منذ انطلاقة جلسة الافتتاح للدورة الصيفية للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، بعد ظهر أمس (الاثنين)، بدا أنها ستكون ملتهبة بالصراعات بين الائتلاف والمعارضة من جهة وداخل كل معسكر من المعسكرين من جهة ثانية. فكانت جلسة شديدة التوتر استخدمت فيها عبارات حادة. وقد بلغ الأوج عندما وقف وزير المالية، أفيغدور ليبرمان، يلقي كلمته، فقال إن هناك تحالفاً واضحاً ضد الحكومة بين المعنيين بسقوطها، وإن هذا التحالف يضم بنيامين نتنياهو (رئيس المعارضة) وبتسلئيل سموترتش، رئيس حزب اليمين المتطرف (الصهيونية الدينية)، ويحيى السنوار (رئيس حركة حماس في قطاع غزة).
وكان واضحاً، خلال الجلسات التي عقدتها الكتل البرلمانية المختلفة، وكذلك في الجلسة العامة، وجود خطر يهدد الحكومة، فمن جهة يلمح حزب «الليكود» المعارض إلى أنه في القريب سيحصل انقلاب سياسي في الحكم وتتشكل حكومة بديلة بقيادة نتنياهو، ومن جهة ثانية يدير «الليكود» مفاوضات تستهدف تبكير موعد الانتخابات، مع أن الأحزاب الدينية المتحالفة معه ترفض ذلك. ولمّحت عضو الكنيست من «الليكود» والوزيرة السابقة، غيلا جملئيل، إلى أن حزباً من أحزاب الائتلاف سوف ينضم إلى المعارضة لتشكيل حكومة جديدة. وعندما سُئلت أي حزب هذا. قالت: «ستكون هذه مفاجأة. ولكنني ألمح لكم بشيء: الحزب الذي يكثر من الحديث عن معارضته إجراء انتخابات جديدة هو الذي سينضم إلينا ويسقط الحكومة».
وقد أثارت بذلك تكهنات عدة حول هوية ذلك الحزب، خصوصاً أن رؤساء أربعة أحزاب حذروا من دفع إسرائيل إلى انتخابات جديدة، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيت نفسه، وشركاؤه، رئيس الحكومة البديل وزير الخارجية، يائير لبيد، ووزير القضاء، غدعون ساعر، ووزير الدفاع، بيني غانتس، فقد حذروا جميعاً من تبكير موعد الانتخابات، وقال غانتس إن «دفع إسرائيل إلى انتخابات الآن هو انعدام مسؤولية إزاء الاقتصاد والمجتمع وأيضاً من الناحية الأمنية».
وأضاف: «التوجه لانتخابات هو مثل وضع عصا في عجلات مركبة الجيش وغيره من أجهزة الأمن. وأي مساس بها يهدد بعرقلة جهودنا للرد على أعدائنا وهجماتهم الإرهابية وتهديداتهم الوجودية».
وقد أشارت هذه الأجواء إلى ما سينتظر حكومة بنيت خلال هذه الدورة البرلمانية، وأن الدورة الصيفية ستكون ساخنة فوق العادة، فالحكومة فقدت اثنين من نوابها، وكلاهما عن حزب «يمينا»، عيديت سليمان وعميحاي شيكلي، وباتت تضم 60 نائباً فقط (من مجموع 120)، وهذا يعني أنها لن تستطيع تمرير أي قانون جدي. وقد اعترف لبيد، أمس، بذلك وقال: «الوضع صعب جداً على الائتلاف، ولكن حصل وأن استطاع في الماضي إدارة شؤون البلاد بأكثرية ضئيلة».
وتتعلق الأنظار بالقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية، برئاسة النائب منصور عباس، التي تشارك في الائتلاف، ولكنها علقت مشاركتها بسبب الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، إذ إن بقاءها خارج الجلسات يتيح إسقاط كل مقترح يتعلق بمشاريع الحكومة. وكان لبيد وبنيت قد تفاوضا مع عباس ليعود إلى الائتلاف مقابل تحريك عدد من القضايا التي تهم المواطنين العرب. ووافق عباس لكنه طلب أن تلتزم الحكومة بإبرام اتفاق مع المملكة الأردنية حول الأقصى. وكان يفترض أن يرد بنيت صباح أمس، لكنه فاجأ يوم الأحد، بالإعلان في جلسة الحكومة، أنه لن يقبل بأن تتدخل أي جهة أجنبية في إدارة أي شيء في القدس أو منطقة الحرم، واعتبر القدس الكبرى بشرقها وغربها عاصمة موحدة لإسرائيل وفقط لإسرائيل.
وقد فهم هذا التصريح على أنه «انتخابي». ورأى مراقبون أن بنيت يدرك أن عمر حكومته يقصر شيئاً فشيئاً، وأن إسرائيل تتجه كما يبدو نحو انتخابات جديدة. فقرر إطلاق شرارة المعركة الانتخابية على حساب شركائه العرب. لذلك أعلن عباس أنه لن يغير نهجه حتى يُستجاب طلبه، ويعني ذلك أن كتلته تواصل إجراءات تجميد عضويتها في الائتلاف والكنيست. وقد تتواصل الضغوط عليها حتى تتراجع.
وقد استغل نتنياهو هذا الموضوع، فقال إن حكومة بنيت يجب أن تسقط فوراً، لأنها تبني سياستها على رأي مجلس الشورى في الحركة الإسلامية، ولأنها لا تصمد يوماً واحداً أمام الإدارة الأميركية في الموضوع الإيراني وتبث الضعف أمام حركة «حماس».