في الوقت الذي ينهمك فيه أبو خالد (52 عاماً)، نازح من ريف إدلب الشرقي، في مخيم عين دارة بريف عفرين شمال حلب، بالعمل على تقطيع أعواد الحطب وتعبئتها في أكياس صغيرة، مسابقاً الزمن قبيل قدوم العاصفة الثلجية التي تحدثت عنا مراصد الطقس والأحوال الجوية، تقوم زوجته وأولاده بنقل كمية من التراب والرمال لوضعها بمحيط الخيمة، منعاً لتسرب مياه الأمطار المحتملة إلى داخلها.
وقال أبو خالد: «العواصف المطرية الماضية علمتنا (الي ما بيحسب ما بيسلم). ونعمل الآن أنا وأسرتي وكثير من الأسر في المخيم على تأمين الخيام وحمايتها من الغرق بالأمطار، وتأمين الحطب الكافي للتدفئة طيلة فترة المنخفض أو العاصفة الثلجية التي تحدثوا عنها، وبردها القارس. ويبقى الهاجس الأكبر بالنسبة لنا هو تعرض الأطفال لنزلات البرد والتهابات في الصدر، في الوقت الذي لا نملك فيها ثمن الدواء والعلاج».
يضيف: «أكثر من 20 عائلة في المخيم تعرضت خيامها للغرق مع بداية فصل الشتاء الحالي، بسبب الأمطار الغزيرة، ولجأت إلى أقاربها في مناطق مجاورة، لحين انتهاء المنخفض». وتسببت مياه الأمطار حينها بتلف ما تمتلكه تلك العائلات، كالأغطية والفرش وبعض أواني الطبخ، فضلاً عن تعرض أكثر الخيام للتمزق نتيجة العاصفة الهوائية التي تلت الأمطار الغزيرة.
من جهته، قال أبو زياد (31 عاماً)، نازح من ريف حماة، ويقيم في مخيم عبودان بريف عفرين شمال حلب، إن «عدداً من العائلات بدأت تقلق مع بدء العاصفة الثلجية وهطول الثلوج في المنطقة، وتكمن مخاوفها باستمرار هطول الثلوج وتراكمها على أسطح الخيام المهترئة، وبالتالي تعرض بعضها للسقوط، نتيجة ثقل الثلج، ومن جهة ثانية، انقطاع الطرق المؤدية للمخيم، وتدني درجات الحرارة، ونفاد الكميات المحدودة من الحطب والبيرين للتدفئة عند العائلات، ما قد يتسبب بكارثة إنسانية تطال أكثر من 120 عائلة تقطن المخيم».
وقال مسؤول في «فريق منسقي استجابة سوريا» إن «منخفضاً جوياً جديداً يؤثر بشدة في المناطق شمال غربي سوريا، خاصة منطقة المخيمات التي يقطنها أكثر من مليون ونصف مليون مدني، وسط تخوف كبير بين النازحين من المنخفض، بسبب الرياح والأمطار الغزيرة واحتمالية تساقط الثلوج على المخيمات، قد تؤدي إلى تفاقم معاناتهم، وتعرضهم للبرد القارس والأمراض، ولا سيما أن المنخفض السابق تسبب بأضرار متفاوتة بأكثر من 104 مخيمات».
وطالب المنظمات والهيئات الإنسانية «المساهمة الفعالة» بتأمين احتياجات النازحين من «الأغطية والفرش ووسائل تدفئة نقية»، ضمن المخيمات بشكل عام، والعمل على توفير الخدمات اللازمة للفئات الأشد ضعفاً (الأطفال والنساء وكبار السن)، ورفع حالة الطوارئ لدى المنظمات والجمعيات العاملة كافة في المنطقة، تحسباً لأضرار جديدة محتملة ضمن المخيمات، نتيجة العاصفة الثلجية والرياح الباردة التي بدأت بالاقتراب من البلاد ومخيمات النازحين.
وحذّر ناشطون من العاصفة الثلجية والمطرية والرياح الشديدة التي تهدد مناطق المخيمات في شمال غربي سوريا؛ حيث يوجد أكثر من 1130 مخيماً عشوائياً من أصل 1470 مخيماً للنازحين، وافتقار معظم المخيمات العشوائية لأبسط المقومات والخدمات، بعد أن جرى إنشاؤها على أرض مسطحة يسهل غرقها واقتلاع خيامها أمام أي عاصفة مطرية أو هوائية. وقد تكون النتائج كارثية بالنسبة للنازحين، ولا سيما أن الجميع يتخوف من عدم قدرة المنظمات والجمعيات الإنسانية العاملة في شمال غربي سوريا على توفير الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية للنازحين، في الوقت الذي توقف فيه أكثر من 13 مشفى ومركزاً صحياً، عن تقديم الخدمات الطبية للنازحين بسبب توقف التمويل عنها من الجهات المانحة (الدولية).