رمت القوى الخاسرة في الانتخابات العراقية والممثلة فيما يعرف بـ«الإطار التنسيقي» الكرة في ملعب الرئيس العراقي برهم صالح بعد ما قيل عن عدم توصلها إلى حلول لأزمة الاحتجاجات المستمرة أمام بوابة المنطقة الخضراء منذ أسبوع.
وكان زعيم «ائتلاف دولة القانون» رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي دعا أول من أمس إلى اجتماع في منزله للقوى السياسية الفائزة والخاسرة في الانتخابات لبحث الأزمة الحالية ومحاولة إيجاد مخرج لها. لكن؛ طبقاً للمعلومات، قوى عديدة من بينها القوى الرئيسية بين الكرد والسُنّة لم تحضر الاجتماع المذكور؛ الأمر الذي جعله يختصر على القوى الخاسرة في الانتخابات والتي تحمل المفوضية العليا المستقلة مسؤولية خسارتها. وطبقاً لمصادر سياسية؛ فإن «اجتماع القوى والكتل الرافضة نتائج الانتخابات، الذي عقد في مكتب المالكي، حضرته جميع الأطراف المشككة في النتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية عدا (تحالف قوى الدولة) بزعامة عمار الحكيم الذي يضم أيضاً (تحالف النصر) بزعامة حيدر العبادي». وطبقاً لتلك المصادر؛ فإن أسباب عدم حضور الحكيم والعبادي «تعود لوجود خلاف بينهما على آلية توزيع مرشحي قائمتيهما التي تسببت في ضياع أو تشتت أصوات ناخبيهما».
وقال بيان للقوى الخاسرة التي أطلقت على نفسها تسمية «القوى الوطنية» تمييزاً لها عن «قوى الإطار التنسيقي» الذي يضم فقط القوى الشيعية باستثناء الكتلة الصدرية، إن «(القوى الوطنية) المعترضة على نتائج الانتخابات اجتمعت في مكتب رئيس (ائتلاف دولة القانون)»، مبينة أن المجتمعين «ناقشوا الأحداث والوقائع التي تثبت وجود خلل كبير بما أعلن من نتائج وما أدى إليه من توترات سياسية واجتماعية». وأضاف البيان أن «القوى المجتمعة اتفقت على تأكيد رفضها لما أعلن من نتائج ورفضها طريقة المفوضية الانتقائية في التعامل مع الطعون القانونية، ومطالبتها بالنظر بجدية في جميع الطعون المقدمة لها وإجراء العد والفرز اليدوي الشامل ولجميع المحطات وبشفافية كاملة وتصحيح الأخطاء التي رافقت عملية احتساب الأصوات وإعلانها».
كما دعت القوى المعترضة رئيس الجمهورية إلى «التدخل باعتباره حامياً للدستور لمنع اتجاه الأحداث نحو ما هو أخطر».
مراقبون سياسيون يرون أن الدعوة إلى تدخل رئيس الجمهورية برهم صالح لإيجاد حل للأزمة هو إما محاولة للهروب إلى الأمام وذلك برمي الكرة في ملعب الرئيس بحجة الدستور وهو ما يعني عدم اتفاقهم على حل، أو محاولة منهم لمنح الرئيس الضوء الأخضر لإيجاد مخرج عن طريق الدستور يمكن أن يرضي الأطراف الخاسرة.
وبينما لم يصدر عن الرئاسة العراقية أي رد فعل بشأن الدعوة التي وجهتها الكتل السياسية التي اجتمعت في منزل المالكي، فإنه، وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مقرب من الرئاسة؛ يأخذ «الرئيس برهم صالح هذه الدعوة على محمل الجد، وإنه سيتعامل مع هذه الأزمة بكل مسؤولية»، مبيناً أن «الرئيس ومن منطلق صلاحياته الدستورية سوف يبدأ مشاوراته مع الكتل والقيادات السياسية في البلاد للبحث عن مخرج دستوري للأزمة؛ لا سيما أن القوى الوطنية التي طالبت الرئيس بالتدخل إنما تنطلق في ذلك من مبدأ احترامها للدستور بوصفه المرجعية التي يجب الاحتكام إليها في النهاية».
من جهتها، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات موعد المرحلة الأولى لإجراءات العد والفرز اليدوي في المحطات المشكوك فيها. وذكرت المفوضية في بيان لها أنه «إيماناً منا بشفافية العملية الانتخابية والتعامل بجدية مع طلبات الطعون المقدمة إلينا، سنباشر بأول مراحل عملية العد والفرز اليدوي بـ(70) محطة لمحافظة نينوى يوم الأربعاء المقبل». وأضاف البيان أن «العملية ستتم بحضور وكلاء الأحزاب السياسية والمرشحين والمراقبين ووسائل الإعلام».
إلى ذلك، واصل زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر تغريداته الخاصة بكيفية تشكيله الحكومة المقبلة بعيداً عما تبحث عنه القوى الخاسرة سواء على صعيد التصعيد عبر الاحتجاجات والبحث عن حلول دستورية بعد أن بدأت تدب الخلافات بين أطرافها. فبعد نحو 3 أيام من دعوة الصدر دول الجوار إلى عدم التدخل في الشأن العراقي ورسم سياسة عراقية جديدة مع بعضها؛ لا سيما «الأكثر تدخلاً» كما وصفها الصدر في إشارة إلى إيران، فقد وضع أمس حلولاً لطبيعة الواقع الزراعي والتربوي في البلاد.
وقال الصدر في تغريدة إن «العراق بلد الخيرات مادياً ومعنوياً، وما علينا إلا إيجاد الطرق والسبل التي تنشط الواقع الزراعي في العراق، ومن خلال الأيادي العاملة والأراضي الصالحة للزراعة أو استصلاحها، ومن خلال إيصال الماء والأسمدة، ومن خلال توفير البذور والحبوب والتقاوي والشتلات وما شاكل ذلك؛ بل ومن خلال الرقابة الصارمة والضريبة على المواد المستوردة». كما أكد على أهمية العمل على «إرجاع العملية التربوية والتعليمية إلى مسارها الصحيح، ليس من خلال إيجاد الصروح العلمية والتربوية فحسب؛ بل ببرنامج صارم يعيد فاعلية التعليم وإبعاده عن المحسوبيات والترغيب والترهيب».