أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبيرغ، أمس (الخميس)، أن الهدنة السارية في هذا البلد منذ مطلع شهر رمضان توفر «فرصة نادرة» لإحلال السلام، مشيداً مع بقية أعضاء مجلس الأمن بالخطوات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية والدول الخليجية أخيراً لدعم جهود الوساطة التي تبذلها المنظمة الدولية للوصول إلى تسوية تفاوضية للنزاع.
وعقد مجلس الأمن جلسة استمع فيها إلى إحاطة من غروندبيرغ، الذي رأى أن «هناك ضوءاً في نهاية النفق» بعد سنوات من العنف في اليمن، موضحاً أنه بعد نحو ثلاثة أشهر من المفاوضات الثنائية، اتفق الطرفان على مبادرة الأمم المتحدة لوقف النار على الصعيد الوطني لمدة شهرين قابلة للتجديد. وأضاف، أن الهدنة التي جرى التوصل إليها تتضمن أحكاماً لتحسين حرية حركة البضائع والمدنيين، مؤكداً أن الاتفاق «يوفر فرصة نادرة» لإحلال الاستقرار والسلام، كما أنه «يتطلب التزاماً متواصلاً من الأطراف ودعماً واسعاً من المنطقة والمجتمع الدولي للتأكد من أنه صامد ويصبح نقطة تحول نحو السلام». ولاحظ أنه منذ بدء الهدنة «جرى الحد بنسبة كبيرة من العنف والخسائر في صفوف المدنيين»، فضلاً عن «تدفق المزيد من الوقود عبر موانئ الحديدة»، علماً بأن «الاستعدادات جارية لإقلاع رحلات تجارية من مطار صنعاء للمرة منذ عام 2016». ولفت إلى أنه يعمل على جمع الأطراف بغية فتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى. ولكنه استدرك أنه على رغم الهدنة، هناك تقارير عن عمليات عسكرية «مثيرة للقلق» وبخاصة حول مأرب، داعياً إلى «معالجتها بشكل عاجل من خلال الآليات التي أرستها الهدنة». وإذ شكر الأطراف اليمنية على إظهار القيادة وتقديم التنازلات للوصول إلى هذا الاتفاق، أقر بـ«الأدوار الحاسمة» التي تقوم بها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان لدعم المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق، مشيراً إلى «مؤشرات إيجابية أخرى إلى إحراز تقدم في مجال بناء الثقة» بما في ذلك لتبادل المعتقلين. وتحدث المبعوث الأممي عن مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي باستضافة المشاورات بين اليمنيين في الرياض، حيث جرى التوافق على «الحاجة إلى تجنب الحلول العسكرية والتزام الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة»، معتبراً أن هذا «أظهر أهمية المنظمات الإقليمية في دعم جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة». ورحب بالقرار الذي اتخذه الرئيس عبد ربه منصور هادي لتفويض سلطاته الكاملة إلى مجلس القيادة الرئاسي للحكومة اليمنية. وأضاف، أنه «يشكل خطوة مهمة نحو الاستقرار». ورحب بالحزمة الاقتصادية التي أعلنتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقال، إن «الهدنة فرصة لقيادة اليمن في اتجاه جديد»، مضيفاً أن اليمنيين «يحتاجون إلى تحديد وامتلاك تسوية تفاوضية للنزاع. وأعلن أنه سيواصل الاتصالات مع الأطراف للبناء على عناصر الهدنة «كجزء من عمليتي المتعددة المسارات»، موضحاً أنه سيجري المزيد من المشاورات بعد رمضان.
وخلال حديثه عن الوضع الإنساني، رحب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث بالدعم المالي الجديد الذي أعلنته المملكة العربية السعودية في 7 أبريل (نيسان) الماضي بعد إنشاء المجلس الرئاسي، موضحاً أن ذلك يشمل حزمة اقتصادية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، منها ملياران ستقدمهما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بشكل مشترك إلى البنك المركزي اليمني. ولاحظ أنه منذ ذلك الإعلان، ارتفعت قيمة الريال اليمني في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بنحو 25 في المائة. وكذلك، رحب غريفيث بالمساهمة البالغة قيمتها 300 مليون دولار التي أعلنتها السعودية لجهود الإغاثة التي تبذلها الأمم المتحدة. ولكنه كرر أن «الحاجات الإنسانية في اليمن لا تزال ضخمة»، وأنه حتى مع التعهد السعودي الجديد، فإن خطة استجابة الأمم المتحدة لا تزال تعاني نقص التمويل بشكل كبير بعد مؤتمر التعهدات المخيب للآمال في مارس (آذار) الماضي، حين جرى جمع 1.3 مليار دولار فقط من 4.2 مليار دولار طلبتها الأمم المتحدة لليمن هذا العام.
وتحدث غريفيث أيضاً عن الجهود المبذولة لحل التهديد الذي تشكله الناقلة «صافر» المعطوبة قبالة ميناء رأس عيسى الذي يسيطر عليه الحوثيون في البحر الأحمر والمعرض لخطر التسرب النفطي الكبير أو الانفجار.
وتوالى على الكلام العديد من ممثلي الدول الذين أشادوا بالجهود التي يبذلها المبعوث الأممي لإحلال السلام في اليمن، بالإضافة إلى الإشادات بالمساهمات الحيوية الرئيسة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والدول الخليجية الأخرى على صعيد دعم العملية السياسية، بالإضافة إلى المبادرات المختلفة التي تقوم بها للتخفيف من وطأة المعاناة الإنسانية.
وقالت رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة باربره وودوارد «عليّ أن أشيد على وجه الخصوص بجهود المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والحكومة اليمنية في تقديم مشاورات جادة وإصلاح سياسي مهم»، معتبرة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي «خطوة حيوية». وإذ أثنت على الرئيس هادي «لتسهيله التداول السلمي للسلطة»، توقعت من مجلس القيادة الرئاسي «العمل بجدية وسرعة نحو المفاوضات السياسية».
وطالبت الحوثيين بـ«مواصلة العمل مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة».