أكد رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، في تصريحات أمس (الخميس)، أن الميليشيات الحوثية رفضت خطة أممية وافقت عليها حكومته من شأنها تفادي تسرب 1.1 مليون برميل من على متن ناقلة النفط المتهالكة «صافر».
جاء ذلك في وقت تواصل فيه قوات الجيش اليمني بإسناد من تحالف دعم الشرعية عملياتها العسكرية، لا سيما في مديرية حرض الحدودية التابعة لمحافظة حجة (شمال غرب)، حيث أكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات خسرت المئات من عناصرها خلال أسبوع من فرض الحصار على المدينة وتحرير الجبال المطلة عليها من جهة الشرق.
وبحسب المصادر نفسها، فإن الميليشيات الحوثية دفعت بتعزيزات ضخمة في مساعٍ يائسة لفك الحصار عن مقاتليها وسط المدينة، غير أن قوات الجيش اليمني بإسناد من تحالف دعم الشرعية تصدت لتلك المحاولات، وبدأت التقدم شرقاً صوب مديريتي بكيل المير ومستبأ، حيث تتخذ منهما الجماعة منطلقاً لشن هجمات معاكسة؛ أملاً في إنقاذ عناصرها المحاصرين داخل مدينة حرض.
وكان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بث مقاطع مصورة أمس من الأجزاء الجنوبية من المدينة أثناء زيارته للقوات التي تحاول أن تتقدم بحذر إلى وسط المدينة جهتي الشرق والجنوب، بسبب المباني المفخخة وحقول الألغام المنتشرة في كل أرجاء المدينة، التي يقول الإعلام الحكومي إنها باتت بحكم المحررة.
وفي وقت سابق، قال موقع الجيش اليمني «سبتمبر نت»، إن قوات الجيش تواصل تقدمها في مدينة حرض، وسط انهيارات كبيرة في صفوف ميليشيا الحوثي التي تلوذ بالفرار.
ونقل الموقع عن مصادر ميدانية قولها «إن قوات الجيش أحرزت، تقدمات ميدانية جديدة شرق مدينة حرض، وتقدمت في سلسلة جبال الهيجة عقب هجوم شنّته على مواقع تمركز الميليشيا». كما أكدت المصادر «أن قوات الجيش قامت بتأمين معسكر المحصام، وأن مقاتلات تحالف دعم الشرعية استهدفت مواقع تعزيزات الميليشيا الحوثية في المدينة ذاتها».
وأسفرت العمليات الميدانية وضربات التحالف – وفق الموقع – «عن مصرع وجرح العشرات من عناصر الميليشيا، وتدمير آليات تابعة لها».
أما في جبهات محافظتي مأرب والجوف، فذكر الموقع العسكري، أن الميليشيات الحوثية تكبّدت عشرات القتلى والجرحى في صفوفها، بنيران الجيش، حيث شنّت القوات هجوماً عنيفاً على مواقع تمركز الميليشيا، في الجبهات الشمالية الغربية لمحافظة مأرب، تمكنت خلاله من تحرير مواقع مهمة في وادي الجفرة بمديرية مجزر، وأوقعت في صفوف الميليشيا خسائر بشرية كبيرة.
وتزامناً مع هذا التقدم، قصفت مدفعية الجيش، مواقع الميليشيا الحوثية في جبهة ملعاء جنوبي محافظة مأرب؛ مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الميليشيا، بحسب ما أورده الإعلام العسكري، في حين شنت القوات هجوما على مواقع الميليشيا في جبل الأقشع، شرق مدينة الحزم، وكبدتها خسائر في العدد والعدة.
على الصعيد السياسي، رفضت الميليشيات الحوثية أحدث خطة أممية لتفادي الكارثة المحتملة لخزان «صافر» النفطي، بحسب تصريحات نقلتها المصادر الرسمية اليمنية خلال لقاء رئيس الحكومة معين عبد الملك في العاصمة المؤقتة عدن بالسفير الفرنسي جان ماري صفا.
وأوضحت المصادر، أن عبد الملك ناقش مع السفير الفرنسي مستجدات الأوضاع والدور الفرنسي الثابت لدعم الحكومة والشعب اليمنيين، على المستوى الثنائي والأوروبي والدولي، كما تطرق إلى التحركات الأممية والدولية نحو إحلال السلام في اليمن، والمواقف الحوثية الرافضة كل الجهود ومقابلتها بمزيد من التصعيد بإيعاز من النظام الإيراني.
وفي حين ناقش اللقاء تطورات ملف ناقلة النفط «صافر» على ضوء الخطة الأممية المعدة التي وافقت عليها الحكومة ورفضتها ميليشيا الحوثي، تناول كذلك «مجالات الدعم الضرورية لمساندة جهود الحكومة في هذه الظروف، وخاصة في الجوانب الاقتصادية والإنسانية ودعم سياسة الإصلاحات العامة».
وأوردت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، أن عبد الملك أشار إلى ثقة حكومته «في دعم الأشقاء والأصدقاء لجهود الإصلاحات التي تنفذها للتغلب على التحديات القائمة، خاصة في الجانب الاقتصادي، بالتوازي مع المعركة العسكرية لاستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً».
ووصف رئيس الحكومة اليمنية الزيارات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن بأنها «تعبير عن دعم المجتمع الدولي للحكومة وعملها وتعزيز آفاق الشراكة»، وقال «هناك إشارات مهمة من الأشقاء والأصدقاء والأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن الدعم الاقتصادي للحكومة، وحريصون على وجود رؤية موحدة مع الحكومة للعمل في هذا الملف».
وأوضح عبد الملك، أن حكومته «تركز في مسار الإصلاحات على القطاعات التي لها أثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، خاصة في الجوانب الاقتصادية والمعيشية والخدمية، إضافة إلى قطاعي التعليم والصحة، والعمل على بلورة مسار خاص للعمل مع المجتمع الدولي لدعم هذه الجوانب بصورة فعالة ومستدامة».
وأكد، أن موافقة حكومته على المقترح الأممي الخاص بخزان «صافر» النفطي لتفادي الكارثة الوشيكة «يقطع كل الذرائع على ميليشيا الحوثي، ويتطلب من المجتمع الدولي استخدام كل أدوات الضغط لحل المشكلة، وعدم السماح للحوثيين بمزيد من المماطلة وابتزاز المجتمع الدولي في هذا الملف».
في سياق اللقاء نفسه، نسبت المصادر اليمنية الرسمية إلى السفير الفرنسي، أنه «جدد موقف بلاده الثابت في دعم الحكومة والشعب اليمني، وحرصها على تحقيق مسار السلام تحت مظلة الأمم المتحدة»، وأنه «أكد إدانة فرنسا الشديدة لاستمرار التصعيد الحوثي واستهداف الأعيان المدنية في الإمارات والسعودية والمدنيين في اليمن».