استهلت الميليشيات الحوثية العام الجديد في صنعاء بتنفيذ موجة تعسف وجباية جديدة طالت العشرات من أفران الخبز، في مناطق عدة تتبع مديرية معين في العاصمة المختطفة، وذلك في سياق استمرار مسلسل الابتزاز بحق من تبقى من منتسبي القطاعات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر محلية في صنعاء عن شن الميليشيات عبر ما يسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع لها منذ ثلاثة أيام حملة استهداف وجباية جديدة أسفرت عن إغلاق نحو 28 مخبزاً من أصل 60 تنتشر في أحياء شملان، ومذبح، والسنينة بحجة مخالفتها للأوزان.
وعدت المصادر في سياق حديثها مع «الشرق الأوسط»، ادعاءات الميليشيات مخالفة ملاك المخابر للأوزان ذريعة حوثية قديمة اعتادت الجماعة على استخدامها كمسوغ قانوني للبطش بالعاملين في تلك المهنة ونهب المزيد من أموالهم.
ووفق المصادر، أعاد مكتب الصناعة والتجارة الخاضع لسلطة الجماعة، فتح 15 مخبزاً من أصل 28 كانت قد تعرضت للإغلاق التعسفي بعد دفع ملاكها مبالغ مالية.
ورصدت «الشرق الأوسط» البعض من حملات الانقلابيين التعسفية وهي تستهدف أفران الخبز في إحدى مديريات العاصمة، إذ شوهد عدد من سكان إحدى المناطق بذات المديرية وهم يتجمعون أمام بوابة أحد المخابز المغلقة.
وعلى ذات الصعيد، شكا بعض السكان في مديرية معين بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من عدم توفر الخبز بمعظم أحياء وحارات وشوارع المديرية (ذات الكثافة السكانية العالية) عقب حملات المداهمة والإغلاق الحوثية.
وقال البعض منهم إن عودة الميليشيات مع دخول العام الجديد لاستهداف ملاك المخابز بحملة إتاوات غير قانونية لا تعد استهدافاً لهم فقط، بل هي تعدٍ واضح على ملايين المواطنين في صنعاء كون «الرغيف» سلعة أساسية بالنسبة للجميع دون استثناء، خصوصاً في ظل استمرار انعدام غاز الطهي الذي لا تزال الجماعة تحتكره وتقوم ببيعه بطريقة انتقائية وعبر مسؤولي الأحياء الموالين لها.
وبهدف إثراء قادتها ودعم عملياتها العسكرية، أطلقت الميليشيات على مدى أشهر العام الماضي المئات من حملات الابتزاز والتعسف بحق ملاك المخابز في العاصمة صنعاء ومدن أخرى، كان آخرها إغلاق المئات من الأفران في سبتمبر (أيلول) الماضي تحت مبرر وجود مخالفات، ثم عادت الجماعة فتحها بعد التزام ملاكها بدفع إتاوات مالية.
ومع تفاقم المعاناة والأوضاع الإنسانية بفعل الانقلاب وآلة الحرب وجرائم الفساد والابتزاز الحوثية، حذرت الأمم المتحدة في وقت سابق من أن اليمن بات على شفير المجاعة مجدداً، وقال بيان صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إنه إذا استمر القتال حتى عام 2022، فستُصنف اليمن كأفقر بلد في العالم».
وفي أحدث تقرير لها، قالت الأمم المتحدة إنها تواجه حالياً عجزاً تمويلياً بعملياتها الإنسانية في اليمن بقيمة 1.6 مليار دولار. وحث المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك، المانحين على زيادة مساهماتهم المالية للاستجابة الإنسانية في اليمن، والتي تمثل شريان الحياة لنحو 16 مليون شخص.
وقال دوغاريك: «أبلغنا زملاؤنا العاملون في المجال الإنساني أن نقص التمويل ما زال يؤثر على عملياتهم الإنسانية في اليمن حيث تلقت خطة الاستجابة الإنسانية في العام الماضي 58 في المائة من متطلبات التمويل، ما أدى إلى نقص 1.6 مليار دولار».
وأضاف «نتيجة لذلك، تضطر وكالات الإغاثة إلى تقليص البرامج الحيوية وإغلاقها. وقمنا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بخفض المساعدة الغذائية الطارئة لـ8 ملايين شخص في جميع أنحاء اليمن. وشهدت خدمات الصحة الإنجابية والمياه والحماية وغيرها من البرامج التي نقدمها تراجعاً كبيراً».
وفي وقت سابق، أعلن البنك الدولي أن الحرب الحوثية تسببت في وقوع أكثر من 21 مليون نسمة من أصل 26 تحت خط الفقر، أي 80 في المائة من تعداد سكان البلد المضطرب، في حين قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن قرابة 24 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية.