بالنسبة إلى الأشخاص الذين تجاوزوا 60 عاماً من العمر، قد تمنع عملية خفض ضغط الدم المكثفة حدوث مشكلات قلبية أكثر، مقارنة بالعلاج الاعتيادي.
خفض فعال
تشير المبادئ التوجيهية الحالية الصادرة عن مؤسسات القلب الرائدة في الولايات المتحدة إلى أن البالغين يجب أن يستهدفوا قراءة ضغط الدم أدنى من 130/ 80 مليمتر زئبق. لكن بعض الأطباء يعتقدون أن الهدف المذكور ربما يكون قاسياً أكثر من اللازم بالنسبة إلى المسنين، الذين قد يكونون أكثر عرضة للأضرار الجانبية من عقاقير ضغط الدم، كالدوار أو السقوط أرضاً. والآن؛ تؤكد دراسة جديدة فاعلية الخفض المكثف لضغط الدم لدى الأشخاص فوق سن الستين. يقول الدكتور أومبرتو كامبيا، طبيب القلب في «مستشفى بريغهام والنساء» التابعة لجامعة هارفارد: «ليس الهدف الأدنى آمناً فحسب؛ وإنما يرتبط أيضاً بنتائج أفضل لدى الأشخاص الأكبر سناً».
اشتملت الدراسة، التي نُشرت في عدد 30 سبتمبر (أيلول) 2021 من «مجلة نيو إنغلاند الطبية (The New England Journal of Medicine)»، على مراقبة حالات أكثر من 8500 شخص صيني تتراوح أعمارهم بين 60 و80 عاماً يعانون من ارتفاع ضغط الدم. جرى تعيين النصف منهم عشوائياً في مجموعة علاجية قياسية، حيث كان الهدف المؤمل من ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأول في قراءة ضغط الدم) يقع بين 130 و150 مليمتر زئبق. أما بالنسبة للنصف الآخر، المعين في مجموعة المعالجة المكثفة، فقد كان الهدف الانقباضي يتراوح بين 110 و130 مليمتر زئبق.
تقليل المشكلات القلبية
ورصدت الدراسة انخفاض مرات الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية. فبعد سنة، بلغ متوسط ضغط الدم الانقباضي في المجموعة القياسية 135 مليمتر زئبق، بالمقارنة مع 127 مليمتر زئبق في المجموعة المكثفة.
وخلال متابعة متوسطة استغرقت أكثر بقليل من 3 سنوات، تتبع الباحثون معدلات المشاركين، ومشكلات القلب والأوعية الدموية الخطيرة لديهم؛ بما في ذلك السكتة الدماغية، والنوبة القلبية، وفشل القلب، والرجفان الأذيني. وبلغت نسبة حدوث هذه المشكلات 4.6 في المائة بين الذين تلقوا علاجاً قياسياً، مقابل 3.5 في المائة لدى الذين تلقوا علاجاً مكثفاً. وكانت معدلات الآثار الجانبية السلبية، بما في ذلك الدوار، والإغماء، والكسور، والصداع، والسعال، متشابهة لدى كلتا المجموعتين، رغم أن مجموعة العلاج المكثف شهدت مزيداً من نوبات انخفاض ضغط الدم بشكل غير طبيعي (انخفاض ضغط الدم).
وتدعم النتائج تلك التي جرى التوصل إليها في تجربة سابقة أجريت في الولايات المتحدة، والتي وثقت أيضاً عدداً أقل من المشكلات المتعلقة بالقلب عندما سعى الأطباء إلى تحقيق هدف أدنى لضغط الدم الانقباضي بمعدل 120 مليمتر زئبق. وفي الواقع، عندما حلل الباحثون النتائج لأشخاص بعمر 75 سنة فأكثر فقط، كانت الفوائد المتعلقة بالقلب لافتة للنظر أكثر. وكانت معدلات الآثار الجانبية مماثلة لتلك التي شوهدت لدى الأشخاص الذين كان هدفهم بلوغ معدل 140 مليمتر زئبق.
نظرة تاريخية
من الواضح أن ارتفاع ضغط الدم يزداد مع تقدم العمر. وفي الواقع؛ إن التعبير الأصلي لوصف ارتفاع ضغط الدم المُشاهد لدى كبار السن كان في السابق يسمى «فرط ضغط الدم الضروري (essential hypertension)» كما يقول الدكتور كامبيا. الذي أضاف: «في ذلك الوقت، كان التفكير أن ارتفاع ضغط الدم ضروري لتوصيل ما يكفي من الدم إلى الدماغ».
مع التقدم في السن، تصبح الأوعية الدموية أكثر صلابة وأقل مرونة. وللوصول إلى الدماغ، تحتاج الدورة الدموية إلى «دفع إضافي» في شكل ارتفاع ضغط الدم. ولهذا السبب افترض بعض الأطباء أن ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأول في القراءة) قد يصل إلى 150 مليمتر زئبق بالنسبة لمن هم فوق سن الخامسة والستين.
لكن الأطباء يعيدون النظر على نحو متزايد في مناهج علاج ارتفاع ضغط الدم بين كبار السن. ويقول الدكتور كامبيا: «لقد تعلمنا أن ارتفاع ضغط الدم الانقباضي لدى كبار السن يساهم بشكل كبير في الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية». وتعني النتائج الأخيرة أن كبار السن ينبغي لهم العمل مع أطبائهم لخفض ضغط الدم الانقباضي لديهم إلى ما دون 130 مليمتر زئبق.
استهداف القراءة المنخفضة
يقول الدكتور كامبيا إن الناس غالباً ما يتوقعون أن علاجاً واحداً سيوصلهم إلى معدل ضغط الدم المستهدف، ولكن ذلك نادراً ما يكون ممكناً. على سبيل المثال؛ يحتاج الشخص الذي يبلغ ضغط دمه الانقباضي 150 مليمتر زئبق إلى دواءين على الأقل. ويضيف قائلاً: «حتى الجرعة الكاملة من دواء واحد سوف تخفض ضغط الدم بمعدل بين 5 و10 نقاط فقط».
واستخدام جرعتين منخفضتين من أدوية مختلفة لعلاج ضغط الدم أكثر فاعلية من تعظيم الجرعة الواحدة لدواء واحد. ويضيف الدكتور قائلاً: «ارتفاع ضغط الدم يمكن أن ينتج عن آليات عدة مختلفة، لذا، فإن الجمع بين الأدوية التي تستهدف آليات مختلفة يؤدي عادة إلى نتائج أفضل». ومن غير المرجح أن يتسبب هذا النهج المركب في إحداث آثار جانبية. فضلاً عن ذلك، فإن العديد من التركيبات تُتاح في هيئة أقراص منفردة، وهو أمر لا يقل سهولة بالنسبة للمرضى عن تناول عقار واحد فقط.
يقول الدكتور كامبيا: «لدينا مجموعة واسعة من الأدوية للسيطرة على ضغط الدم؛ مما يعني أن الأطباء يستطيعون عادة إيجاد التركيبة المناسبة الآمنة والفعالة التي لا تحدث فيها أي آثار جانبية». للحصول على قائمة بفئات عقاقير ضغط الدم المختلفة والأمثلة الشائعة، راجع موقع: (www.health.harvard.edu/heart – meds/blood – pressure).
* «رسالة هارفارد للقلب»
– خدمات «تريبيون ميديا»