وسط مخاوف يمنية متصاعدة من انهيار الهدنة الإنسانية التي نجحت المساعي الأممية والدولية في تمديدها شهرين آخرين، وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ (الأربعاء) إلى صنعاء، في مسعى لإقناع قادة الحوثيين بمقترحه لفكّ الحصار عن تعز، وفتح بعض الطرق بين المحافظات، وهو الملف الذي استغرق جولتين من المفاوضات في العاصمة الأردنية، دون التوصل إلى اتفاق بين ممثلي الحكومة اليمنية والجماعة الانقلابية.
وفي حين تتعاظم الخشية من أن يؤدي تعنت الحوثيين في هذا الملف إلى نسف الهدنة القائمة التي تم تمديدها إلى 2 أغسطس (آب) المقبل، هدد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي (الأربعاء) خلال لقائه موالين له من تعز باستئناف القتال للسيطرة على المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.
وإذ يطمح المبعوث الأممي إلى أن تؤدي زيارته إلى صنعاء إلى انتزاع موافقة قادة الميليشيات على مقترحه، لما لذلك من أهمية لتثبيت الهدنة واستمراريتها، أثارت تصريحات زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، الأربعاء، المخاوف من إصرار الجماعة على خيار الحرب والسعي لنسف الهدنة والجهود الأممية، بخاصة مع تباهيه بأن جماعته أطلقت أكبر عدد من الصواريخ الباليستية منذ الحرب العالمية الثانية، إلى جانب تقديمه جماعته على أنها السلطة المخولة بحكم البلاد.
وجدّد الحوثي في خطبته أمام أتباعه المنتمين إلى محافظة تعز التهديد بفتح الطرق التي اقترحها وفده المفاوض من جانب واحد بعيداً عن التوصل إلى أي اتفاق، داعياً إلى الاستعداد إلى تحقيق ما وصفه بـ«النصر الحاسم».
وتشمل الهدنة اليمنية وقف العمليات العسكرية والسماح بتدفق الوقود إلى ميناء الحديدة بواقع 18 سفينة خلال الشهرين والسماح بالرحلات الجوية التجارية من مطار صنعاء إلى الأردن ومصر، بواقع رحلتين أسبوعياً في كل من المسارين، كما تنص على عقد مناقشات لفك الحصار عن تعز، وفتح الطرق الرئيسة بين المحافظات، غير أن القضية الأخيرة لم يتم تنفيذها حتى الآن بسبب مساعي الحوثيين لتجزئتها ومحاولة تسييسها لتحقيق مكاسب عسكرية، وفق ما تقوله الحكومة اليمنية.
وعبّر غروندبرغ لدى وصوله مطار صنعاء، رفقة وفد الحوثيين المفاوض، عن سعادته بالعودة إلى العاصمة اليمنية للمرة الثانية منذ بدء الهدنة، وعن سعادته بتمديدها. واصفاً ذلك بأنه «مؤشر إيجابي على جدية الأطراف لدعم الهدنة وتنفيذها».
وقال في حديث موجز للصحافيين: «لقد شهد اليمنيون الفوائد الملموسة للهدنة، وشهدنا نقلة إيجابية كبيرة، ولدينا مسؤولية الحفاظ عليها، وتحقيق إمكاناتها لإحلال السلام في اليمن، وأتطلع إلى الانخراط مع قيادة أنصار الله (الحوثيين) في الجهود الجارية لتنفيذ الهدنة وتعزيزها». وأوضح المبعوث أنه يتطلع لحدوث مناقشات بناءة حول اقتراحه «بإعادة فتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى، وكذلك الإجراءات الاقتصادية والإنسانية، والخطوات اللازمة للمضي قدماً».
وبعد جولتين من النقاشات بين ممثلي الحكومة والحوثيين، توقفت المفاوضات (الأحد) الماضي دون التوصل إلى اتفاق، في ظل تمسك الحوثيين بفتح طرق فرعية، وتمسك الوفد الحكومي بفتح طرق رئيسية، وهو الأمر الذي جعل غروندبرغ يقترح حلاً وسطاً، لكنه لم يتمكن من تمريره بسبب رفض وفد الميليشيات.
وفيما أكد الوفد الحكومي موافقته على المقترح الأممي، كان مكتب المبعوث أصدر بياناً أوضح فيه أن غروندبرغ «قدَّم مقترحاً منقَّحاً لإعادة فتح الطرق تدريجياً، بما في ذلك آلية للتنفيذ وضمانات لسلامة المسافرين المدنيين».
ويدعو المقترح المُنقَّح لإعادة فتح طرق، بما فيها خط رئيسي، مؤدية إلى تعز ومنها، إضافة إلى طرق في محافظات أخرى بهدف رفع المعاناة عن المدنيين وتسهيل وصول السلع. ويأخذ المقترح بعين الاعتبار مقترحات ومشاغل عبّر عنها الطرفان، بالإضافة إلى ملاحظات، قدّمها المجتمع المدني اليمني.
ونقل البيان عن غروندبرغ قوله: «هذه هي الخطوة الأولى في جهودنا الجماعية لرفع القيود عن حرية حركة اليمنيين من نساء ورجال وأطفال داخل البلاد. وتقع على الطرفين المسؤولية الأخلاقية والسياسية للتعامل بشكل جاد وعاجل مع مقترح الأمم المتحدة وإعطاء الأولوية لمصالح المدنيين والتوصل إلى نتائج مباشرة وملموسة لسكان تعز والشعب اليمني كله».
في السياق نفسه، نقلت وسائل الإعلام الحوثية عن رئيس وفد الجماعة المفاوض يحيى الرزامي أنه أبلغ سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن خلال لقائه في عمان أن الجماعة متمسكة بمقترح فتح 3 طرق إلى تعز، تشمل «طريق كرش – الشريجة – الراهدة، وطريق الزيلعي – الصرمين – صالة، وطريق الستين – الخمسين – الدفاع الجوي – بير باشا». وهي الطرق التي يرى الوفد الحكومي أن فتحها لا يؤدي إلى فك الحصار عن تعز.
وكان مجلس القيادة الرئاسي في اليمن أكد أن قبوله بتمديد الهدنة جاء لأغراض إنسانية، مشدداً على أن يتم التوصل لاتفاق لإنهاء حصار تعز وفتح الطرق الرئيسية، وعلى إلزام الميليشيات الحوثية بدفع رواتب الموظفين من عائدات الرسوم على شحنات الوقود الواصلة إلى ميناء الحديدة.