في الأيام الأولى لوباء «كوفيد – 19»، تحول المجتمع الطبي إلى علاج عمره قرن، وهو أخذ الدم من المتعافين وإعطاؤه للمرضى، وكانت الفرضية هي أن المكونات فيما يسمى بـ«بلازما النقاهة» التي تقاوم المرض يمكن أن تفعل ذلك مرة أخرى، وهو الشيء الذي نجح في علاج أمراض أخرى، مثل «إيبولا».
والاثنين الماضي، وضع فريق بحث دولي يضم أطباء وعلماء في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ الأميركية، حداً فعالاً لهذه الممارسة من خلال تجربة إكلينيكية خلصت إلى أن بلازما النقاهة «غير مجدية» لمعظم الحالات الحرجة من «كوفيد – 19». وتم نشر النتائج في دورية الجمعية الطبية الأميركية «جاما»، بالتزامن مع العرض التقديمي في الاجتماع السنوي للجمعية الأوروبية لطب العناية المركزة.
يقول بريان ماكفيري، أستاذ أمراض الرئة والحساسية، والباحث المشارك بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة بيتسبرغ «كانت هناك أسباب معقولة بيولوجياً للتحول إلى بلازما النقاهة في وقت مبكر من الوباء، عندما كان مئات الآلاف من الناس يمرضون ولم يتم اكتشاف العلاجات بعد. ولسوء الحظ، كان يتم إعطاؤه خارج التجارب السريرية أو في التجارب التي لم تركز على المرضى المصابين بأمراض خطيرة؛ مما يبطئ قدرتنا على معرفة ما إذا كان يعمل بالفعل». وأضاف «مع هذه النتائج، يمكننا وضع حدّ لاستخدام بلازما النقاهة لمرضى الحالات الحرجة، والتركيز على العلاجات التي نعرف أنها تعمل، بالإضافة إلى تطوير واختبار علاجات أفضل».
والنتائج هي الأحدث من منصة «ريماب كاب»، والتي سجلت آلاف المرضى في مئات المستشفيات في جميع أنحاء العالم لتحديد أفضل علاجات «كوفيد – 19» بشكل سريع. وفي تجربة بلازما النقاهة، سجلت المنصة 2011 مريضاً بالغاً تم نقلهم إلى المستشفى مصابين بـ«كوفيد – 19» الوخيم، وتم اختيارهم عشوائياً إما لتلقي وحدتين من بلازما النقاهة أو من دون بلازما ومتابعتهم لمعرفة ما إذا كانت احتمالية البقاء على قيد الحياة لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل دون الحاجة إلى دعم الأعضاء، مثل جهاز التنفس الصناعي، تختلف بناءً على ما إذا كانوا عولجوا بالبلازما أم لا.
وانتهت التجربة إلى عدم الجدوى عندما تم جمع بيانات كافية، للقول مع نسبة يقين تزيد على 99 في المائة، إن بلازما النقاهة لم تساعد مرضى «كوفيد – 19» المصابين بأمراض خطيرة.
ومع ذلك، اتبعت النتائج نمطاً مختلفاً قليلاً بالنسبة لـ126 مريضاً يعانون من نقص المناعة، ويبدو أن هذه المجموعة تعمل بشكل أفضل قليلاً مع علاج البلازما في فترة النقاهة مقارنة بالعلاج القياسي، لكن عدد المرضى كان صغيراً جداً بحيث لا يمكن الإدلاء ببيان نهائي.
تقول ليز استكورت، أستاذ في أمراض الدم وطب نقل الدم بجامعة أكسفورد، والباحثة المشاركة بالدراسة «هذا شيء يستدعي حتماً التحقيق، حيث لم نتمكن من تحديد سبب عدم تحسين بلازما النقاهة للنتائج في معظم المرضى المصابين بأمراض خطيرة».
وتضيف «نحن نتوقع أنه يمكن أن يكون بالبلازما مزيج من عدد قليل جداً من الأجسام المضادة عالية الجودة، وأن هؤلاء المرضى يتقدمون كثيراً في مرضهم مع استجابة مناعية التهابية هاربة».
ومن الجيد أنه لا يزال من الممكن أن تساعد بلازما النقاهة الأشخاص في المراحل المبكرة من المرض، كما يقول ديريك أنغوس، كبير مسؤولي الابتكار في المركز الطبي لجامعة بيتسبرغ الأميركية. ويضيف «لكن من غير المحتمل استخدامها بكفاءة؛ نظراً لأن الأجسام المضادة وحيدة النسيلة (OPTIMIZE – C19) التي يقيمها المركز الطبي لجامعة بيتسبرغ تعدّ علاجاً فعالاً لهذه الحالات».