تتمتّع أرامكو السعودية بحضور عالمي قوي في مجال الطاقة، إلا أنها تضيف لحضورها في المجال الرياضي من خلال رعايتها لسباقات الفورمولا 1 والمقام في مدينة جدة، تواصلا جماهيريا واسعا.
تحدث النائب الأعلى للرئيس للموارد البشرية والخدمات المساندة في أرامكو السعودية نبيل الجامع إلى "العربية.نت" قائلا إن رياضة الفورمولا 1 الجماهيرية الكبيرة على المستوى الدولي تمثّل فرصة مثالية لتحقيق عدد من الأهداف التجارية لشركة أرامكو السعودية، والتواصل الفعّال مع هذه الجماهير، حيث يتمتع سباق فورمولا 1 بقاعدة ضخمة من محبّي هذه الرياضة تزيد على 500 مليون مشجع، و1.9 مليار مشاهد من خلال التلفزيون، وذلك يعني توسيع قاعدة العلامة التجارية لأرامكو السعودية لدى أسواق وعملاء جدد وتعزيز معرفتهم بأعمال الشركة.
وقال: "نحن نرى أن هذه الرعاية تمثّل في الواقع خطوة ذات أهمية خاصة لتعزيز مكانة الشركة في سوق زيوت التشحيم والبيع بالتجزئة، حيث إن إطلاق منتجات زيوت التشحيم وبيع الوقود بالتجزئة يجعل أرامكو السعودية على علاقة مباشرة مع المستهلك ما يعني الحاجة إلى تعزيز وضع الشركة التنافسي في هذا المجال".
حلول تقنيات النقل النظيفة
وخلال حديثه، أضاف الجامع: "تسعى أرامكو السعودية إلى الاستفادة من هذه الرعاية لترويج حلول تقنيات النقل النظيفة، وتعريف الجماهير في مختلف أرجاء العالم بمحركات الاحتراق الداخلي منخفضة الانبعاثات، وذلك لأن محركات الاحتراق الداخلي المتقدمة ستصبح على المدى القصير إلى المتوسط وسيلة فعّالة للغاية للحدّ من غاز ثاني أكسيد الكربون".
وتابع: "كل ذلك دفع أرامكو السعودية للتعاون مع كبرى شركات صناعة السيارات ومطوّري التقنيات لدعم تطوير نماذج محركات الاحتراق الداخلي، والتقنيات منخفضة الانبعاثات، والحلول الهجينة، وكما هو معلوم فإن تحسين كفاءة محركات الاحتراق الداخلي وتركيبات الوقود المتطورة اللازمة لها، يمكن أن يؤدي إلى خفضٍ كبيرٍ في إجمالي حجم انبعاثات الغازات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري في قطاع النقل".
تطوير تقنيات المحركات
وحول المدى الذي تعمل عليه أرامكو السعودية لتقديم نفسها كجهة تقنية يمكنها أن تُسهم في تطوير تقنيات المحركات ورفع كفاءة أدائها، قال الجامع: "تتماشى رعاية أرامكو السعودية لهذه السباقات مع تعهّد فورمولا 1 بأن تصبح محايدة كربونيًا بحلول 2030م، وذلك مهم للغاية بالنسبة للشركة في إطار جهودها الحثيثة للوصول إلى طموحها في تحقيق الحياد الصفري للنطاقين (1 و2) في انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري عبر مرافق أعمالها التي تملكها وتديرها بالكامل بحلول عام 2050م".
وأضاف: "وبالنظر إلى أن فورمولا 1 تأتي في مقدمة مبتكري تقنيات السيارات، ولديها منصة عالمية تدعم محركات الاحتراق الداخلي الفعّالة، والتقنيات التي تقلل من الانبعاثات، فذلك يلتقي مع بحوث الشركة الخاصة بتطوير الوقود ومحركات احتراق داخلي أكثر كفاءة، إلى جانب تطوير أنظمة وقود ومحركات متطورة تستخدم البنزين والديزل، حيث يتمثّل هدفها في تطوير واستخدام أنظمة محركات وقود تعتمد على النفط، وتتسم بالكفاءة والاستدامة والاقتصاد في التكاليف.
وقد توسعت الاهتمامات التقنية في أرامكو السعودية بما يجعلها تستوعب كثيرا من المجالات ذات الصلة بأعمالها، ومن ذلك استخدام المواد اللامعدنية، مثل ألياف الكربون، الذي يُعد أمرًا بالغ الأهمية لتطوير مركبات أخف وزنًا كما في سيارات الفورمولا 1 وذلك يُسهم في زيادة السرعة، واستقرار السيارة، وتمتّعها بمعايير سلامة أعلى.
توظيف التقنية
وهناك دور كبير لأرامكو السعودية في توظيف التقنية للوصول إلى مستهدفاتها في الاستدامة، فذكر الجامع أن "التقنية ترتبط إلى حدٍّ كبيرٍ بجهود تحقيق الاستدامة، ففي الوقت الذي تؤدي فيه أرامكو السعودية دورًا فعّالًا في التحوّل نحو الطاقة النظيفة، فإننا نتوقع وجود نمو كبير في الطلب على الطاقة على المدى الطويل إذ إنه ستكون هناك زيادة مستمرة في الطلب على النفط والغاز والمواد البتروكيميائية خلال العقود المقبلة، هذا الأمر، يتطلّب من العالم إيجاد طريقة لتلبية هذا الطلب المتزايد من جهة، والتحوّل نحو أنظمة الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية من جهة أخرى بهدف التصدّي للتغيّر المناخي، لذلك يمكن من خلال تطبيق التقنيات والتدابير السليمة مجابهة التحدّي المزدوج المتمثّل في تلبية الاحتياجات المتزايدة من الطاقة، والحدّ من الانبعاثات.
وواصل الحديث قائلا: "وكما ترون فإن الفريق البحثي العالمي لأرامكو السعودية يعمل مع أكبر شركات صناعة السيارات وتطوير التقنيات لتعزيز الجهود الرامية إلى تطوير نماذج محركات الاحتراق الداخلي، والتقنيات منخفضة الانبعاثات وحلول المحركات الهجينة الفاعلة، وفي الوقت نفسه، تواصل الشركة تنفيذ عمليات بحث وتطوير متقدمةً بهدف تحقيق تحوّل في مجال محركات الاحتراق الداخلي، في الوقت الذي لا يزال فيه العالم يتهافت على هذه النوعية من المحركات لتشغيل أساطيل النقل".
قيمة السلامة
وعن السؤال هل تمثّل السلامة إحدى القيم الرئيسة بالنسبة لأرامكو السعودية.. وكيف تستثمر الشركة رعايتها لهذه السباقات في تعزيز هذه القيمة المهمة؟ أجاب الجامع: "بكل تأكيد تأتي السلامة في مقدمة أعمال واهتمامات الشركة، وهي جزء أصيل وفي صميم أعمالها، وفي هذا السياق لك أن تتخيّل وجود رياضة مثل هذه السباقات تتوافق إلى هذا الحدّ مع القيم الرئيسة لأرامكو السعودية وأسلوب عملها.. ففي سباقات الفورمولا 1، تضع الشركة أقصى تركيزها على التحسين المستمر للسلامة والأداء، وكما يقوم المهندسون بتتبع أداء السيارة أثناء السباق، ومراقبة كل جزء فيها.. يستخدم مهندسو الشركة تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والذكاء الاصطناعي، وحوسبة البيانات الضخمة، من أجل ضمان السلامة الدائمة لمرافق الأعمال وتشغليها وفق أعلى مقاييس الأداء".
وعلى الصعيد ذاته، هناك رابط بين محركات الفورمولا 1 والجيل القادم من أنواع الوقود التي تطورها أرامكو السعودية، حيث أبان النائب الأعلى للرئيس للموارد البشرية والخدمات المساندة في أرامكو السعودية، بأن تطوير المحركات كان أحد أعظم مظاهر التقدّم في مسيرة الفورمولا 1. ولعلّ الخطوات التي اتخذها المهندسون في الحلبة لم تغيّر الرياضة فحسب، بل العالم أيضًا، وبحسب وجهة نظر المهندسين، فإن وحدات الطاقة الهجينة المستخدمة في الفورمولا 1 مذهلة للغاية، فمن حيث القدرة على تحويل الوقود إلى طاقة قابلة للاستخدام، تُعد محركات الفورمولا 1 المهجنة الحالية، أكثر كفاءة بكثير من المعدّل المتوسط في سيارات اليوم.
أضاف: "ومع استمرار تشغيل 90% من سيارات العالم بمحركات تعمل بالبنزين والديزل، فإن أنواعًا جديدة من الوقود، مثل الوقود الاصطناعي المتجدد، إذا تم تبنّيها على نطاق واسع، يمكن أن يكون لها تأثير فوري في العالم على انبعاثات الغازات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري. لذلك فإن التطورات التي تحققت على مضمار السباق باستخدام محركات الفورمولا 1 وتقنيات الوقود من أرامكو السعودية، ستمكّن الفورمولا 1 من تحقيق هدفها المتمثل في الحياد الكربوني بحلول عام 2030، مع مواكبة الحاجة العالمية للحدّ من انبعاثات الغازات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري".
تطوير القدرات البشرية
وفي ختام حديثه، تحدث الجامع عن عمل أرامكو السعودية في تسريع عملية تطوير القدرات البشرية عبر سباقات الفورمولا 1، فقال: "على مدى نحو تسعة عقود من عملها ظلت أرامكو السعودية معنية بتطوير القدرات البشرية ودعم المجتمعات.. وفيما يتعلق بتسريع تطوير تلك القدرات لدينا أيضًا رعاية الشركة لفعاليات الفورمولا 1 في المدارس التي تُعد مثالًا آخر على اهتمام أرامكو السعودية بالمشاركة في تطوير قدرات الشباب لمتابعة مسارات مهنية في مجالات متعددة تشمل: العلوم، والتقنية، والهندسة، والرياضيات".
وأضاف: "وفي الحقيقة، فإن الشركة تركز بصورة جوهرية على بناء القدرات وتسريع عملية تطوير الإمكانات البشرية من خلال الجيل التالي من الشباب الموهوبين، وتزويدهم بالأدوات التي يحتاجونها لتحويل أفكارهم إلى حقائق، بدءًا من بناء الغرف الصفّية القائمة على التقنية، وإنشاء البرامج الصيفية المخصصة لمختلف مجالات العلوم، وبصورة عامة، فإن الشركة تسعى جاهدة لتسريع قدرة الشباب على إحداث الفرق، وتمكينهم من تقديم حلول تساعد مجتمعاتهم في تحقيق القفزة التالية للإمام. وبناءً على ذلك، نأمل من خلال الشراكة مع برنامج الفورمولا 1 في المدارس، في تحقيق مستويات جديدة من المشاركة من خلال التواصل مع الشباب من مختلف أنحاء العالم".