خبير آثار يرصد معالم البيمارستانات الإسلامية التي نقلها الصليبيون لأوروبا
كانت البيمارستانات في العالم الإسلامي كله أشبه بالمستشفيات الكبيرة في الدول الأجنبية حاليًا، وبلغت قمة من التطور لم يجد له مثيل وقد نقل الأوروبيون هذا الصرح الكبير إلى بلادهم عند مجيهم أثناء الحملات الصليبية طبقًا لما جاء فى دراسة أثرية للباحثة آية وليد حامد إبراهيم باحث دكتوراه في الآثار والفنون الإسلامية.
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن البيمارستان هي كلمة فارسية مركبة من كلمتين هما "بيمار" بمعني مريض أو عليل، و"ستان" بمعني مكان أو دار المرضي ثم اختصرت إلى مارستان والمغاربة يستعملوها بمعنى بيمارستان للأمراض العصبية فقط ثم اختصرت فصارت مارستان .
ويشير الدكتور ريحان إلى أنواع البيمارستانات وتخطيطها ومنها البيمارستانات الثابتة مثل بيمارستانات الجذام، السجون، المجانين، الغرباء والمنقولة أو المحمولة وهى التى تنتقل من مكان إلى آخر بحسب ظروف الأمراض والأوبئة وانتشارها وفي الحروب وكانت عبارة عن مستشفي مجهز بجميع ما يلزم المرضي والمداوة من أدوات وأدوية وأطعمة ومنها بيمارستانات الحجاج التي كانت ترافق الحجاج وتزود بمواد الإسعاف والأدوات الجراحية والأدوية محمولة في صناديق خاصة برفقة الأطباء وبيمارستانات محطات الإسعاف وتقام بالقرب من الجوامع وأماكن تجمع الناس وبها أطباء يتناوبون العمل ليل ونهار ومثل هذه الإسعافات التي كانت تقام في الأعياد والمواسم والمهرجانات.
وينوه الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى أن تخطيط البيمارستان وملحقاته كان مصممًا وفق الشريعة الإسلامية فهى مقسمة إلى قسمين، الأول مخصص للرجال والأطباء والممرضين وكل قسم مجهز بما يحتاجه من آلات وأدوات وخدم وفراشين من الرجال والنساء والثاني مخصص للنساء يشرف عليه أطباء وبعض الخدم من النساء والممرضات.
وكان بها قاعات مختلفة للقراحة والكحالة والتجبير والبطنة والمعتوهين، قاعة كبيرة للممرورين وهم قوم يلبسون الثياب المقطعة والمخرقة (مرضي جنون السبعي المسمى مانيا) وكان يلحق بالبيمارستان مكتبة بها الكتب والمراجع اللازمة للطلبة الذين يدرسون بالبيمارستانات والإيوان (قاعة المحاضرات) وهى مكان كبير مفروش بالحصير والسجاد به كتب داخل خزانة خاصة وهي كتب طبية وعامة.
وتوضح الباحثة آية وليد حامد إبراهيم أن البيمارستان كان يحتوى على ديوان لجلوس الأطباء لمناقشة أحوال المرضي ومتابعة حالتهم الصحية وكان يضم أسماء المرضي وأحوالهم وسجلاتهم وما يتعلق بشئون الزيارات وعيادة خارجية ملحقة بالبيمارستان ويتم فيها فحص المرضي وصرف الأدوية والخدمات الطبية البسيطة ويتم فيها العمليات الصغرى والكبرى كالكسور والدهليز وهو عبارة عن ممرات تودي للانتقال بين غرض المرضي والأطباء علاوة على مسجد البيمارستان ليصلى فيه طاقم البيمارستان والمرضى والصلاة على الموتي بعد تكفينهم وتجهيزهم.
وتضيف الباحثة آية وليد حامد إبراهيم أن البيمارستان كان يضم حديقة وظيفتها الترفيه عن المرضي وتوفير الجو الملائم للعلاج لهم وأحيانًا كانت تقام وسط الحدائق أو ملحقة به ويزرع بها الأعشاب والنباتات الطبية والأزهاروكانت هناك ملحقات أخرى مثل الشرابخاناه أي الصيدلية والمغاسل والمقابر التابعة للبيمارستان وسوق البيمارستان لشراء الأدوية.
وتشير الباحثة آية وليد حامد إبراهيم إلى أن وظائف البيمارستانات متعددة منها بيمارستانات تعليمية تطبيقية من الدرجة الأولى لذا نستطيع أن نُطلق عليها أكاديمية مثل مستشفيات هذا العصر حيث أنها خرّجت مجموعة كبيرة من الأطباء والممرضين المهرة حيث كان الطبيب موظف في البيمارستان ومدرب للطلبة لذا شهد الغربيون بأن طب البيمارستانات الإسلامية كان يمارس وسط ازدهار علمي غير مسبوق.
وقد شهدت الحضارة الإسلامية تطورًا هائلًا في مجال الطب وألّف المسلمون الكتب الطبية الخاصة بالبيمارستانات ومنهم أبو بكر الرازي محمد بن زكريا الذي أقبل على دراسة الطب في البيمارستانات وأظهر أهمية الطب السريرى داخل البيمارستانات وله مؤلفات طبية مثل: كتاب الحاوى وكتاب الجامع لصناعة الطب وكتاب المنصوري ولُقب بجالينوس العرب.