في حين وجّه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، تحدياً جديداً لخصومه في البيت الشيعي (قوى الإطار التنسيقي)، بدعوته البرلمان العراقي إلى إقرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي الذي رفضته المحكمة الاتحادية، علماً بأنه يمتلك غالبية برلمانية مريحة تسمح بتمرير القانون، سرت مخاوف في بغداد من إمكانية حصول قصف جديد يستهدف «المنطقة الخضراء» ومطار العاصمة العراقية.
وأعلنت قيادة عمليات بغداد في برقية سرية تم تسريبها ليلة الجمعة – السبت أن هناك معلومات تفيد بأن نيّة مجاميع مسلحة خارجة عن القانون قصف الخضراء والمطار. وطبقاً للبرقية التي تداولتها على نطاق واسع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فإن المعلومات الواردة إلى مقر القيادة العسكرية تشير إلى أن «عملية استهداف المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي (ليلة السبت أو اليوم الأحد) سوف تكون بواسطة إطلاق النيران غير المباشرة أو الطائرات المسيّرة». ودعت القيادة إلى «نشر عناصر استخباراتية بالزي المدني، وتسيير دوريات أمنية في الأماكن التي من المحتمل إطلاق النيران منها».
ولم تعلن أي جهة من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، التي ترفع شعار «مقاومة أميركا» مسؤوليتها عن أي عمليات قصف سابقة حصلت في بغداد؛ سواء ضد مقر السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء أو مطار بغداد الدولي الذي يُشتبه بوجود مدربين ومستشارين أميركيين في محيطه. لكن هذه الفصائل كانت تسارع إلى القول عقب إعلان واشنطن عن سحب قسم من قواتها بالعراق، إن هذا الانسحاب هو نتيجة «ضربات المقاومة». ومعلوم أن عمليات القصف ضد المنطقة الخضراء ومطار بغداد توقفت عقب إعلان الحكومة العراقية أنها أبرمت اتفاقاً مع الأميركيين على سحب قواتهم القتالية من البلاد، نهاية العام الماضي.
على صعيد آخر، قال مقتدى الصدر في بيان، أمس (السبت): «بعد أن مَنّ الله تعالى علينا بإقرار قانون تجريم التطبيع (مع إسرائيل) صار لزاماً على مجلس النواب إقرار قانون خدمي ينفع الشعب بصورة مباشرة، ألا وهو قانون الأمن الغذائي، من دون مزايدات حزبية أو طائفية أو قومية، وإبعاده عن شبح الفاسدين». وأضاف: «أملنا بالبرلمان العراقي الذي أثبت قدرته على الإقرار، رغم عقبات الأحزاب وعرقلات الدعاوى القضائية لقوانين نافعة»، مشيراً على وجه الخصوص إلى «تحالف إنقاذ الوطن» و«الكتل الوطنية الأخرى» التي يراهن عليها، كما يبدو، في السير بالتحرك الجديد الذي يريده في مجلس النواب. وتابع الصدر: «اليوم جميعكم يجب أن يكون مطلعاً على معاناة الشعب ومتطلباته».
من جهته، أكد النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي حاكم الزاملي، وهو قيادي بارز في التيار الصدري، أن البرلمان سيمضي بإقرار قانون الأمن الغذائي. وقال الزاملي في تغريدة أعقبت بيان مقتدى الصدر: «معكم… معكم سيدنا القائد، لن نخذلكم أبداً وهذا عهد». وأضاف: «معاً لتشريع القوانين المهمة وماضون لإقرار قانون الأمن الغذائي».
وتأتي دعوة الصدر البرلمان لتشريع قانون دعم الأمن الغذائي الطارئ بعد يومين من التصويت على قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل، الذي كان هو الآخر من أفكار الصدر. ورغم المخاوف التي بدأت تظهر بشأن قانون التجريم، لا سيما من قبل الدول التي تعد حليفة للعراق وداعمة له، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين عبّرتا عن انزعاجهما من تمرير هذا القانون، فإن العديد من خبراء القانون في العراق بدأوا يشيرون إلى ثغرات يعتبرونها خطيرة في هذا القانون، بالقياس إلى قانون العقوبات العراقي رقم 111 الصادر سنة 1969؛ ففيما لا توجد استثناءات في القانون الذي تم تشريعه على عهد النظام السابق، والذي يحكم بالإعدام على كل من روج للصهيونية والماسونية، فإن القانون الجديد الذي صدر الخميس الماضي لا تصل كل الأحكام فيه إلى الإعدام، فضلاً عن أنه يستثني الزيارات الدينية للأماكن اليهودية المقدسة في العراق، بعد استحصال موافقات من وزارة الداخلية، الأمر الذي عدّه بعضهم ثغرة قد تُعد منفذاً للتطبيع لم يتنبه إليها المشرّع الجديد.