يد الإنسان هيكل معقد وحساس. والألم في إحدى اليدين أو كلتيهما هو بالفعل مشكلة ذات تأثيرات متشعبة. وقد يُعيق ذلك الألم في إحدى اليدين قدرة المرء على أداء غالبية الحركات التي يقوم بها في حياته اليومية، وذلك بدءاً من ارتداء الملابس وتناول الطعام وتنظيف الجسم والعناية به، ومروراً بإتمام الأداء الوظيفي والعملي، ووصولاً إلى التصرف السريع في اللحظات الحرجة لدرء المخاطر ومنع الانزلاق.
أسباب الألم
ومصادر التسبب في ألم اليدين لا حصر لها؛ سواء عند الإصابة بالحوادث أثناء أداء أنشطة الحياة اليومية، أو نتيجة عدد من الأمراض. وما يزيد المشكلة تعقيداً ليس -فقط- أن اليد تحتوي على 27 عظمة، و27 مفصلاً، و100 رباط، و34 عضلة، و68 وتراً، و3 أعصاب، وشريانين، و5 أظافر، وطبقة الجلد، التي جميعها عُرضة للإصابات بتكرار الحركة أو سوء الاستخدام أو الالتواء أو الكسور أو الارتطام أو الجروح؛ بل إن الألم في بعض الأحيان لا يكون في مكان محدد من اليد، ولا يستطيع المُصاب تحديد مكانه، ومتى يظهر، وعند أي حركة يقوم بها بيده، وفي أحيان أخرى قد يكون مصدر الألم خارج اليد نفسها.
واليك 4 أسباب شائعة لألم اليد:
> التهاب المفاصل: التهاب المفاصل (في مفصل أو أكثر) هو السبب الرئيسي لألم اليد. والإشكالية هنا أن ثمة أنواعاً مختلفة من التهابات المفاصل. ولكن يظل أكثرها شيوعاً هو كل من: الفصال العظمي OA (أو ما يُسمى روماتزم المفاصل) والتهاب المفاصل الروماتويدي RA.
– الفُصال العظمي: هو نوع من التهاب المفاصل الذي يُصيب في الغالب كبار السن. وخلاله، وعلى مر السنين، تعاني مفاصل اليدين من كثير من التلف، وخصوصاً الغضروف المفصلي فيها. والغضروف المفصلي عبارة عن نسيج زلق، يغطي نهايات العظام، مما يسمح للمفاصل بالتحرك بسلاسة ودون ألم. ومع ترققه تدريجياً وضعفه عن الفصل بين نهايات العظم، قد تبدأ الأعراض المؤلمة في الظهور.
– التهاب المفاصل الروماتويدي: وهو مرض مزمن يمكن أن يصيب أجزاء كثيرة من الجسم، ويتسبب في التهاب المفاصل، مما يؤدي إلى الألم والتصلب في تحريك المفصل. وغالباً يبدأ في اليدين أو القدمين. ويؤثر على المفاصل على جانبي الجسم.
وأعراض «ألم التهاب المفاصل» تشمل: ألماً خفيفاً أو حارقاً في مفاصل الأصابع أو الرسغ. وكذلك الألم بعد الاستخدام المفرط (مثل الإمساك الشديد أو الحركة المتكررة)، والألم في فترة الصباح الأولى، مع تيبس المفاصل.
الإصابات والتكيسات
> إصابات الحوادث : مع وجود عدد كبير من العظام والمفاصل والعضلات الصغيرة في مساحة صغيرة وضيقة، ومع الاستخدام المتواصل طوال الوقت في أنواع شتى من الحركات والمهام، فإن اليد هي أحد أكثر أجزاء الجسم عرضة لعديد من الإصابات. بما في ذلك كسور العظام وإجهاد العضلات وتمزق الأوتار.
والأسباب المحتملة لإصابات اليد لا حصر لها، كأن تنحشر الأصابع في الأشياء، وترتطم اليد في الأبواب، وإصابة اليد أثناء بعض الرياضات، وغيرها كثير جداً من سيناريوهات إصابات اليد أو أحد أجزائها.
ولذا عند حصول إصابة حوادث لليد، ونشوء ألم في أي جزء منها جراء ذلك، فإن من المهم أن يقوم مقدم الرعاية الصحية بتقييم وعلاج الإصابات حتى يحصل الشفاء بشكل صحيح. وعلى سبيل المثال، هناك 27 عظمة صغيرة في كل يد، ويمكن كسرها بعدد من الطرق المختلفة. ويمكن أن تلتئم كسور اليد بشكل سيئ إذا لم تعالج بشكل صحيح. وبالتالي يمكن أن يغير الكسر الذي يتم شفاؤه بشكل سيئ بنية اليد، وبراعة استخدامها بشكل دائم، ويقلل نطاق الاستفادة منها.
وهناك أيضاً عضلات كثيرة في اليد، يمكن أن تتعرض للالتواء Muscle Sprain، أو الإجهاد Muscle Strains. وبعد إجراء الأشعة السينية للتأكد من عدم وجود كسور، فإن العلاج الطبيعي أو المهني يُعد عنصراً أساسياً في علاج أي إصابة خطيرة في اليد. ولذا تختلف علاجات الكسور والالتواءات حسب نوع الإصابة وموقعها.
وإصابات الأربطة جانب آخر؛ لأن اليد تحتوي على 27 عظمة متصلة جميعاً بشبكة معقدة من الأربطة الكثيرة، كي تسمح بأنواع مختلفة من الحركة أثناء تثبيت المفاصل. ويمكن أن يؤدي أي نوع من الصدمات أو الحوادث التي تصيب اليد، إلى إصابة واحد أو أكثر من الأربطة، مما يسبب مشكلات في الأنشطة البسيطة، مثل ثني الأصابع أو الإمساك بها أو القَرص. ويمكن أن تستغرق إصابات الأربطة في اليد شهوراً للشفاء، وليس من غير المألوف أن يلاحظ الناس تورماً وتيبساً لفترة طويلة بعد ذلك.
> التكيسات العقدية:لا تكون التكيسات العقدية Ganglion Cysts في الرسغ واليد مؤلمة عادة؛ لكنها قد تكون سيئة المظهر. وغالباً ما تظهر على شكل كتلة صغيرة أو كتلة كبيرة تخرج من الجزء الخلفي من الرسغ. ويمكن أن تظهر أيضاً بأحجام مختلفة على الجانب السفلي من الرسغ أو مفصل الإصبع النهائي أو قاعدة الإصبع.
تسبب التكيسات العقدية الألم عندما تتداخل مع الحركات الطبيعية للمفاصل والأوتار. وهي شائعة في اليدين لسببين:
الأول: تحتوي الأيدي على عديد من المفاصل وأغلفة الأوتار؛ حيث يمكن أن تتشكل الأكياس.
الثاني: من السهل رؤيتها على اليدين، في حين أنها قد تمر دون أن يلاحظها أحد في أي مكان آخر.
وسبب التكيسات العقدية غير معروف؛ لكنها أكثر شيوعاً عند النساء والبالغين تحت سن 40. وأيضاً الأشخاص الذين يتعرض معصمهم لكثير من الإجهاد.
ويقول أطباء «مايوكلينيك»: «التكيسات العقدية هي كتل غير سرطانية تتطور في الغالب بطول أوتار أو مفاصل معصميك أو يديك. وعادة ما تبدو التكيسات العقدية دائرية أو بيضاوية الشكل، كما أنها تكون مليئة بسوائل تشبه الهلام. ويمكن أن تؤلم التكيسات العقدية إذا ضغطت على عصب مجاور. ويمكن أن يتداخل موقعها في بعض الأحيان مع حركة المفصل. وإذا تسببت التكيسات العقدية لديك في مشكلات، فقد يقترح طبيبك محاولة تصريف التكيس بإبرة. كما يشكل إزالة التكيس جراحياً خياراً. ولكن إذا لم تكن تعاني أعراضاً، فلا توجد ضرورة للعلاج. ففي عديد من الحالات تختفي التكيسات دون تدخل».
آلام الرسغ
> متلازمة النفق الرسغي Carpal Tunnel Syndrome سبب في ألم اليد. ويقول أطباء «مايوكلينيك»: «تحدث متلازمة النفق الرسغي بسبب الضغط على العصب المتوسِّط. إن النفق الرسغي هو ممر ضيِّق تُحيط به العظام والأربطة في جانب راحة اليد. وعندما يُضغَط على العصب المتوسِّط، يمكن أن تشتمل الأعراض على الشعور بالخدر، والنَخْز، والضعف في اليد والذراع. وعادة ما يخفِّف العلاج الملائم من الشعور بالنخْز والخدر، ويستعيد وظيفة الرسغ واليد».
ويمكن للطبيب أو المعالج الفيزيائي المساعدة في تحسين هذه الأعراض باستخدام الجبائر، أو حقن «الستيرويد»، أو مساعدة المرء على تغيير طريقة استخدام يديه، بما يخفف من ألم هذه الحالة. كما يُمكن للتدخل الجراحي أن يساعد أيضاً في الحالات الشديدة.
ويضيف أطباء «مايوكلينيك»: «يمكن أن يؤدي كسر الرسغ أو خلعه، أو التهاب المفاصل الذي يشوّه شكل العظام في الرسغ، إلى تغيير المساحة بداخل النفق الرسغي، والضغط على العصب المتوسط. وتنتشر متلازمة النفق الرسغي في النساء بوجه عام. وقد يرجع ذلك لصغر منطقة النفق الرسغي نسبياً عند النساء مقارنة بالرجال.
وتزيد بعض الأمراض المزمنة، مثل داء السكري، من الضغط على العصب المتوسط لديك. وأُجريت عدة دراسات لتقييم ما إذا كانت هناك علاقة بين استخدام أجهزة الكومبيوتر ومتلازمة النفق الرسغي. وتشير بعض الدلائل إلى أن المشكلة قد تكمن في استخدام «الماوس» وليس لوحة المفاتيح. ومع ذلك، لا يوجد ما يكفي من الأدلة المقنعة والمتسقة لدعم فكرة أن يكون الاستخدام المفرط للكومبيوتر أحد عوامل الخطورة المرتبطة بمتلازمة النفق الرسغي، رغم أنه قد يتسبب في نوع آخر من الألم في اليد».
* استشارية في الباطنية
يد الإنسان… هيكل من التراكيب المتنوعة
> تتكون يد الإنسان من الرسغ Wrist، وراحة الكف Palm، والأصابع. وتحتوي اليد على 27 عظمة و27 مفصلاً، منها 8 عظام في منطقة الرسغ Carpal Bones.
وفي تشكيل مفصل الرسغ، ترتبط عظام الرسغ الثماني هذه بنصف قطر عظمتي الزند والساعد (العظمتان الطويلتان اللتان تشكلان عظام الساعد). ومن الجانب الآخر لمنطقة الرسغ، تتصل عظام منطقة الرسغ الثماني بـ5 عظام سنعية Metacarpal Bones في منطقة المشط، لتشكل كف اليد. وكل عظمة سنعية في المشط تتصل بإصبع واحد في مفصل، ويسمى المفصل السنعي السُّلامي MCP Joint.
ويحتوي كل إصبع على 3 عظام سُلامية، مفصولة بمفصلين بين السلامين IP Joint، باستثناء الإبهام الذي يحتوي فقط على سُلامين ومفصل واحد بين السلامات. وعليه فإن الأصابع في كل يد تحتوي على 14 عظمة. وثمة تراكيب تُثبت عظام اليد لدينا في مكانها وتدعمها، وتشمل تلك التراكيب كلاً من: الغضروف المفصلي، والأربطة، والعضلات، والأوتار.
والغضروف المفصلي Articular Cartilage عبارة عن مادة ناعمة تعمل كممتص للصدمات، وتقوم بوسادة أطراف العظام عند كل مفصل من المفاصل الـ27، مما يسمح بالحركة السلسة لليد.
وتعمل العضلات والأربطة Ligaments على التحكم في حركة اليد. وثمة أكثر من 100 رباط ضمن تراكيب اليد الواحدة. والأربطة عبارة عن نسيج صلب يشبه الحبل، يربط العظام بالعظام الأخرى، ويثبتها في مكانها، ويوفر الاستقرار للمفاصل. ويحتوي كل مفصل إصبع على رباطين جانبيين (على كلا الجانبين)، مما يمنع الانحناء الجانبي غير الطبيعي لمفاصل الأصابع.
وتعتبر الصفيحة الرأسية Volar Plate أقوى رباط في اليد، وتضم إلى عظام السُّلامى القريبة والوسطى على جانب راحة اليد من المفصل، لمنع الانحناء الخلفي لمفصل الأصابع.
وتوجد في كل يد 34 عضلة. ويوجد نوعان من العضلات في اليد: عضلات داخلية (منشؤها داخل اليد)، وأخرى خارجية (منشؤها يأتي من الساعد). والعضلات الداخلية هي المسؤولة عن الحركة الدقيقة للأصابع أثناء الأنشطة، مثل الكتابة أو العزف على البيانو. والعضلات الخارجية تتحكم في حركة الرسغ واليد الكبيرة والجسيمة. ويحتوي كل إصبع على 6 عضلات تتحكم في حركته: 3 عضلات خارجية (قادمة من الساعد) و3 عضلات داخلية.
والأوتار Tendons عبارة عن أنسجة رخوة تربط العضلات بالعظام، ويوجد منها في اليد الواحدة 68 وتراً. وعندما تنقبض العضلات، تسحب الأوتار العظام، مما يؤدي إلى تحريك الإصبع. وترتبط العضلات الخارجية بعظام الأصابع من خلال أوتار طويلة تمتد من الساعد عبر المعصم. وتساعد الأوتار الموجودة على جانب الكف في ثني الأصابع، وتسمى الأوتار المُثنية، بينما تساعد الأوتار الموجودة أعلى اليد في استقامة الأصابع، وتسمى الأوتار الباسطة.
وتحمل أعصاب اليد إشارات كهربائية من الدماغ إلى عضلات الساعد واليد، مما يتيح الحركة. كما أنها تنقل حواس اللمس والألم ودرجة الحرارة من اليدين إلى المخ. والأعصاب الثلاثة الرئيسية لليد والمعصم هي: العصب الزندي، والعصب الكعبري، والعصب المتوسط. وتنشأ جميع الأعصاب الثلاثة من الكتف، وتنتقل من الذراع إلى اليد. وكل من هذه الأعصاب لها مكونات حسية وحركية.
وتنتقل الأوعية الدموية بجانب الأعصاب لتزويد اليد بالدم. والشرايين الرئيسية هي الشرايين الزندية والشرايين الشعاعية. وهي التي توصل الدم إلى مقدمة اليد والأصابع والإبهام.
ويوجد في اليد أيضاً جراب Bursae. وهي عديدة، وعبارة عن أكياس صغيرة مملوءة بالسوائل اللزجة التي تقلل الاحتكاك بين الأوتار والعظام أو الجلد.