مع انتشار الوعي بضرورة الالتزام بنمط حياة صحي، وتناول أغذية مفيدة، وخطورة تناول الكربوهيدرات والدهون، أصبح البحث عن الأغذية والمنتجات التي تحتوي على كميات كبيرة من البروتين اتجاها عالميا.
ورغم الأهمية الكبيرة للبروتين للجسم في تكوين العضلات فإن الإكثار من تناوله على المدى الطويل ليس مفيداً مثلما يظن الآباء. وعلى وجه العموم فالإفراط في تناول أي مكون غذائي مهما كان مفيداً (حتى الفيتامينات) يؤدي على المدى الطويل إلى مشاكل صحية ربما تكون مثل نقصه تماماً. وتبقى كلمة السر في الحفاظ على جسم سليم وصحة جيدة هي الاعتدال والتوازن بين جميع العناصر الغذائية بنسب معينة.
– غذاء الأطفال
يعلم جميع الآباء أن الطفل والمراهق في مرحلة التكوين يحتاج إلى جميع العناصر بما فيها الكربوهيدرات حتى السكريات البسيطة وكذلك الدهون. ولكن الخوف من الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني الذي انتشر في الأطفال نتيجة لزيادة معدلات السمنة هو ما دفعهم لتجنب هذه المأكولات بشكل كامل، والتركيز على البروتين والفيتامينات فقط. وفي استطلاع للرأي اتفق 78 في المائة من الآباء في الولايات المتحدة على أن البروتين هو العنصر الأهم في وجبة الطفل، وكلما كانت نسبته كبيرة كان ذلك أفضل.
وتبعا لتوصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال AAP يجب أن تكون نسبة البروتين من 10 إلى 20 في المائة فقط من مجموع السعرات الحرارية المسموح بتناولها على مدار اليوم. وبطبيعة الحال تختلف كمية البروتين الموصى بها لكل طفل حسب العمر والحجم والوزن والجنس والحالة الصحية وأيضا حسب الشهية.
ويحصل الرضيع على البروتين من لبن الأم ويحتوي تقريبا على 9 غرامات يومياً. وبطبيعة الحال في الأغلب لا يتناول الأطفال في الطفولة المبكرة كميات أكثر من احتياجهم والتي تقريباً تكون 13 غراما من عمر (1 إلى 3) سنوات.
أما الأطفال الأصحاء الأكبر عمراً الذين تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 9 سنوات في الأغلب فيحتاجون إلى 19 غراماً من البروتين يومياً، وهم غير معرضين أيضا لزيادة الكميات بجانب الحركة الدائمة والنشاط البدني. وتكون أكبر فئة معرضة لزيادة تناول البروتين هي الطفولة المتأخرة والمراهقة والأطفال من عمر 9 وحتى 13 عاماً الذين يحتاجون إلى 34 غراماً. وبالنسبة للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاماً فإنها تختلف حسب الجنس، حيث يحتاج الأولاد 52 غراماً وتحتاج الفتيات إلى 46 غراماً.
يوضح الخبراء من المعهد القومي للصحة والتغذية في الولايات المتحدة U.S. National Health and Nutrition أن المراهقين يبدأون في تناول المزيد من البروتين خلال سنوات ما قبل المراهقة وحتى مرحلة البلوغ المبكرة؛ نظرا للصورة الذهنية عن الفتى مفتول العضلات المنتشرة بين أوساط الشباب. ولكن يجب أن يدركوا أن احتياجات البروتين اليومية تعتمد على وزن الجسم وخاصة كتلة العضلات الخالية من الدهون.
وفي الأغلب يلجأ معظم المراهقين إلى المكملات الغذائية التي تحتوي على البروتين، وأشهرها الموجودة على شكل مسحوق (بودرة) protein powders مما يؤدي إلى تكوين حصوات في الكليتين وزيادة نسبة حمض البوليك في الجسم. ونفس الأمر ينطبق على المشروبات التي تحتوي على البروتين أيضا، بالإضافة إلى إمكانية أن تتسبب في زيادة الوزن؛ نظراً للشعور بالأمان لأنها لا تحتوي على السكريات، ولكن الكميات الكبيرة للسعرات في النهاية تتحول إلى دهون.
– مكملات البروتين
في دراسة قام بها باحثون من جامعة تورونتو the University of Toronto بكندا تبين أن 14 في المائة من الطلاب الأصحاء تماما يتناولون نوعين أو أكثر من مكملات البروتين، وهو سلوك غير صحي، ليس فقط لأن هذه المنتجات غير ضرورية أو حتى ضارة طبياً، ولكن تبين أن تناولها مرتبط بزيادة مخاطر السلوكيات العنيفة تماماً، مثل استخدام المكملات التي تحتوي على هرمون الذكورة (الأندروجين androgens).
تكمن المشكلة في النظام الغذائي الغني بالبروتين في أن الكلية تقوم بعمل جهد مضاعف للتخلص من الفضلات الناتجة عن تكسير جزيئات البروتين الزائد، مما يؤدي إلى إجهاد خلايا الكلى، وهو الأمر الذي يمكن أن يسبب الفشل الكلوي لاحقا.
ولكن ليس بالضرورة أن كل المراهقين أو الأطفال الذين يتناولون كميات كبيرة من البروتين خاصة بشكل طبيعي من خلال الطعام سوف تحدث لهم هذه المضاعفات بطبيعة الحال، إلا أن ذلك يعتبر عامل خطورة فقط. وهناك نظريات علمية توضح أن البروتين الزائد ربما يؤدي إلى خلل في الكلية المصابة بالفعل بمرض معين وليست الكلية السليمة تماماً.
يعتقد الكثيرون أن اللحوم فقط هي التي تحتوي على كميات كبيرة من البروتين وهي التي تسبب مرض النقرس GOUT، حيث كان المرض يسمى قديما (داء الملوك). ولكن هناك أغذية نباتية كثيرة غنية بالبروتين؛ مثل البقوليات كالفول والعدس والمكسرات خاصة اللوز والزبادي والبروكلي والأسماك أيضا بجانب اللبن والبيض. وعلى الآباء النباتيين أن يراعوا ذلك في غذاء طفلهم، وعلى وجه العموم فإن النظام النباتي الصارم vegan لا يناسب الأطفال؛ لأنه يحرمهم من العديد من العناصر الغذائية الهامة التي يحتاجونها. وفي النهاية يجب أن يدرك الآباء أن الأطفال في مرحلة عمرية تحتاج إلى التوازن بين الغذاء والرياضة، والقدر الكافي من كل عنصر هو المفيد، وما دام لا يعاني الطفل من مرض معين يمكن أن يتناول جميع المأكولات بنسب متوازنة.
– استشاري طب الأطفال