انتقدت أوساط سياسية وأمنية في إسرائيل والسلطة الفلسطينية، أمس الثلاثاء، التصريحات التي يطلقها قادة الجيش وأجهزة الأمن والحكومة الإسرائيلية، حول «موجة عمليات مسلحة»، واعتبرتها عملية تضخيم لاستعراض العضلات، ودعتهم إلى العمل على تهدئة الأوضاع بدلاً من إثارة الفزع والمبالغة.
وجاءت هذه الانتقادات بشكل خاص بعد تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، مساء أول من أمس الاثنين، بأن قواته «تمكنت من إحباط تنفيذ 10 عمليات مؤكدة ضد أهداف إسرائيلية خلال الأسبوعين الماضيين».
وقال محرر الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل: «منذ نهاية الأسبوع الماضي، يتم قصفنا بصور رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والأمن الداخلي، ورئيس أركان الجيش، والمفتش العام للشرطة ورئيس (الشاباك)، وهم يقومون بجولات ميدانية، ويجرون تقييمات للوضع»، وراحوا يغذون مخاوف الجمهور من خلال تصريحات حول تصعيد توتر أمني في أعقاب عمليات مسلحة، وخصوصاً تلك التي وقعت في مدينة بني براك.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية انتقادات من جهات سياسية وأمنية في إسرائيل نفسها، وكذلك في المناطق الفلسطينية التي اعتبرت هذه التصريحات والتحركات بمثابة تضخيم كبير للواقع، غرضه التباهي بأن أجهزة الأمن تعمل بقوة، وطمأنة الجمهور بأنها يقظة.
وبحسب المحرر العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشواع، فإن كوخافي «يعلم أن عمليات الإحباط الحالية عادية، وليس فيها جديد، وأنه لا يوجد تصعيد غير عادي، مثلما فهم معظم الجمهور. ولكنه يعلم أيضاً أن أقوالاً كهذه ستتحول إلى عناوين في قسم من وسائل الإعلام على الأقل. ولكن الحقيقة هي أن الجيش الإسرائيلي و(الشاباك) والشرطة يحقنوننا بمعلومات من أجل إثبات أنشطتهم، وبين أسباب ذلك التكفير عن أخطاء أزهقت حياة بشر».
وقال يهوشواع: «الذي ينشئ عن قصد عنواناً حول 10 عمليات مؤكدة، ينبغي أن يدرك أنه لا يعزز الشعور بالأمن. على العكس، هناك إنذارات دائمة يومياً، لسبب بسيط، وهو أن حارتنا لم تتحول فجأة إلى ضاحية هادئة في السويد. وما سينتج عن هجمة العلاقات العامة هذه هو غضب كبير أكثر على أجهزة الأمن التي تروّج حالياً لنوع من نموذج تحذيرات عينية للغاية، رغم عدم وجود تحذيرات كهذه في غالب الأحيان. ولذلك، فإن العمل الصحيح هو التهدئة بدلاً من التضخيم والمبالغة. وبالمناسبة، هذا ينطبق على وسائل الإعلام أيضاً».
ووجّه المحرر في صحيفة «هآرتس» هرئيل، انتقادات شبيهة، وقال: «بعد مرور أسبوع على عملية بني براك، أصبح بالإمكان فهم موجة العمليات الجديدة. ورغم أن ثمة احتمالاً مرتفعاً لاستمرار محاولات تنفيذ عمليات؛ لكن لا يدور الحديث هنا -حتى الآن- عن تسونامي عمليات مثل الانتفاضات السابقة. فالحشود الفلسطينية في المناطق (المحتلة) لا تخرج إلى الشوارع من أجل الدخول في مواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية. وهذه ليست هبة شعبية حتى الآن، وإنما اندلاع إرهاب أفراد، وخلايا محلية في الحد الأقصى. كما أن المنظمات الفلسطينية تجلس على الحياد في هذه الأثناء. والفصائل الإسلامية، وبينها تلك التي تشجع بشكل حثيث المخربين؛ لكن لا توجد مؤشرات حتى الآن على أنها تدفع ناشطيها بكل القوة إلى المعركة».
ووفقاً للمصادر التي يعتمدها هرئيل، فإن «أذرع المخابرات الإسرائيلية ترصد في هذه المرحلة تردداً في أوساط قيادة (حماس) في قطاع غزة حيال الظروف الحاصلة. فهي تحرص على لجم ذاتها ونشطائها لدرجة أنها نظمت مهرجاناً لمناسبة يوم الأرض بمشاركة 7000 شخص، الأسبوع الماضي، واختارت عن قصد إقامته في ميناء غزة، بعيداً عن الحدود الإسرائيلية. وجرى الحفاظ على الهدوء على طول السياج الأمني، بينما قوات الكبح التابعة لـ(حماس) تحرص على منع اقتراب مواطنين من الحدود. وحركة (الجهاد الإسلامي) تنسق خطواتها مع (حماس)، رغم حسابها المفتوح مع إسرائيل، بعد مقتل عناصرها خلال مداهمة قوات إسرائيلية لمنطقة طولكرم، الأسبوع الماضي. فمن هو الذي يمكن اعتباره معنياً بالتصعيد في الطرف الفلسطيني؟».