بعد تجاوز عقبة وثائق السفر الصادرة من صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية، أثمرت الهدنة اليمنية بعد نحو ستة أسابيع من سريانها عن الاتفاق على تسيير أول رحلة تجارية عبر مطار صنعاء اليوم (الاثنين) إلى العاصمة الأردنية عمان، بحسب ما صرح به وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك.
وفي حين أفادت مصادر يمنية مطلعة بأن المشاورات مع السلطات المصرية لم تحسم حتى الآن بشأن السماح بتسيير رحلات تجارية من مطار صنعاء إلى القاهرة بالاعتماد على وثائق السفر الصادرة من قبل الحوثيين، كان نص الهدنة تضمن الاتفاق على تسيير رحلات تجارية من مطار صنعاء إلى كل من عمان والقاهرة بواقع رحلتين أسبوعيا، غير أن الخلاف حول وثائق السفر حال دون البدء في تنفيذ الرحلات.
وأوضح وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك في تغريدة على «تويتر» أن الجهود الحكومية والأممية إضافة إلى جهود التحالف الداعم للشرعية وبالتعاون مع السلطات الأردنية، أعيدت «جدولة أول رحلة من مطار صنعاء إلى اليوم (الاثنين)».
وأضاف بن مبارك بالقول: «تخفيف معاناة أبناء شعبنا في كل أنحاء اليمن ستبقى همنا الأول».
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قام بزيارة إلى عدن للقاء المسؤولين اليمنيين بمن فيهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة معين عبد الملك ضمن مساعيه لتثبيت الهدنة وإيجاد صيغة مناسبة لتجاوز أزمة وثائق السفر الصادرة من مناطق سيطرة الحوثيين.
ومع عدم وجود مؤشرات حتى الآن على موافقة الجانب المصري على تسيير رحلات مماثلة إلى العاصمة المصرية القاهرة، بناء على الوثائق الحوثية، كانت الحكومة اليمنية أصدرت بيانا أوضحت فيه موافقتها على المقترح الأممي من أجل تجاوز الخلاف بشأن وثائق السفر.
وقالت الحكومة اليمنية إن موافقتها جاءت «انطلاقا من التزامها الكامل بخدمة الشعب وبتخفيف معاناته التي تسبب فيها انقلاب الميليشيات الحوثية منذ العام 2014 ورفضها لكل الحلول السياسية، وتقديرا للجهود المبذولة من مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ومساعيه لتجاوز التعنت الحوثي في التطبيق الكامل لبنود الهدنة رغم استيلاء جماعة الحوثي على إيرادات ميناء الحديدة من رسوم جمركية وضرائب وعوائد أخرى للبضائع العامة والمشتقات النفطية، وتسخيرها لتلك الموارد لدعم آلتها العسكرية، بدلا عن تخفيف معاناة الناس وتسليم رواتب الموظفين».
وشددت الحكومة اليمنية في بيانها على «التعهدات الواردة في مبادرة مبعوث الأمين العام، والتي تؤكد على أنه لا يترتب على ذلك أي تغيير في المركز القانوني للحكومة اليمنية ولا يعتبر ذلك اعترافا من أي نوع بالميليشيات الحوثية، وأنه لن يؤسس كذلك لأي سابقة رسمية، ولن تتحمل الحكومة اليمنية أي مسؤولية عن أي بيانات تتضمنها الوثائق الصادرة من صنعاء والمحافظات الأخرى».
وأوضحت الحكومة اليمنية أنها وجهت سفارتها في عمان بتسهيل إصدار جوازات شرعية على نفقة الحكومة لكافة المواطنين المسافرين في هذه الرحلات وفقا للإجراءات القانونية المتبعة.
وقالت إنها حريصة «على استمرار الهدنة وعلى فتح مسار حقيقي للسلام» مع دعوتها «إلى تطبيق كامل لبنود الهدنة وإلى الضغط باتجاه إيقاف كل الخروق والشروع الفوري في فك الحصار الوحشي المستمر منذ أكثر من سبع سنوات عن مدينة تعز وأهلها والبدء في فتح المعابر المؤدية إليها لتسهيل تنقل مئات الآلاف من المواطنين».
ودعا البيان الحكومي المبعوث الأممي إلى الالتزام بتسخير العائدات الجمركية والضريبية للمشتقات النفطية لميناء الحديدة لدفع رواتب القطاع المدني لموظفي الدولة في مناطق سيطرة الانقلاب، وقال إن الحكومة «حريصة على اتخاذ كافة الإجراءات لتحقيقها، إيمانا بأنها حق لكل موظفي الدولة، ويتحمل مسؤولية تعطيلها ميليشيات الحوثيين، كما عطلت مؤسسات الدولة ومصالح وحياة المواطنين بانقلابها على الدولة».
وجاء في البيان نفسه تأكيد الحكومة اليمنية «على جدية مساعيها للسلام، وتدعو بإرادة صادقة للبناء على هذه الهدنة واختيار طريق السلام وفقا للمرجعيات الوطنية والدولية، وبما يحفظ سيادة اليمن ونظامه الجمهوري ووحدته وسلامة أراضيه وحق الشعب في الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والكرامة».
يشار إلى أن موافقة الحكومة على تجاوز معضلة وثائق السفر الحوثية، كانت أثارت ردود أفعال متباينة في أوساط الشارع اليمني، إذ عدها ناشطون مخرجا مناسبا بخاصة مع قيام السفارة اليمنية في عمان بتغيير هذه الوثائق إلى وثائق حكومية معترف بها بموجب القانون، في حين عدها آخرون مكسبا للميليشيات الحوثية التي تبحث عن شرعنة أعمالها الانقلابية بما فيها فرض وثائق السفر الصادرة عنها.