كشف نائبان في البرلمان التركي عن مفاجأة طبّية في البلاد تحوّلت لموضوع جدل بين حزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبين الأحزاب الأخرى التي تعارضه وينتمي إليها النائبان اللذان تطرّقا لارتفاع معدّلات استخدام مضادات الاكتئاب في تركيا وذلك تحت قبّة البرلمان التركي وهو ما أثار غضب نواب الحزب الحاكم ونواب حليفه في حزب "الحركة القومية" اليميني.
واستعرض برهان الدين بولوت النائب في البرلمان التركي عن حزب "الشعب الجمهوري" وهو حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، دراسة تبّين أن عام 2021 الماضي، سجّل بيع 59 مليونا و641 ألفا و14 علبة دواء مضاد للاكتئاب وذلك بزيادة عن عام 2020 قُدِّرت بنحو 5 ملايين علبة إضافية، وهو ما يعني ارتفاعاً كبيراً سيما مع مقارنة النائب لإجمالي العلب المُباعة في العام 2020 التي بلغ عددها 54 مليونا و624 ألفا و964 علبة دواء، في حين كان قد سجّل العام 2017 بيع 48 مليونا و226 و812 علبة دواء مضاد للاكتئاب آنذاك.
ورغم تهجّم نواب من الحزب الحاكم على بولوت ونفي البيانات التي كشف عنها، إلا أنه عارض ذلك محذّراً من "بلوغ معدل استخدام مضادات الاكتئاب لمستوياتٍ قياسية"، معتبراً أنها "تثير قلق المجتمع خاصة بعد ارتفاع معدلات بيعها في العامين الماضيين بنحو 10 ملايين علبة دواء مقارنة بالعام 2017 على سبيل المثال"، على حدّ تعبّيره.
كما رأى النائب المعارض أن "الأزمة الاقتصادية وأزمة العملة والتضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية وانعدام فرص العمل، تسببت في لجوء المواطن التركي إلى هذه المضادات بعد تدهوّر حالته النفسية نتيجة استمرار تلك المشاكل الاقتصادية التي أثّرت على وضعه المعيشي".
وتعليقاً على البيانات التي كشفها بولوت، شدد نائبٌ آخر في البرلمان التركي عن حزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد على صحة الأرقام التي تناولها النائب الأول، معبّراً عن "قلقٍ كبير" من استمرار بيع مضادات الاكتئاب بكمياتٍ كبيرة.
وقال النائب نجدت إيبك يوز وهو أيضاً طبيب بشري إن "الحالة النفسية لعدد كبير من مواطني البلاد تتدهور، وعلى خلفية ذلك يلجؤون لتناول مضادات الاكتئاب سيما الفئة التي تشعر بالقلق من مستقبلها وعدم حصولها على فرص عملٍ مناسبة حتى الآن".
وأضاف لـ "العربية.نت" أن "الصيادلة يؤكدون تفاقم أزمة تناول مضادات الاكتئاب لاسيما مع استمرار مختلف أزمات البلاد التي تؤثر سلباً وبشكلٍ مباشر على حياة فئةٍ كبيرة من أبناء المجتمع، فالأزمة الاقتصادية مثلاً حرمت كثيرين من نمط حياتهم السابق ولذلك تدهورت حالتهم النفسية وباتوا يتناولون مضاداتٍ للاكتئاب وهذا أمر يجب أن يتوقف".
وتابع أن "الناس هنا في تركيا خائفون وقلقون من مستقبلهم وقد يكون هذا الأمر موجوداً في دولٍ أخرى، لكن علينا البحث عن حل لمشكلتنا هذه، وكطبيب أستطيع القول إن متاعب الحياة تعد السبب الرئيسي لتناول هذه المضادات ولذلك على الحكومة تقديم المزيد من المساعدات للفئات التي تأثرت بأزمات البلاد كي تضع حدّاً لهذه المشكلة قبل تفاقهما أكثر".
وبحسب النائبين في البرلمان التركي اللذين شددا على صحة البيانات التي تطرّقا إليها داخل قبّة البرلمان، فإن الأرقام الواردة والتي تظهر عن بيع أعدادٍ كبيرة من مضادات للاكتئاب هي صادرة بشكلٍ رسمي عن نقابة الصيادلة في تركيا.
وطالب كلا النائبين، نواب الحزب الحاكم الذين نفوا صحة بياناتهما بمراجعة نقابة الصيادلة والاطلاع على لائحة الأدوية المضادة للاكئتاب والتي تمّ بيعها في عام 2021 الماضي.