لعل المتابع للمشهد السياسة التركي وتحولاته المتناقضة بداء من احداث الربيع العربي التى كانت خلاله تركي تدعم بشكل كبير جماعات الاسلام السياسي وكان ذلك واضح في مصر وتونس وليبيا اضافه الى حجم التدخلات العسكرية في سوريا وليبيا والعراق وكذلك مغامراتها في شرق المتوسط مع اليونان وقبرص حول البترول والغاز الطبيعي ومحاولات تمددها في القرن الافريقي وتدخلها ايضا في ازمة سد النهضة من خلال تقديم مبادرة للحل هناك بين الاطراف المتنازعة لقد كانت السياسة الخارجية قبل استلام حزب العدالة والتنمية تهدف الى انهاء أي عداوات بينها وبين الدول سواء في منطقة الشرق الاوسط او علي مستوي الدول الإقليمية وكانت تلك الشعارات التي تنادي بها تركيا قبل عام 2000 لهدف مغازلة الاتحاد الأوروبي ورغبة الانضمام له، اضافه الى عدم وجود رغبه بوجود دور يعول عليها اقليميا او دوليا قبل تلك الفترة ولكن بعد ان استلم حزب العدالة والتنمية زمام الامور تغيرت الامور واصبح هناك انفراد بالقرار وظهور ادوار جديده للسياسة الخارجية التركية تماشيا مع حلم الإمبراطورية العثمانية المفقودة وانطلاقا من الصراع الداخلي بين اقطاب حزب العدالة والتنمية الحاكم فتلامذة نجم الدين اربكان اصبحوا اعداء ومنهم رجب طيب اردوغان وعبدالله جول لتضيع شعارات تجربتهم الديمقراطية التي كان البعض يتنبأ لها بانها كانت ستصبح تجربه اكثر نضجا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا حسب رايهم برغم التحديات الأمنية والاقتصادية التي تحيط بها داخليا وخارجيا وتواجه اقطاب السلطة الحاكمة في ذلك الحين وخصوصا مع المؤسسة العسكرية وما ترتب عليه من انقلاب عسكري ايضا عام 2016 وتوتر علاقاتها مع الناتو واليونان وفرنسا ونتيجة للسياسات التركية السلطوية القادمة ازداد حجم الفجوة بينها وبين الدول العربية منذا تغير اهدافها الاستراتيجية وبالتالي رؤيتها الخارجية ليبدا مسلسل من التخبطات بدء بدعم الاخوان في مصر ودعم المعارضة المسلحة لنظام بشار الاسد في سوريا والتدخل في العراق ودعم تنظيم الدولة (داعش) واثارت نعرت الاقليات التركية في المنطقة ولكن تلك المواقف تغيرت منذا قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة واخذت فى الانحسار مع انحسار دور الاخوان المسلمين بل ان منابع الدعم التركي لهذه الجماعة بداء في الخفوت بشكل ملفت ورموزها ترجلوا من تركيا بعد اتخاذها مقرا لها بل ان تركيا بدأت تغير من سياستها الخارجية للخروج من العزلة السياسية التي وضعت نفسها فيها وتعيد تموضعها وتحاول الانفتاح بشكل ملفت علي الدول العربية والتقرب منها ويتضح ذلك من الزيارات التي تمت والتقارب التركي المصري وكذلك زيارة وزير خارجية تركيا للمملكة العربية السعودية مولود تشاوش اوغلوا لتعزيز والعلاقات الثنائية والمصالح المشتركة وخاصه بعد فترة الفتور التي مرت بها علاقة البلدين بسبب التدخلات التركية والاتهامات المسيئة التي كانت توجه للمملكة ودولة الامارات بين حين واخر من الاعلام التركي ووفقا لدراسة نشرها “مركز دراسات الشرق الأوسط (ORSAM) في أنقرة، فإن الأسباب التركية للتقارب و جهود التطبيع بين تركيا ومصر وقطر والمملكة العربية السعودية، منها تغير القيادة في الولايات المتحدة. والآثار الاقتصادية السلبية لفيروس كوفيد-19، ويبدو أن القدرة العسكرية المتزايدة لتركيا جانب هام يمكن الاستفادة منه ايضا”، اضافه الى أن مصر والسعودية قد انفتحت على تركيا مما اثر ايضا على موقف ابوظبي للانفتاح على تركيا ودعوت تركيا لي ولى عهد ابوظبي يجسد هذا الانفتاح والرغبة التركية وخاصه ان هذه الزيارة تأتي بعد زيارة وزير خارجية الامارات الي سوريا وافرازات ما بعد انسحاب القوات الأمريكية من افغانستان وحجم النازحين على الحدود التركية والتوترات الكردية بالنسبة لتركيا وكذلك والجانب الاكثر اهميه والذي يضغط علي اردوغان وحزبه الجانب الاقتصادي الحرج من تضخم وبطاله وانخفاض قيمة العملة امام الدولار حيث وصلت الليرة التركية الي سعر9.8 مقابل الدولار الأمريكي وارتفاع الاسعار الذي جعل المواطنين الأتراك يتضجرون من سياسات حزب العدالة حيث وصلت نسبة البطالة وفق آخر إحصائية لمعهد الإحصاء التركي (tuik) بلغ معدل البطالة في البلاد 12.1 بالمئة في أغسطس 2021، دون أي تغيير قياسا بالشهر الذي سبقه. ولا ننسى المعارضة التركية والانتخابات التركية ايضا اضافه الي حجم التحديات والمخاطر المحيطة بتركيا مثل إيران وأذرعها وعملائها في الشرق الأوسط وكذلك ما تريده تركيا من اطار عمل مع دول الخليج لحماية مصالحها المشتركة فهل نحن مقبلون على خريف من السياسات التركية القادمة .
الكاتب والباحث والمستشار في المنازعات الدولية
د. سعد الحامد