وصفت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تهريب الأسلحة من إيران إلى الحوثيين في اليمن بأنه «يمثل انتهاكاً صارخاً» لحظر الأسلحة الذي يفرضه مجلس الأمن بموجب العديد من القرارات، معتبرة ذلك «مثالاً آخر» على نشاط إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، فضلاً عن إطالة أمد الحرب في هذا البلد العربي.
وجاء هذا الموقف الأميركي خلال جلسة عقدها مجلس الأمن أمس الأربعاء واستمع خلالها إلى إحاطة من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ الذي استهل كلمته بالإشارة إلى أن وتيرة التصعيد تسارعت مع السنة الجديدة، مؤكداً أنه بعد سبع سنوات من الحرب «لا يوجد حل مستدام طويل الأجل يمكن العثور عليه في ساحة المعركة»، داعياً المتحاربين إلى التحادث مع بعضهم البعض «حتى لو لم يكونوا مستعدين لإلقاء أسلحتهم». وسلط الضوء على التصعيد العسكري في الأسابيع الأخيرة والذي «كان من الأسوأ منذ سنوات»، لافتاً إلى أن «جماعة الحوثي لا تزال مصممة على مواصلة هجومها على مأرب». وتحدث عن تجدد القتال في شبوة حيث استعادت القوات الحكومية بدعم من تحالف دعم الشرعية ثلاث مديريات من الحوثيين، مشيراً أيضاً إلى تصاعد الغارات الجوية والقصف في تعز واستمرار القتال في جنوب الحديدة. وورد ذكر بدعواته المتكررة لتخفيف التصعيد وضبط النفس، وناشد الأطراف المتحاربة «باحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، والتي تشمل حماية المدنيين والأعيان المحمية». ووصف مصادرة الحوثيين أخيراً لسفينة ترفع علم الإمارات العربية المتحدة بأنها أمر «يبعث على القلق»، معبراً أيضاً عن «قلقي حيال استمرار احتجاز موظفي الأمم المتحدة في صنعاء ومأرب».
وتكلم غروندبرغ عن التطورات التي تشكل «تحديات كبيرة للسلام»، موضحاً أنه «استكشف طرقاً ملموسة» لمخاطبة الأطراف حول «الأولويات»، ومنها وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، معترفاً بأن هذه الجهود «واجهت عقبات كالتي أعاقت جهود مماثلة في الماضي»، ومنها الخلافات حول الأولويات وانعدام الثقة. ولفت إلى أنه يخطط «لتعميق المشاورات مع كل أطراف النزاع ومع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة اليمنيين لتحديد وتطوير الأولويات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى التي يجب أن يجري تناولها في كل من هذه المجالات الثلاثة، مكرراً أنه عازم على «إنشاء عملية سياسية شاملة مدعومة دولياً يمكنها توفير أساس مقبول لتطبيق السلام».
من جهته، شدد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية راميش راجاسينغهام على ضرورة عدم استهداف المدنيين في اليمن، مشيراً إلى أن الحرب تتسبب بأزمة اقتصادية. ولفت إلى أنه جرى الحصول على 58 في المائة من التمويل المطلوب لخطة الاستجابة الإنسانية الأممية في اليمن، بينما «نحتاج 3.9 مليار دولار لمساعدة 16 مليون يمني». وأكد أن الحوثيين رفضوا وصول الفريق الأممي للموظفين الأمميين المحتجزين. كما اتهم الحوثيين بأنهم يقوضون جهود تقديم المساعدات، لافتا إلى أن الاقتصاد يتهاوى في اليمن.
وتحدثت المندوبة الأميركية عن «الارتفاع المقلق» في الأعمال العدائية، بالإضافة إلى «النمط الواضح لتصعيد الحوثيين وعرقلتهم»، فضلاً عن الأوضاع الإنسانية. وعبرت عن قلق بلادها من استمرار التصعيد ولا سيما في صنعاء ومأرب والبحر الأحمر، معتبرة أن ذلك «يهدد احتمالات التوصل إلى حل سياسي سلمي وشامل، ويؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل». وإذ أشادت بجهود غروندبرغ، مؤكدة أنه «يجب على كل الأطراف التعامل معه ومع بعضها البعض بحسن نية ومن دون شروط مسبقة للتقدم في حل سياسي شامل». ونددت بتصعيد الحوثيين «العنف الذي يقوض قضية السلام»، مشيرة إلى أن الحوثيين «يواصلون اعتقال ومضايقة الموظفين المحليين اليمنيين الذين يعملون لدى (سفارة) الولايات المتحدة، وموظفي الأمم المتحدة». وقالت: «يجب على الحوثيين إطلاق جميع موظفينا اليمنيين من دون أن يصابوا بأذى، وإخلاء مجمع السفارة الأميركية السابق، وإعادة الممتلكات الأميركية المصادرة، ووقف تهديداتهم ضد موظفينا وعائلاتهم». ونددت أيضاً باستيلاء الحوثيين على سفينة تجارية ترفع العلم الإماراتي الأسبوع الماضي، مطالبة الحوثيين بـ«الإفراج الفوري عن السفينة وطاقمها سالمين».
وحملت غرينفيلد بشدة على «التدفق غير المشروع للأسلحة إلى الحوثيين، مذكرة بأن البحرية الأميركية صادرت الشهر الماضي ما يزيد على 1400 بندقية هجومية و226 ألف طلقة ذخيرة من سفينة آتية من إيران. وأضافت: «يمثل تهريب الأسلحة من إيران إلى الحوثيين انتهاكاً صارخاً لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وهو مثال آخر على الكيفية التي يؤدي بها نشاط إيران المزعزع للاستقرار إلى إطالة أمد الحرب في اليمن». واتهمت الحوثيين كذلك بأنهم يواصلون «العنف والاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي والاحتجاز التعسفي والقتل المستهدف»، مضيفة أن هذا أمر «غير معقول».