أصدرت "مبادرة المحامين المحتجزين"، وهي تجمع مدني يدافع عن المحامين القابعين في السجون التركية، تقريراً جديداً بيّن أن القضاء التركي حاكم أكثر من 1600 محام، وأن السلطات الأمنية في البلاد احتجزت 615 آخرين بتهم تتعلق بالإرهاب، وذلك منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم الرئيس رجب طيب أردوغان والتي حصلت في منتصف شهر يوليو/تموز من العام 2016.
وكشف التقرير الذي رصد الحملات الأمنية التي قادتها السلطات التركية ضد المحامين، أن 474 محاميا صدرت بحقهم أحكام بالسجن لمدّة طويلة بذريعة انتسابهم لجماعة إرهابية أو نشر دعاية لصالحها، منذ مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري فقط، بحسب ما أورد موقع Turkish Minute الإخباري الناطق باللغة الإنجليزية.
وذكر التقرير أن السلطات التركية تواصل ملاحقة المحامين الذين كانوا يدافعون عن موكّليهم المتهمين بالانتماء لجماعة فتح الله غولن، الذي يتهمه الرئيس أردوغان بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكمه، حيث وجّه القضاء ذات التهمة إليهم وهي الارتباط بجماعة غولن، لكن التقرير لم يتطرّق للمحامين الذين احتجزتهم السلطات بذريعة الانتماء لحزب "العمال الكردستاني" المحظور لدى أنقرة.
وكشف مصدر في "مبادرة المحامين المحتجزين" لـ "العربية.نت" عن عدم وجود تنسيق كبير بينها وبين نقابة المحامين، الأمر الذي تسبب بعدم معرفة الأرقام الفعلية للمحامين القابعين خلف القضبان بتهمٍ شتّى، معللاً ذلك باختراق النقابة من قبل محامين مؤيدين للحزب الحاكم بعدما أجرى الرئيس التركي العام الماضي تغييراتٍ في هيكليتها، عندما أقرّ البرلمان تشريعاً جديداً سمح بإنشاء أكثر من فرع لنقابة المحامين في الولاية الواحدة بعدما كان يقتصر هذا الأمر على وجود فرعٍ واحدٍ فقط أو أكثر، بحسب الكثافة السكانية للمدينة وعدد المحامين فيها.
ورغم أن القضاء التركي يوجه تهمة "الإرهاب" و "نشر دعايةٍ إرهابية" لعددٍ كبير من المحامين والصحافيين والعاملين في الشأن العام، إلا أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رأت في بعض تلك الأحكام "انتقاماً سياسياً"، بحسب ما ورد في تقرير "مبادرة المحامين المحتجزين"، وهو ما يثير الشكوك حول استقلالية القضاء التركي، على حد تعبير المصدر السابق الذي رأى أن قانون مكافحة الإرهاب في تركيا "غامض" ويستغله حزب "العدالة والتنمية" الحاكم للانتقام من خصومه.
ومع أن تركيا عضو في مجلس أوروبا الذي يضم 47 دولة، لكنها لا تلتزم بالقرارات الصادرة عن المحكمة الأوروبية التي يشرف المجلس على عملها، فقد رفضت أنقرة الإفراج عن عثمان كافالا رجل الأعمال المعروف بأنشطته الخيرية، وصلاح الدين دميرتاش الرئيس المشارك الأسبق لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، وكلاهما قابع خلف القضبان منذ سنوات رغم مطالبة المحكمة الأوروبية وعواصم غربية بالإفراج الفوري عنهما.
وانتقد حليف أردوغان السابق، أحمد داود أوغلو الذي يقود حزب "المستقبل" منذ استقالته من حزب "العدالة والتنمية" قبل أكثر من عامين، الرئيس التركي قبل أيام، على خلفية رفض الأخير تنفيذ قراراتٍ صادرة عن المحكمة الأوروبية قضت بالإفراج غير المشروط عن كافالا ودميرتاش.
واعتبر داود أوغلو أن "أردوغان لا يعرف حتى الفرق بين الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا، فتركيا هي عضو في مجلس أوروبا، وبالتالي لا يفرض الاتحاد الأوروبي أي شيء على أنقرة التي يجب عليها الالتزام بقرارات المحكمة الأوروبية لكونها عضوا في مجلس أوروبا".