تجددت مشاعر الخوف من تفشي الإصابات بالمتحور الجديد «أوميكرون» بين صفوف الطلاب تزامناً مع عودة الدراسة وانتشار العدوى بشكل كبير بين معظم أفراد المجتمع ومنهم الأطفال والمراهقين. وهذا ما دفع الهيئات الصحية في العالم كله للتوصية بضرورة تناول جرعة منشطة من اللقاح على أن يكون الفرق الزمني 6 أشهر بين آخر ميعاد لتناول الجرعة السابقة من اللقاح.
وحتى بداية العام لم يكن الموقف من إعطاء الأطفال محسوما ولكن مؤخرا وافقت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية FDA على إعطاء جرعة منشطة من لقاح شركة فايزر للمراهقين من عمر 12 وحتى 17 عاما مع تقليل الفرق الزمني إلى 5 شهور بدلا من 6 شهور على آخر جرعة.
تطعيم المراهقين
أوضحت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة CDC أن التصريح بتناول اللقاح تحت عمر 12 عاما ما زال قيد الدراسة. ولكن يمكن إعطاء جرعة استثنائية للأطفال الذين يعانون من ضعف المناعة لسبب أو لآخر من عمر 5 وحتى 12 عاما لأنهم أكثر عرضة للإصابة من غيرهم، وأيضا أكثر عرضة لحدوث المضاعفات والحجز في المستشفيات خاصة أن العدوى بالمتحور الجديد سريعة الانتشار جدا، وأعداد الإصابات بين الأطفال أضعاف الحالات في بداية الجائحة. ونصحت المراكز بضرورة التطعيم وعدم الاعتماد على التصريحات الخاصة بكون المتحور الجديد ليس على نفس الدرجة من الخطورة.
أكد العلماء أن عدم وجود حالات كثيرة تعاني من مضاعفات، وثبات أعداد الوفيات رغم زيادة الإصابات راجع إلى النسب الكبيرة في تناول اللقاحات بين السكان وليس فقط لأن الأعراض أقل حدة. واستمرار تناول التطعيمات هو الضمان للتخلص من خطورة الفيروس على المدى القريب مع الحفاظ على إجراءات التباعد والالتزام بلبس الكمامة، ومع الوقت تصبح العدوى مثل دور البرد حتى لو تم انتشاره بشكل كبير لا يسبب الهلع أو تعطيل الحياة.
رغم أن علماء المراكز الأميركية CDC لم يقوموا حتى الآن بتوضيح التوصيات الخاصة ببقية اللقاحات فإن البروتوكول الوقائي الخاص بتناول جرعة معززة يكاد يكون متطابقا في جميع دول العالم رغم اختلاف التطعيمات. وتبعاً لمنظمة الصحة العالمية WHO ليس هناك أي ضرر طبي من أن تكون الجرعة التنشيطية من لقاح مختلف عن المستخدم في الجرعة الأصلية للمراهقين من عمر 12 وحتى 17 عاما، حيث إن التصريح كان خاصا بلقاح فايزر، بينما لم تتم التوصية ببقية اللقاحات المتداولة في الولايات المتحدة، مثل لقاح شركة موديرنا أو جونسون التي لا يزال استخدامها حتى الآن قاصرا على البالغين فوق 18 عاما. وبالنسبة للأطفال تحت عمر 12 لم تكن هناك تجارب على مدى الأمان باستثناء الاستخدام الطارئ فقط في الجرعة التنشيطية.
موازنة تأثيرات اللقاح
قام العلماء بموازنة مزايا تناول اللقاح مقابل خطورة الأعراض الجانبية النادرة التي حدثت في المراهقين وأهمها التهاب عضلة القلب myocarditis. وقال أطباء القلب إن تأثير الإصابة بـ(كوفيد) على عضلة القلب ربما يتعدى خطورة اللقاح، وبالتالي لا داعي من القلق من تناول الجرعة المعززة حتى في الأطفال من ذوي المناعة المنخفضة.
وأشاروا إلى قوة العدوى الكبيرة لمتحور أوميكرون، وأوضحوا أنه حتى مع الإجراءات الاحترازية والحرص الشديد ينتشر المرض بسرعة كبيرة وتتزايد الأعداد، وهو ما أدى إلى امتلاء المستشفيات بالمرضى، ومنهم الذين يعالجون بمتحور دلتا بالفعل، ولذلك نصحت الآباء بضرورة تطعيم الأطفال.
تبعا للدراسات من الأفضل أن ينال الطفل قسطاً من الراحة بعد تناول اللقاح، ويفضل ألا يذهب إلى المدرسة في اليوم التالي لتناول اللقاح، حيث يحدث في الأغلب ارتفاع طفيف في درجة الحرارة وبعض الآلام في العضلات، وبالنسبة للأطفال الذين يعانون من أي أعراض نزلة البرد حتى لو كانت طفيفة (مثل سيلان الأنف أو السعال أو الاحتقان بالحلق) يفضل أن يتم الانتظار حتى يتماثل الطفل أو المراهق للشفاء بشكل كامل لأن اللقاح يمكن أن يزيد من حدة الأعراض في حالة حدوث الأعراض الجانبية، علما بأن اللقاح لا يسبب المرض.
وأوضحت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال AAP فى تقرير لها أن حالات الإصابة بـ«كورونا» بين الأطفال وصلت إلى أعلى معدلاتها على الإطلاق، وتم الإبلاغ عن 325 ألف حالة في الأسبوع الأخير من العام الماضي، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 64٪ عن الأسبوع السابق له مما يعني مضاعفة عدد الحالات تقريباً.
من جهتها أوضحت منظمة الصحة العالمية WHO الكثير من المعلومات المتعلقة بالمقارنة بين خطورة العدوى من المتحور الجديد والمتحور السابق (دلتا). وعلى سبيل المثال فإن سرعة انتشار أوميكرون أعلى من دلتا ثلاث مرات، والإصابات العالمية تتضاعف كل 3 أيام، والإصابة العائلية household infection (بمعنى عدوى الأسرة في حالة إصابة واحد منها) أعلى من دلتا 3 مرات وإعادة الإصابة مرة أخرى أكثر من دلتا 5 مرات.
ولكن حتى الآن فإن معظم الأعراض بسيطة وخاصة بالجزء الأعلى من الجهاز التنفسي، وأوضحها احتقان الحلق والشعور بتهيج الأنف، وفي معظم الحالات لا يكون هناك اختفاء لحاستي الشم والتذوق (كان هذا العرض مميزا للإصابة بـ«كورونا»). والشيء الجيد أن فرص دخول المستشفيات للذين تلقوا جرعتين من اللقاح أقل بنسبة 65 في المائة وهو ما يشير إلى الأهمية الكبيرة للجرعة المعززة.
* استشاري طب الأطفال