قال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن مسألة استعادة الدعم الأوروبي بدون شروط لم تحسم بعد، وإن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين «يفترض الآن أن تحسم الأمر، بعد موافقة دول على استئناف الدعم بدون شروط، ورفض دول، وامتناع أخرى عن المشاركة في التصويت». وتابع المصدر أن «الكفة لصالح الفلسطينيين حتى الآن، لكن الأمر لم يحسم بعد».
وكانت دول الاتحاد الأوروبي قد ناقشت في وقت متأخر، الثلاثاء، استئناف الدعم للفلسطينيين، وصوّتت على موقف المجر، المصرّ على ضرورة ربط استئناف المساعدات للفلسطينيين بتغيير مناهجهم الدراسية، وهو ما عطل قراراً كان مرتقباً بهذا الشأن. وتضاربت المعلومات الفلسطينية والإسرائيلية حول نتيجة التصويت، ففيما قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن الفلسطينيين فشلوا في مسعاهم، قالت وسائل إعلام فلسطينية إن الدبلوماسية الفلسطينية نجحت.
وذكرت «هآرتس» أن الاتحاد الأوروبي أرجأ مرة أخرى تحويل المساعدات السنوية إلى السلطة الفلسطينية، بعد أن فشل أصدقاؤها في الحصول على الأغلبية لإلغاء طلب المجر ربط الميزانية، البالغ حجمها 214 مليون يورو، بتغيير المناهج الدراسية في جهاز التعليم الفلسطيني، باعتبار أنها تتضمن «مواد تحريضية ضد إسرائيل ومحتوى لا سامياً». وجرى ليلة الثلاثاء – الأربعاء، التصويت على هذا الأمر في الاتحاد، بحضور وفد دبلوماسي فلسطيني، حاول دون جدوى إقناع ممثلي دول الاتحاد بإلغاء الشرط، وبالتالي تم تأجيل نقل المساعدات مرة أخرى، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
يذكر أنه في أبريل (نيسان) 2021 تبنّت لجنة مراجعة الميزانية في البرلمان الأوروبي موقف المجر، واشترطت تحويل أي مساعدات بتغيير المناهج الدراسية، على أساس أنها تتضمن مواد تحريضية ضد إسرائيل. وشهد مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل في الأيام الأخيرة مناقشات بشأن تحويل المساعدات المالية للفلسطينيين، لكنها فشلت في الوصول إلى اتفاق.
هذا، واعتبرت السلطة الفلسطينية الشروط الحالية استسلاماً للإملاءات الإسرائيلية منذ عهد حكومة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو. وقال مسؤول فلسطيني كبير لـ«هآرتس» إن «سلوك بعض الدول الأوروبية كان محيراً. نحن نتحدث عن المناهج وحقوق الإنسان، ولكن يتم تجاهل الانتهاكات والسلوك اليومي لإسرائيل، كقوة احتلال، تمنع أي إمكانية لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي».
لكن مسؤولين فلسطينيين سرّبوا لوسائل إعلام محلية أنهم نجحوا في مسعاهم. وقال مصدر إن الدبلوماسية الفلسطينية حققت إنجازاً حيث فشل «تمرير المشروطية» لدعم الاتحاد الأوروبي. مؤكداً أن مشروع المشروطية على الدعم لم يحظَ سوى بدعم دولة واحدة من أصل 27 دولة. ونشرت وسائل إعلام محلية أن الغالبية الأوروبية (8 دول) صوّتت لصالح فلسطين، من أجل إلغاء طلب المندوب المجري بربط تحويل ميزانية المساعدات لفلسطين بتغيير المناهج الدراسية، في حين صوّتت دولة واحدة لصالح الطلب المجري، وهي ألمانيا، بينما امتنعت بقية الدول عن التصويت، وعليه لم يحسم الأمر.
وروّج مسؤولون في السلطة أن اتخاذ قرار لصالح فلسطين بات قريباً. ولم يحسم مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني لشؤون التخطيط وتنسيق المساعدات، ستيفان سلامة، الجدل، وقال إن المداولات لم تنتهِ بعد داخل الاتحاد الأوروبي بشأن هذه المساعدات، لكنه أشار إلى أنه كان هناك تأكيد خلال اجتماع اللجنة الفلسطينية الأوروبية المشتركة، الثلاثاء، في بروكسل، على أن الدعم الأوروبي سيعود قريباً.
وتعول السلطة كثيراً على استعادة الدعم في ظل الأزمة المالية التي تعانيها.
وتقول السلطة إنها تعاني من أزمة مالية منذ عدة شهور، هي الأسوأ منذ تأسيسها، بسبب خصم إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية، وأزمة وباء فيروس كورونا، وتراجع الدعم الخارجي. وبحسب أرقام رسمية فلسطينية، تواجه الحكومة الفلسطينية كل شهر عجزاً بحدود 200 مليون شيقل، وهو عجز متراكم.
جاء هذا الوضع فيما لم تتجاوز المساعدات الخارجية طيلة العام 10 في المائة مما كان يصل في العادة إلى الخزينة الفلسطينية. وأفادت بيانات أخيرة صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية بتراجع الدعم والمنح والمساعدات المالية المقدمة للخزينة العامة بنسبة 89.6 في المائة، بواقع 31.5 مليون دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2021. مقابل الفترة نفسها من العام السابق، في الوقت الذي تقتطع فيه إسرائيل نحو 220 مليون شيقل من أموال المقاصة التي تبلغ 700 إلى 800 مليون شيقل.
ومع استمرار الأزمة، تضطر السلطة لدفع رواتب منقوصة لموظفيها منذ نحو 5 أشهر، وهو ما أدى إلى بداية إضرابات نقابية. وشدد سلامة على أنه في حال عودة الدعم الأوروبي، فإن الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية لن تنتهي، ولكن ستساعد في حلّ كثير من الأزمات. وأضاف أن هناك قضايا كثيرة يجب أن تتحقق لانتهاء الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، أهمها وقف إسرائيل للاقتطاعات الضريبية.