دفعت القيود التي تفرضها ميليشيات الحوثي على الأنشطة الحقوقية الأمم المتحدة إلى اختيار المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية لإحياء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، حيث تمنع ميليشيات الانقلاب إقامة أي فعالية تتحدث عن العنف ضد المرأة أو تناقش حقوق النساء، باعتبار ذلك ضمن ما تصفه بـ«الحرب الناعمة»، وحصرت أي نشاط نسائي في مجال التمكين الاقتصادي. كما اشترطت الحصول على إذن مسبق من جهاز المخابرات، وما يُسمى مجلس الشؤون الإنسانية، وعممت على الفنادق والمطاعم بعدم السماح بإقامة أي نشاط إلا بتصريح أمني مرفق به أسماء المدعوين والعناوين التي سيتم مناقشتها، مع أوراق العمل. كما يتم إرسال مندوبين من المخابرات لحضور الفعالية ومراقبة النقاشات، وفق ما قاله ناشطون يقيمون في صنعاء.
وفي حين سجلت منظمة نسوية قيام ميليشيات الحوثي باحتجاز 156 امرأة بشكل غير قانوني خلال الفترة من 2016 حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن مشروع الحماية وسبل العيش، الممول من صندوق الأمم المتحدة للسكان، مول حملة الـ16 يوماً من أجل مكافحة العنف ضد المرأة بمجموعة متنوعة من الفعاليات والأنشطة في محافظات مأرب وحضرموت وشبوة والمهرة، بهدف تعزيز الاستجابة الشاملة لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي. واستهدفت هذه الأنشطة بشكل خاص النساء والأطفال والفتيات، والمجتمع بشكل عام، بينما اختفى أي مظهر من مظاهر إحياء هذه المناسبة في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات.
والفعاليات التي استمرت عدة أيام تنوعت بين التوعية والتعليم والتدريب والتأهيل والتمكين، وتقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني، وبناء القدرات من خلال مساحات آمنة تم إنشاؤها خصيصاً لتقديم هذه الخدمات. كما شملت الأنشطة تعريف الجمهور المستهدف بأسباب وعوامل العنف القائم على النوع الاجتماعي وعواقبه، وكيفية التعامل مع حالات العنف المرصودة.
ومنذ سيطرتها على العاصمة اليمنية، قامت ميليشيات الحوثي بإغلاق عدد كبير من منظمات المجتمع المدني، واستحدثت منظمات تديرها عناصرها وقادتها، كما انتزعت صلاحيات التعامل مع المنظمات الدولية من وزارة التخطيط والتعاون الدولي، واستحدثت ما يُسمى مجلس الشؤون الإنسانية، وهو هيئة مخابراتية مهمتها مراقبة أنشطة المنظمات المحلية والدولية، والتحكم بأعمالهما، وتوزيع الإغاثة وتحديد الشركاء المحليين. كما استهدفت الأنشطة والفعاليات النسائية، وأغلقت معاهد اللغات، ومنعت النساء من دخول المقاهي الحديثة، بحجة منع الاختلاط، كما فصلت الذكور عن الإناث في القاعات الدراسية في الجامعات.
وقال ناشطون لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشيات الحوثي التي سجلت رقماً قياسياً في الانتهاكات التي تتعرض لها النساء تمنع بشكل مطلق أي حديث عن حقوق المرأة، أو تبني فعاليات خاصة بتلك الحقوق، استناداً إلى توجيهات زعيمها الذي يرى في أي نشاط من هذا النوع ما يصفه بـ«الحرب الناعمة». وإنه بشكل عام، أغلقت المنظمات غير الحكومية كافة في المناطق التي تسيطر عليها، وأوجدت منظمات بديلة تتبع قياداتها ليس من ضمن اهتماماتها أي نشاط حقوقي، عدا التعبئة القتالية، وإن كل أنشطة المنظمات المحلية والدولية تمارس الآن في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، حتى المنظمات الأممية التي اقتصرت أعمالها في مناطق سيطرة الميليشيات على الجانب الإغاثي الذي يتم التحكم به أيضاً.