على وقع الخسائر البشرية المتلاحقة التي منيت بها الجماعة الحوثية لاسيما في جبهات مأرب وشبوة، كشفت مصادر محلية في صنعاء ومناطق أخرى عن عودة الميليشيات لإطلاق حملات تعبئة واستقطاب وتجنيد واسعة في أوساط الشبان والأطفال بالتزامن مع استقدام أعداد كبيرة من مقاتليها من عدة مواقع في محافظة إب والدفع بهم نحو مأرب.
في ريف صنعاء، قالت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» إن مسؤولي الجماعة ومشرفيها المحليين والميدانيين يواصلون منذ ثلاثة أيام شن حملات تعبئة وتجنيد طالت عزل وقرى بمديريات بني مطر، الحيمتين، بني حشيش، بلاد الروس، سنحان، همدان، أرحب.
وبحسب المصادر، فإن دوريات حوثية مسلحة لا تزال منذ أيام تجوب القرى لإغراء ذوي الأطفال والشبان بامتيازات مقابل جمع أعداد جديدة من المقاتلين من أبناء قبائل ما تعرف بـ«طوق صنعاء»، والدفع بهم نحو محافظة مأرب وجبهات قتالية أخرى، في حين شملت حملة التعبئة تجنيد الشبان والأطفال من عمر 14 عاما وما فوق.
ورغم تأكيدات المصادر القبلية بأن الجماعة منيت كعادتها كل مرة عند شن حملات تحشيد جديدة بخيبة أمل فاقت توقعاتها مع رفض معظم أسر تلك القرى المستهدفة مد جبهاتها بمقاتلين جدد من ذويها رغم حجم الإغراءات التي عرضت عليها، فإن مصدرا محليا آخر بمحافظة صنعاء كشف عن نقل الانقلابيين طوال يومين ماضيين على شكل دفع العشرات من المستقطبين الجدد عبر عربات عسكرية إلى مراكز تجمع واقعة في أحياء عصر، صرف، حزيز، دار سلم، شملان بهدف إخضاعهم لتدريبات سريعة ومن ثم إلحاقهم بالجبهات.
ووصف المصدر بأن ذلك يندرج في سياق المحاولات الحوثية اليائسة الرامية لاستعادة المواقع التي فقدتها طوال الأسابيع القليلة الماضية بمختلف الميادين القتالية، وقال إن حملة الميليشيات رافقها إجبار أعداد كبيرة من عناصرها الفارين والعائدين تباعا من عدة جبهات في الساحل الغربي وتعز وشبوة ومأرب على العودة إلى القتال على وجه السرعة، بعد تهديدهم بإيقاف رواتبهم وكل الامتيازات التي تمنحها لأسرهم وإحالتهم إلى التحقيق.
وعلى صعيد العاصمة المختطفة صنعاء، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، عن مواصلة الحوثيين ضغوطهم لإجبار مسؤولي الأحياء الموالين لهم على استقطاب المزيد من المقاتلين من مختلف الأعمار وتحشيدهم إلى الجبهات.
وبحسب ما جاء في صورة من وثيقة تناولتها وسائل إعلام محلية، فإن الميليشيات أمهلت مسؤولي الأحياء في العاصمة فترة وجيزة لتجنيد قرابة 7500 شخص في صفوفها تعزيزا لجبهاتها التي تشهد تراجعا كبيرا، خصوصا في مأرب ومقبنة غرب تعز والساحل الغربي.
وبموجب تلك الوثيقة، طلبت الميليشيات عبر أحد قادتها ويدعى أحمد راجح، المعين في منصب مدير شؤون الأحياء في أمانة العاصمة من نحو 1500 من مسؤولي الحارات في صنعاء أن يستقطبوا 5 عناصر على أقل تقدير من كل حارة ليتم تلقينهم طائفيا وتدريبهم عسكريا عبر فرق خاصة ونوعية، ثم الزج بهم قسرا في جبهات القتال.
وطبقا للمصادر المحلية، فقد توعدت الجماعة الحوثية أتباعها ومشرفيها بالمديريات المستهدفة بنطاق العاصمة بحرمانهم من عدة امتيازات مالية وعينية كانت منحتها لهم، إلى جانب اتخاذها عقوبات مشددة بحقهم وإدراجهم ضمن قوائم المخالفين لأوامرها وتوجيهاتها.
وسبق للميليشيات أن أطلقت على مدى الأشهر والسنوات القليلة الماضية العشرات من حملات الاستهداف والتجنيد بحق كهول وشبان وأطفال في صنعاء العاصمة وريفها ومدن أخرى واقعة تحت سيطرتها.