تعرضت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي إلى خسارة قاسية ثانية منذ خسارتها الأولى في الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وجاءت خسارتها هذه المرة خلال الجلسة الأولى لمجلس النواب أول من أمس واختيار رئيسه ونائبيه التي انتهت بانسحاب معظم نواب «الإطار» منها بعد إخفاقها في تحقيق أهدافها المتمثلة في اعتبارها الكتلة الأكبر برلمانياً وتمرير مرشحها لرئاسة البرلمان.
ورأى مراقبون أن الصدر وكتلته النيابية حققوا الانتصار الثاني في سياق صراعهم مع قوى الإطار بعد أن تمكنوا من إقناع السنة والكرد بالتصويت لمحمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان والصدري حاكم الزاملي نائباً أول له والكردي شاخوان عبد الله (الديمقراطي الكردستاني) نائباً ثانياً، في إطار صفقة «تبدو متكاملة «وصولاً إلى التصويت على منصبي رئاسة الجمهورية والوزراء خلال الأسابيع الأربعة المقبلة. ونجح الصدريون أيضاً، في إحباط محاولة جماعات «الإطار» في تقديم نفسها إلى البرلمان ورئيس السن كأكبر كتلة برلمانية مؤهلة لتشكيل الحكومة، وذلك من خلال طلب قدمه عضو الإطار النائب أحمد الأسدي إلى رئيس السن موقعاً من 88 نائباً، الأمر الذي شككت فيه بقية الكتل ورأت أن فيه «تحايلاً» على حق الكتلة الصدرية في أن تكون الكتلة الأكبر بحكم فوزها بـ73 مقعداً برلمانياً.
وأثارت الخسارة التي منيت بها قوى «الإطار» غضبها الشديد، وأعلنت رفضها لمخرجات الجلسة الأولى للبرلمان، ولوحت مجدداً بالذهاب إلى المحكمة الاتحادية، مثلما فعلت من قبل وطالبت بإلغاء نتائج الانتخابات أمام المحكمة وخسرت القضية.
وقالت قوى «الإطار» في بيان عقب جلسة البرلمان: «تابعنا خلال الأسابيع الماضية كل المحاولات المخلصة من أجل منع الوصول إلى الانسداد السياسي وتعميق الأزمة الاجتماعية والسياسية الناتجة عن التلاعب بنتائج الانتخابات، وبعد أن قدمنا كل التنازلات خدمة للصالح العام وللسلم المجتمعي وصولاً إلى تحديد عقد موعد الجلسة الأولى للبرلمان من قبل رئيس الجمهورية». وتابع: «سجلنا الكتلة النيابية الأكثر عدداً وفقاً للإجراءات الدستورية، وسنتصدى لهذا التفرد اللامسؤول في القرار السياسي ونمنع أخذ البلد إلى المجهول». وأكد «عدم اعترافنا بمخرجات جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبيه كونها تمت بعدم وجود رئيس السن الذي ما زال ملتزماً بتأدية مهامه»، في إشارة إلى إجلاء «رئيس السن» محمود المشهداني من قاعة البرلمان وسط مزاعم عن تعرضه للضرب.
ونفت المحكمة الاتحادية، أمس الاثنين، ما تداولته بعض المواقع المقربة من جماعات الإطار بشأن إعطاء رأي مسبق من رئيسها أو أحد أعضائها بشأن إجراءات جلسة مجلس النواب أول من أمس.
وفيما تحدثت جماعات «الإطار» واستنكرت كثيراً ما حدث لرئيس السن محمود المشهداني ونقله إلى المستشفى بذريعة اعتداء تعرض إليه من الصدريين، يشكك معظم النواب خارج جماعات «الإطار» في الحادث ويرون أنه «مفبرك» من قبل جماعات «الإطار» لتأجيل الجلسة بعد أن علمت بعدم قدرتها على تمرير مرشحها لرئاسة البرلمان أو اعتمادها «كتلة أكبر».
وكان المشهداني، قد أكد في تصريح تلفزيوني، أول من أمس، أنه مرر الكتلة الأكبر بثمانية وثمانين نائباً قبل مغادرته الجلسة، معتبراً أن «الجلسة غير قانونية وغير شرعية بدون وجود رئيس السن الشرعي، وسنطعن لدى المحكمة الاتحادية».
لكن النائب عن تحالف «تقدم» مشعان الجبوري رأى أن «المشهداني كان مُبيت النية على (خربطة) الجلسة» بعد تعليمات تلقاها من جماعات «الإطار التنسيقي».
وبغض النظر عن الخلافات والاحتكاكات التي حدثت في الجلسة الأولى أو الموقف اللاحق الذي ستتخذه جماعات «الإطار»، تمكن الصدر وكتلته من المضي قدماً بالمسار الذي تبنوه بعد إعلان النتائج وهو مسار يتعلق بالاستناد إلى «أغلبية وطنية» وليست «طائفية شيعية» تحتكر مفهوم الكتلة الأكبر على غرار ما حدث في الدورات السابقة، حيث أظهرت جلسة البرلمان الأولى تحالفاً متيناً لكنه غير معلن بين الصدر والكتلة السنية المتمثلة بتحالفي (عزم وتقدم)، إلى جانب الكتل الكردية، وخصوصاً كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان السابق مسعود البارزاني، ولولا ذلك الاتفاق الواضح وغير المعلن لما تمكن الصدريون من تمرير اختيار رئيس البرلمان بأغلبية واضحة (200 صوت) داخل البرلمان وكذلك تمرير نائبيه.
ولعل ما كشف عنه النائب مشعان الجبوري، عن مسعود بارزاني من أنه «لن يشارك في أي حكومة يشكلها الإطار التنسيقي، وفي حال شُكلت فإنه سيذهب إلى المعارضة»، يؤكد قضية التنسيق والتحالف عالي المستوى بين الصدريين وبارزاني.
وقال الجبوري في تصريحات لم ينفها الحزب الديمقراطي إن «مسعود بارزاني لا يدخل بحكومة يشكلها الإطار التنسيقي، وقد أخبرني بصريح العبارة بالقول: آذونا ودمرونا، أطلقوا وعودهم وكذبوا علينا ويضربوننا بصواريخ وبطائرات مسيرة، ولن أذهب معهم»، في إشارة إلى قوى الإطار التنسيقي وخصوصاً نوري المالكي والفصائل المسلحة.