في ظل حالات التأهب والحشود العسكرية الواسعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، في جميع أنحاء الضفة الغربية، ونشر الحواجز ورفض السماح بالمرور، انخفض عدد المصلين المسلمين في صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان المبارك، أمس، بشكل حاد مقارنة مع سنوات سابقة. وقال مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني: «توقعنا وصول أكثر من 130 ألف مصلٍ إلى الأقصى اليوم، ولكن بسبب الحواجز والتشديدات عليها كان العدد 80 ألف مصلٍ».
وشدد الشيخ الكسواني على أهمية شد الرحال إلى الأقصى، وقال: «شهر رمضان هو شهر القدس والأقصى». وحمل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تحريض المتطرفين على اقتحام الأقصى وحذر من نية المستوطنين استغلال الأوضاع الحالية لذبح قرابين.
وكانت سلطات الاحتلال قد ألغت قسماً كبيراً من التسهيلات المقررة لشهر رمضان، في أعقاب عملية تل أبيب. فمنعت الذكور في جيل 13 وحتى 50 عاماً من دخول القدس، بمن في ذلك شبان حصلوا على تصاريح. وتمت إعادتهم. وشكا المسلمون من الضفة الغربية من أنهم لم يتمكنوا من دخول الأقصى منذ انتشار جائحة كورونا. وحداهم الأمل في الوصول إلى حماة، أمس. لكن حواجز شرطة الاحتلال ودوريات قواتها في شوارع القدس وطرقات البلدة القديمة والأقصى عرقلت وصولهم.
وقد أعلنت سلطات الاحتلال، أمس، رفع حالة التأهب الأمني إلى أعلى الدرجات كما في حالة الحرب. وطوقت الضفة الغربية من جميع الجهات، منعاً لدخول مسلحين. وفرضت طوقين إضافيين محكمين؛ الأول حول القدس، والثاني في المناطق الشمالية من الضفة الغربية، التي قدم منها منفذو عمليتي بني براك وتل أبيب. ويترافق عمل قوات الاحتلال مع حملة اعتقالات واسعة لمئات الشباب الفلسطيني، ونشر أجواء توتر شديد.
وحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي فإنه، وبتوجيهات من المستوى السياسي، تقرر إغلاق حاجز الجلمة قرب جنين، الذي يعد أهم معبر لفلسطينيي 48 إلى الضفة الغربية ومصدر رزق أساسياً لأهالي جنين وقراها. وكشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن أحد أسباب هذه الحشود هو بث روح الطمأنينة لدى المستوطنين، إذ تبين أن عدد طلبات الحصول على مساعدة نفسية لهم، ارتفع عشرات الأضعاف خلال الأسبوعين الماضيين منذ عملية بئر السبع في 23 مارس (آذار) الماضي، ولكن أيضاً تحسباً من عمليات عنف انتقامية متبادلة بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود.
وتدور هذه الأحداث في ظل التهديدات من المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، الذين وعدوا بـ«حرب طويلة وصعبة»، بعد عملية تل أبيب. فقال رئيس الوزراء، نفتالي بنيت: «نتخذ أقصى درجات التأهب، في تل أبيب وفي كل أنحاء البلاد، تحسباً من وقوع أحداث أخرى وتنفيذ عمليات تحاكي هذه العملية. حربنا على الإرهاب القاتل طويلة وصعبة، ولكن سننتصر فيها». وأضاف أنه يمنح الأجهزة الأمنية حرية التصرف لمنع العمليات. وقال وزير الخارجية، يائير لبيد: «سنحارب الإرهاب سوية، وسنوجّه ضربات للمقاومين في أي مكان يختبئون فيه، وسنعثر على مرسليهم والمتعاونين معهم في أي مكان ولن نرتاح حتى يعود الهدوء إلى الشوارع». وكشف وزير الدفاع، بيني غانتس، أن عدد المعتقلين الفلسطينيين بلغ 200 شخص وستتواصل لتنال 1000 معتقل. وقال: «سنوسع عملياتنا ضد موجة العمليات بالهجوم والدفاع والمخابرات. وسيكون الثمن الذي سنجبيه من منفذي العمليات ومرسليهم باهظاً. وسنستمر في العمل في أي مكان تكون فيه حاجة إلى ذلك».
وقد انعكست هذه الروح في الأوضاع الميدانية، أمس، حيث قامت قوات الاحتلال بتفريق المسيرات الشعبية السلمية التي تقام أسبوعياً احتجاجاً على التوسع الاستيطاني والقمع الاحتلالي، وانضم المستوطنون إلى هذا القمع باعتداءات خاصة بهم نفذوها بحماية جنود الاحتلال. فأصيب 4 شبان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط خلال قمع مسيرة كفر قدوم الأسبوعية. وأصيب مواطنان برصاص مستوطن فجر أمس، عند مدخل بلدة ترمسعيا شمال رام الله ومواطنان آخران عندما قذف مستوطنون الحجارة على مركبات فلسطينية عند مفترق عين أيوب قرب قرية خربثا بني حارث غرب رام الله. وأصيب عشرات الفلسطينيين، خلال قمع مسيرة أهالي بلدة بيت دجن، شرق نابلس. وأصيب ثلاثة شبان بالرصاص الحي، خلال مسيرة غرب مدينة طولكرم.