بعدما أعلنت وزارة الصحة السودانية، مساء الأحد، مقتل شخص وإصابة 123 آخرين على الأقل إثر اشتباكات مع القوات الأمنية أثناء الاحتجاجات التي انطلقت أمس رفضاً للاتفاق بين رئيس الحكومة عبد الله حمدوك ورئيس المجلس الانتقالي عبدالفتاح البرهان، تصاعد التوتر في البلاد.
فقد شهد السودان احتجاجات واسعة، تمكن خلالها المتظاهرون لأول مرة، من اختراق الحواجز الأمنية الكبيرة حول القصر الرئاسي وأخرى مؤدية إليه، وسط تدخل القوات الأمنية وإطلاق الرصاص وقنابل الغاز بكثافة على المتظاهرين، وهو ما استدعى تدخل منظمات محلية أصدرت بيانات منددة.
وأكدت صفحة "مبادرة استعادة نقابة المهندسين"، وهي إحدى الجهات التي دعت للتظاهر، أن المحتجين نجحوا بالوصول للقصر رغم الترسانات العسكرية والعنف المفرط، معلنة عن اعتصام قريب، وفق بيانها.
بدورها، دعت "لجان المقاومة" التي تقود الحراك الشعبي، المتظاهرين للاعتصام أمام القصر حتى تسليم السلطة للمدنيين.
أما قوى الحرية والتغيير فدعت كل قطاعات الشعب للمشاركة في المظاهرات السلمية، وطرحت إعلاناً سياسياً يؤكد ضرورة إجراء إصلاحات سياسية شاملة خلال الفترة الانتقالية تنتهي بإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
الانتقالي والحكومة يحذّران
ووسط هذه التطورات، شدد المجلس الانتقالي على أن القوات المسلحة لن تفرط بأمن السودان، وأكد العميد الطاهر أبو هاجة، مستشار قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أن القوات المسلحة تقوم بدورها.
وأضاف أنها ستبقى منحازة لتطلعات الشعب السوداني، وفق تعبيره.
كذلك اعتبر أن تظاهرات الأحد في السودان رفعت شعارات مختلفة ما يؤكد اختلاف الأجندة، ورأى أن النبرة الخلافية والعدائية التي نقلتها الاحتجاجات قد تؤثر على الانتقال في السودان، بحسب قوله.
من جانبه، حذر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مما اعتبره "الانزلاق إلى الهاوية"، وقال في كلمة وجهها إلى السودانيين عشية الاحتجاجات، إن البلاد تواجه تراجعاً كبيراً في مسيرة الثورة، وهو ما يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها وينذر ببداية الانزلاق نحو الهاوية، وفقا لكلامه.
الأكبر منذ سقوط البشير
يشار إلى أن مئات الآلاف من السودانيين كانوا تجمعوا الأحد، واتجهوا إلى القصر الجمهوري تمكنوا بعدها من فتح الجسور عنوة، عقب إغلاقها من قبل القوات الأمنية.
كما وصف مراقبون المسيرات التي غطت غالبية الشوارع الرئيسية في العاصمة المثلثة وعدد من المدن الأخرى، بـ"الأكبر منذ اندلاع الثورة السودانية في 19 ديسمبر /كانون الأول 2018، والتي أدت إلى إسقاط نظام عمر البشير.
اتفاق حمدوك والبرهان
يذكر أنه في 21 نوفمبر الفائت، وقع البرهان وحمدوك اتفاقاً سياسياً تضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، إلا أن قوى سياسية ومدنية عبرت عن رفضها للاتفاق، متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل.
أتى ذلك بعد أن فرضت القوات العسكرية في 25 أكتوبر الماضي، إجراءات استثنائية، حلت بموجبها الحكومة ومجلس السيادة السابق، وعلقت العمل بالوثيقة الدستورية، وفرضت حالة الطوارئ.