يعقد ممثلون عن طالبان محادثات مع دبلوماسيين غربيين في أوسلو اليوم الاثنين تتركّز على الأزمة الإنسانية التي تعيشها أفغانستان وحقوق الإنسان، خصوصاً النساء اللواتي فرضت الحركة قيوداً متشددة عليهن.
وفي أول زيارة يجريها ممثلون عن طالبان إلى أوروبا منذ عادت الحركة إلى السلطة في أغسطس، سيجتمع هؤلاء مع ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي والنرويج.
ويترأس وفد طالبان وزير خارجية حكومة الحركة أمير خان متقي.
وتجري المحادثات المغلقة بتسهيل من النرويج في فندق "سوريا موريا" الواقع على تلة تغطيها الثلوج خارج أوسلو.
ويُتوقّع أن تتركز المحادثات على وضع حقوق الإنسان، الذي تدهور في أفغانستان بدرجة كبيرة منذ أغسطس، عندما عادت الحركة إلى السلطة بعد 20 عاماً على الإطاحة بها.
وتوقفت المساعدات الدولية لأفغانستان، ما فاقم معاناة ملايين السكان الذين كانوا في الأساس يعانون من الجوع عقب موجات جفاف متتالية.
وجاء في تغريدة، الأحد، للمبعوث الأميركي الخاص توماس ويست أن "في موازاة البحث مع حلفائنا وشركائنا والمنظمات الإنسانية في سبل حل الأزمة الإنسانية، سنواصل اعتماد دبلوماسية قائمة على النظر إلى الأمور بلا أي أوهام مع طالبان في ما يتعلق بمخاوفنا وبما تقتضيه مصلحتنا بأن تكون أفغانستان مستقرة وتحترم حقوق الإنسان وجامعة" لكل الأطراف المحليين.
ولم تعترف أي دولة بعد بحكومة طالبان. وشددت وزيرة الخارجية النرويجية أنيكين هويتفيلدت الجمعة على أن المحادثات "لن تمثل شرعنة لطالبان أو اعترافاً بها".
وأضافت: "لكن علينا التحدث مع السلطات التي تدير البلاد بحكم الأمر الواقع. لا يمكننا أن نسمح للوضع السياسي بأن يؤدي إلى كارثة إنسانية أسوأ".
في الأثناء، أعربت طالبان عن أملها في أن تساهم المحادثات في "تحويل أجواء الحرب.. إلى وضع يسوده السلام"، وفق ما قال الناطق باسم حكومتها ذبيح الله مجاهد لوكالة "فرانس برس" السبت.
ومنذ أغسطس، تم تعليق المساعدات الدولية التي كانت تموّل حوالي 80% من ميزانية أفغانستان، فيما جمّدت الولايات المتحدة أصولاً بقيمة 9.5 مليارات دولار للمصرف المركزي الأفغاني.
في الأثناء، قفزت معدلات البطالة ولم تُدفع رواتب الموظفين في القطاع الحكومي منذ أشهر.
واليوم يهدد شبح الجوع 23 مليون أفغاني أي ما يعادل 55% من السكان، وفق بيانات الأمم المتحدة، التي تشير إلى أنها تحتاج إلى 4.4 مليارات دولار من الدول المانحة هذه السنة للتعامل مع الأزمة الإنسانية.
"كسر الجليد"
وما زال المجتمع الدولي بانتظار معرفة كيف تنوي الحركة حكم أفغانستان، بعدما ضربت بمسألة حقوق الإنسان عرض الحائط إلى حد بعيد خلال ولايتها الأولى بين 1996 و2001.
وتصرّ طالبان على أنها باتت أكثر اعتدالاً، لكن النساء ما زلن محرومات إلى حد كبير من العمل في القطاع العام فيما بقيت المدارس الثانوية بمعظمها مغلقة أمام الفتيات.
واختفت ناشطتان هذا الأسبوع بعد اعتقالهما من منزليهما في كابل عقب مشاركتهما في تظاهرة.
والأحد، اليوم الأول من زيارة وفد طالبان إلى أوسلو التي تستمر ثلاثة أيام، التقى ممثلو الحركة بشخصيات من المجتمع المدني الأفغاني، بما في ذلك ناشطات وصحافيين، لمناقشة مسألة حقوق الإنسان.
وقالت الناشطة المدافعة عن حقوق النساء التي كانت بين المشاركين في الاجتماعات جميلة أفغاني لـ"فرانس برس": "كان اجتماعاً إيجابيا لكسر الجليد".
وأكدت أن ممثلي طالبان "أظهروا حسن نية.. سنرى إذا كانت أفعالهم ستتطابق مع أقوالهم".
في الأثناء، شدد ذبيح الله مجاهد في تغريدة أن على "جميع الأفغان أن يتعاونوا من أجل تحقيق نتائج سياسية واقتصادية وأمنية أفضل".
ولفت إلى أن "المشاركين.. أدركوا بأن لا حل غير التفاهم والتعاون المشترك".
وكان أعضاء الوفد الذي ضم 15 شخصية جميعهم ذكور قد وصلوا السبت على متن طائرة استأجرتها الحكومة النرويجية.
وكان من بينهم أنس حقّاني، زعيم "شبكة حقّاني"، الفصيل الأكثر عنفاً في حركة طالبان والمسؤول عن بعض أسوأ الهجمات التي شهدتها أفغانستان.
وقوبلت مشاركته بانتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.