صُنِفت تركيا مؤخراً كواحدة من أسوأ دول العالم من جهة سيادة القانون، بحسب مؤشر جديد وضعته مؤسسة دولية تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها. وجاءت تركيا في المرتبة 117 (من أصل 139 دولة) على القائمة التي أعدها "مشروع العدالة العالمية" الأميركي بشأن "مؤشر سيادة القانون" لعام 2021.
وبينما تصدّرت الدنمارك القائمة، جاءت تركيا في مراتب متدنية جداً. واحتلت تركيا المرتبة الأسوأ أو الثانية من أسفل الترتيب في منطقة الشرق الأوسط وذلك في خمس من فئات المؤشر الثمانية، التي تصنف الدول بحسب التزامها بمعايير حقوق الإنسان الأساسية، بالإضافة لمستويات الفساد فيها.
وعلّقت المدافعة التركية عن حقوق الإنسان، افين بارش آلتنطاش على هذا التصنيف قائلةً إن "تركيا تشهد تآكلاً هائلاً في معظم مؤشرات الديمقراطية، بما في ذلك حرية التعبير والصحافة وسيادة القانون، وهو ما جعلها في تصنيف سيئ في قائمة مؤسسة العدالة الدولية".
وأضافت آلتنطاش في حديث مع "العربية.نت": "الافتقار المطلق للضوابط والتوازنات في النظام الرئاسي الجديد في تركيا، وقبل ذلك في حالة الطوارئ التي تلت المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، منح نظام الرجل الواحد في البلاد مزيداً من الفرص لتوطيد نفسه، الأمر الذي أدى إلى تدهورها في مؤشرات حقوق الإنسان وغيرها من المجالات".
وتابعت آلتنطاش، التي تشغل أيضاً منصب مساعد مدير في "جمعية الدراسات القانونية والإعلامية" والمعروفة اختصاراً بـ MLSA: "شخصٌ واحد في الوقت الحالي هو الذي يتخذ كلّ القرارات في تركيا"، في إشارة منها إلى الرئيس أردوغان.
وأضافت: "لا يمكن تقديم أي من انتهاكات حكومة أردوغان للعدالة لأنه يسيطر على القضاء. وبات وضع تركيا في هذا المستوى المتدني من سيادة القانون حقيقة لا يمكن الهروب منها".
كما شددت آلتنطاش على أن "السلطة الحالية لا تحترم الديمقراطية والتعددية، وبالتالي لا يمكنها أن تكون مساهمة في تحسين سمعتها الدولية".
وأشارت إلى أن "وضع تركيا في هذا الترتيب قد يساهم في تراجع شعبية أردوغان أكثر، لكن مع ذلك سيطرته على أغلب وسائل الإعلام قد تمنع حصول ذلك خاصة مع عدم تمكن كثيرين من الوصول لوسائل إعلامٍ أخرى".
وجاءت تركيا في ترتيب منخفض لمؤشر سيادة القانون على خلفية قيود تفرضها الحكومة على مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان، علاوة على نقابات المحامين والصحافيين.
ويقبع مئات الصحافيين والبرلمانيين الأتراك خلف القضبان منذ سنوات، حيث تتهمهم الحكومة إما بدعم "حزب العمال الكردستاني" المحظور لدى أنقرة، أو الانتماء لجماعة فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكمه والتي حصلت في منتصف شهر يوليو من عام 2016.
وترفض تركيا باستمرار، تنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والتي دعت أكثر من مرة لإطلاق سراح عدة شخصيات مسجونة ومنها صلاح الدين دمّيرتاش الرئيس المشارك الأسبق لـ"حزب الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد، وعثمان كافالا رجل الأعمال المعروف بأنشطته الخيرية والذي يحظى بشعبيةٍ كبيرة في أوساط المجتمع المدني. وكلاهما محتجزان منذ سنوات.
وعلى خلفية ذلك، سيقرر مجلس أوروبا الذي يشرف على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ما إذا كان سيتخذ إجراءاتٍ تأديبية ضد تركيا بشأن رفضها إطلاق سراح كافالا، وذلك في شهر نوفمبر المقبل.