في ظل تصاعد الاحتقان في الشارع اللبناني على خلفية التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت الذي أوقع أكثر من 200 قتيل في الرابع من أغسطس 2020، شهدت منطقة الطيونة و"العدلية" في بيروت، اليوم الخميس، اشتباكات وإطلاق نار، فضلا عن قذائف صاروخية، بالتزامن مع تحركات دعا إليها أنصار حزب الله وحليفته "حركة أمل"، أمام قصر العدل ضد المحقق في هذا الملف، القاضي طارق بيطار.
وأظهرت مشاهد التقطت من عين المكان، أحد الأشخاص ملقى على الأرض ومضرجا بالدماء، كما شوهدت أعداد كبيرة من المحتجين يهرولون على وقع أزيز الرصاص.
أنصار حزب الله يطلقون النار
فيما بينت مقاطع مصورة عناصر بلباس أسود (غالبا من أنصار حزب الله بحسب ما أفادت وسائل إعلام محلية) يختبئون خلف مستوعبات النفايات، يطلقون النار من رشاشات كانت بحوزتهم.
كذلك، أظهرت فيديوهات مسلحين من حركة أمل يطلقون النار في العاصمة.
وفي حين أفادت مراسلة العربية بأن التظاهرة أمام قصر العدل فضت، انتشر عناصر الجيش بكثافة في المنطقتين (الطيونة والعدلية)، كما هرعت سيارات الإسعاف إلى المنطقة.
كما أوضحت أنه تم تسجيل سقوط 5 قتلى على الأقل وفق المعلومات الأولية، وإصابة عشرات الأشخاص في منطقة الطيونة التي تحمل رمزية في البلاد، كونها شكلت خلال سنوات الحرب الأهلية خطا فاصلا بين ما كان يعرف حينها ببيروت الشرقية والغربية.
من جهته، أشار حزب الله وحركة أمل في بيان إلى أن قناصة أطلقوا النار على متظاهرين من أسطح المنازل، وأضافا أن الرصاص وجه نحو رؤوس المحتجين.
استنفار في الخندق الغميق
في المقابل، دعا رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إلى الهدوء وعدم التصعيد، بينما شهدت منطقة الخندق الغميق في العاصمة اللبنانية، تجمعات كبيرة لأنصار حركة أمل وحزب الله.
أتت تلك الاشتباكات بعد أن شن حزب الله حملات متكررة وانتقادات ضد بيطار، متهما إياه بالاستنسابية وعدم الحيادية، ومشككا في مصداقيته.
كذلك لوح بالانسحاب من الحكومة، وتحريك الشارع أيضا في وقت حساس تعيشه البلاد، وسط ارتفاع حدة التوتر حول هذا التحقيق، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بشكل دراماتيكي.
كما جاءت هذه التحركات اليوم بعدما أرجئت أمس جلسة لمجلس الوزراء كانت مقررة للنظر في هذا الملف، على وقع الخلاف بين الوزراء والتيارات السياسية في البلاد، ووسط دعوات لأنصار حزب الله وأمل من أجل النزول إلى الشارع بهدف المطالبة بكف يد المحقق العدلي.
محكمة التمييز ترفض كف يد القاضي
إلى ذلك، تزامنت تظاهرة موالي الحزب وحليفه مع رفض محكمة التمييز المدنية دعوى تقدم بها وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال غازي زعيتر (المحسوبان على حركة أمل برئاسة نبيه بري)، وطلبا فيها كف يد بيطار عن القضية، ما يتيح له استئناف تحقيقاته.
وأفاد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس، أن محكمة التمييز المدنية رفضت الدعوى على اعتبار أن الأمر ليس من صلاحيتها، لأن بيطار "ليس من قضاة محكمة التمييز".
يشار إلى أنه على ضوء القرار المذكور، بات بإمكان القاضي استئناف تحقيقاته.
ومن المفترض أن يحدد مواعيد لاستجواب كل من زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، بعدما اضطر لإلغاء جلستي استجوابهما الأسبوع الحالي إثر تعليق التحقيق.