أغلقت رئاسة البرلمان العراقي، أمس، آخر باب ترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، وسط استمرار ما بات يعرف بـ«الانسداد السياسي» في البلاد.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قبلت الطعن الذي قدمه أحد النواب، بشأن عدم دستورية فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية للمرة الثانية، بعد إقصاء المرشح السابق للحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري.
وإذ بدا موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني في غاية الصعوبة، نظراً إلى غموض مصير مرشحه البديل، وزير داخلية إقليم كردستان، ريبر أحمد بارزاني، فقد اتخذت المحكمة الاتحادية قراراً بمثابة حل وسط كحبل خلاص لـ«الديمقراطي الكردستاني»؛ فبعد أن اتخذت رئاسة البرلمان قراراً بفتح باب الترشيح لمدة ثلاثة أيام، بهدف إتاحة الفرصة للديمقراطي الكردستاني ترشيح بديل لزيباري، فإن المحكمة الاتحادية، التي طعنت بهذا القرار، منحت في الوقت نفسه البرلمان بالأغلبية البسيطة، لا رئاسة البرلمان، الحق في إعادة فتح باب الترشيح لمرة واحدة وأخيرة. وهكذا عقد البرلمان الأحد الماضي جلسة خصصت لفتح باب الترشح فتم التصويت عليه بأغلبية كبيرة (203 أصوات من مجموع الحاضرين 256 نائباً).
وطبقاً للتوقيت، فإن باب الترشيح الأخير أغلق أمس بانتظار تحديد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية للدورة البرلمانية الخامسة.
مصدر برلماني أفاد «الشرق الأوسط» بأن «جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية بين عشرات المتنافسين ستعقد بعد يوم 20 من شهر مارس (آذار) الحالي… رئاسة البرلمان أعدت كل المستلزمات الخاصة بذلك بشأن آلية انتخاب الرئيس بكل حيادية بين كل المرشحين»، مبيناً أن «التصويت سيكون سرياً».
وحول قرار المحكمة الاتحادية بشأن أغلبية الثلثين، أكد المصدر البرلماني أن «قرارات المحكمة الاتحادية باتّة ملزمة التطبيق لكل السلطات، وبينها تفسيرها لجلسة انعقاد انتخاب الرئيس الجديد حيث اشترطت أغلبية الثلثين (220) من مجموع أعضاء البرلمان العراقي (329) في الجلسة الأولى. وفي حال لم يتمكن أي من المرشحين الفوز بهذا العدد من الأصوات بالجولة الأولى، فإنه يمكن الفوز بالأغلبية البسيطة شرط أن يبقى نصاب الجلسة كاملاً بأغلبية الثلثين».
وفيما يتنافس على منصب رئيس الجمهورية أكثر من 50 مرشحاً حسب التقديرات البرلمانية، فإن المنافسة تنحصر بين اثنين، هما: مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني، الرئيس الحالي، برهم صالح ومرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبر أحمد بارزاني، من منطلق أن منصب رئيس الجمهورية وحسب العرف السائد في العراق بعد عام 2003 هو من حصة المكون الكردي.
وبينما كان يسود نوع من التوافق بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني)، فإن هذا التوافق اختل منذ الدورة البرلمانية الماضية عام 2018، حيث دخلا بمتنافسين، هما: الرئيس الحالي برهم صالح، ووزير الخارجية الحالي فؤاد حسين. وخلال الدورة البرلمانية الحالية يتكرر السيناريو نفسه. لكن، وطبقاً لسياق التحالفات الحالية لا سيما بعد انشطار «البيت الشيعي» إلى عدة قوى وأحزاب يجمعها تحالفان متخاصمان، هما: «التحالف الثلاثي»، الذي يقوده زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، ومعه «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، و«تحالف السيادة»، بزعامة محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، والتحالف المضاد هو «الإطار التنسيقي»، ومعه «الاتحاد الوطني الكردستاني» و«تحالف عزم السني».
وفيما يريد الصدر تشكيل حكومة أغلبية وطنية، فإن «الإطار التنسيقي» يريد حكومة بمشاركة أوسع. ونظراً إلى امتلاك كل من التحالفين «الثلث المعطل»، فقد بدا من الصعوبة المضي بباقي الاستحقاقات الدستورية، التي تتمثل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومن ثم تحديد من هي الكتلة الأكبر لكي تختار مكلفاً بتشكيل الحكومة.
وفي ظل هذا الانسداد السياسي، فإنه بدءاً من اليوم وحتى العشرين من هذا الشهر، ستبدأ الكتل السياسية خوض آخر جولات المفاوضات والتفاهمات فيما بينها، على أمل التوصل إلى حل وسط أو استمرار حكومة تصريف الأعمال التي يقودها مصطفى الكاظمي إلى أمد غير منظور. وطبقاً للتوقعات، فإنه في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق أو توافق ربما يُصار إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة جديدة.