقة خلال شهور من القتال العنيف في المدينة وحولها». وبحسب البيان، فإنه منذ عودة العنف إلى اليمن في عام 2015 تم التحقق من مقتل وإصابة حوالي 10 آلاف طفل وطفلة.
إلى ذلك، استنكرت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية القصف الحوثي في بيان رسمي ودعت «المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن وكافة الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، إلى تحمل مسؤولياتهم في إيقاف الجرائم الإنسانية بحق المدنيين في مأرب». وأشار البيان إلى ما ترتكبه الميليشيات الحوثية، من حصار على مديرية العبدية منذ 10 أيام، «دون أي تحرك من المبعوث الخاص للأمم المتحدة والهيئات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان». وقال البيان إن «ما يتعرض له المدنيون من عدوان إجرامي وجرائم ترقى إلى جرائم حرب، ترتكبها ميليشيا الحوثي الانقلابية بدعم من إيران». وعلى المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، تحمل مسؤولياتهم ومعاقبة الميليشيا الإرهابية، جراء الجرائم الإنسانية التي ترتكبها بحق المدنيين.
من جهتها، أدانت هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني (البرلمان) الهجوم ووصفته بـ«الجريمة الإرهابية النكراء»، وقالت في بيان رسمي إن «هذه المذبحة الوحشية بحق المدنيين العزل، دليل آخر على وحشية الميليشيات الحوثية الإرهابية وانتهاكاتها التي لم تتوقف والتي تشكل تحدياً للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان والأعراف والحرمات الإنسانية والدينية والقبلية».
وحمل البرلمان اليمني في بيانه «مسؤولية دماء الضحايا الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ، المجتمع الدولي وفي المقدمة الولايات المتحدة الأميركية بسبب اتخاذها لقرار رفع الميليشيات الحوثية من لائحة التنظيمات الإرهابية ما أدى إلى تشجيعها على استخدام قوتها لاقتراف هذه المذبحة التي لا يمكن اعتبارها إلا جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية».
وعن موقف الحكومة الشرعية من القصف الحوثي نفسه للحي السكني في مأرب قال رئيسها معين عبد الملك إنها (الحكومة) ومعها الشعب تقف بكل إمكانياتها مع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ورجال القبائل في المعركة الوطنية المصيرية حتى استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي ومشروعه العنصري المدعوم إيرانياً.
وجاءت تصريحات عبد الملك، حسبما ذكرت المصادر الرسمية، خلال اتصالات هاتفية مع وزير الدفاع الفريق محمد المقدشي ورئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة الفريق صغير بن عزيز، حيث استمع إلى تقرير حول الأوضاع الميدانية وسير العمليات العسكرية ضد ميليشيات الحوثي في عدد من الجبهات.
وكانت السلطات اليمنية في مدينة مأرب أفادت بارتفاع عدد الضحايا جراء الهجوم الحوثي إلى 35 قتيلا وجريحا أغلبهم من النساء والأطفال. وأوضح بيان رسمي من السلطة المحلية أن الصواريخ الباليستية الثلاثة التي استهدفت بها ميليشيا الحوثي منازل المدنيين الآمنين في أحد الأحياء السكنية، أسفرت إلى جانب القتلى والجرحى عن تضرر 12 منزلاً بينها أربعة منازل تضررت كلياً، إلى جانب تدمير 8 سيارات تابعة للمواطنين في الحي، وأن البحث عن الضحايا لا يزال جارياً تحت أنقاض المنازل المدمرة.
واتهمت السلطة المحلية في مأرب الميليشيات الحوثية بأنها «كثفت خلال الأيام الماضية من استهداف الأحياء السكنية بالصواريخ الباليستية في المحافظة المكتظة بالنازحين بهدف إحداث مجازر وقتل أكبر قدر من المدنيين وإرهاب السكان في ظل صمت دولي مطبق». وقالت إن عدد الصواريخ الباليستية التي قصفت بها ميليشيات الحوثي الأحياء السكنية في مديريات المدينة والوادي والجوبة خلال الأيام الستة الماضية تجاوزت 15 صاروخاً.
في السياق الميداني، أفاد الإعلام العسكري اليمني بأن قوات الجيش مسنودة بالمقاومة الشعبية كبدت الميليشيات الحوثية خسائر كبيرة في جبهات القتال جنوب محافظة مأرب.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن مصدر عسكري قوله إن «المعارك التي دارت خلال الساعات الماضية أسفرت عن سقوط العشرات من عناصر الميليشيا الحوثية بين قتيل وجريح، إضافة إلى خسائر أخرى في العتاد، منها تدمير ثلاث عربات بما عليها من عتاد في جبهة حريب». وأضاف المصدر أن «طيران التحالف استهدف بعدة غارات تجمعات وتعزيزات تابعة للميليشيا في مواقع متفرقة وألحق بها خسائر بشرية ومادية كبيرة، منها تدمير دبابة وعربة مدرعة».