خيم الحزن على محافظة درعا جنوب سوريا، بعد أن شهدت البلدة مساء السبت، وقوع انفجار في عمال نتيجة مخلفات الحرب، أثناء عودتهم من حصاد الأراضي الزراعية في محيط بلدة دير العدس بريف درعا الشمالي، ما تسبب في مقتل 11 شخصاً بينهم طفلة، وإصابة 28 شخصاً بينهم نساء وأطفال.
الحادثة شهدت تفاعل السوريين في منصات التواصل الاجتماعي، بتصدر وسم (#شهداء_لقمة_العيش) لمعظم الحسابات السورية.
يقول شادي العلي، مدير تحرير شبكة «درعا 24»، إن لغماً ثقيلاً مخصصاً للدبابات، انفجر مساء السبت بسيارة كانت تقل عائلات يعملون بالحصاد، أثناء عودتهم إلى منازلهم في بلدة دير العدس شمال درعا، وخلفت الحادثة قتلى، ومصابين بعضهم في حالة حرجة وقد نقلوا إلى مشافي العاصمة دمشق. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن المنطقة الشمالية في درعا تعاني من كارثة حقيقية، جراء تلوثها الواسع بالألغام والعبوات والقذائف غير المنفجرة من مخلفات الحرب. وأشار إلى أن أهالي المنطقة باتوا يخشون الخروج إلى حقولهم بعد هذه الحادثة وحوادث سبقتها، بفعل مخلفات الحرب التي تسببت في خروج مساحات زراعية واسعة عن نطاق إنتاج المحاصيل في المنطقة الشمالية، وتعطل مشاريع زراعية تنموية.
وذكر العلي أن منطقة الريف الشمالي من درعا وبلدة دير العدس، كانتا محسوبتين على مناطق «مثلث الموت» الذي شهدت معارك ومواجهات لفترة طويلة من الزمن بين الفصائل المعارضة التي كانت في المنطقة من جهة، وميليشيات «حزب الله» اللبناني وإيران وقوات النظام السوري من جهة أخرى، قبل أن يفرض النظام سيطرته عليها منذ قرابة 4 سنوات. لكن لم تشهد المنطقة أي جهود حقيقية للبحث عن هذه الألغام ونزعها. واليوم وقعت المجزرة في دير العدس، وقبلها أصيب طفل في بلدة إنخل، وسبقها حادثة في بلدة الفقيع، نتيجة عملية التلغيم العشوائية التي كانت في المنطقة خلال سنوات الحرب، واستخدام الألغام المموهة والمتفجرات ذات التقنيات الحديثة؛ حيث وُجد لغمان آخران في المكان ذاته الذي وقع فيه الانفجار، وقد تم تفجيرهما، بالإضافة لإزالة لغم آخر مضاد للدبابات على بعد 25 متراً من المكان، وفق ما أعلنت وحدات الهندسة في وزارة الداخلية السورية التي زارت المكان؛ مشدداً على أن المنطقة تحتاج إلى جهود حقيقية لإزالة مخلفات الحرب غير المنفجرة، باعتبارها تمثل تهديداً كبيراً لسلامة المدنيين، يخلف العديد من القتلى والإعاقات الجسدية.
في السياق، تستمر عمليات القتل والاغتيال في محافظة درعا التي تستهدف مدنيين ومعارضين سابقين وقوات من النظام السوري؛ حيث تعرض ضابط من النظام برتبة مساعد أول، مساء السبت، لمحاولة اغتيال، بعد أن أطلق مسلحون مجهولون عليه النار في بلدة علما بريف درعا الشرقي، ما أدى إلى إصابته بجروح. وينحدر الضابط المستهدف من البلدة، وكان في زيارة لمنزل العائلة، وهو أحد المسؤولين عن حاجز الثعلة العسكري في محافظة السويداء.
كما قتل صباح أمس، الأحد، شاب يدعى محمد عربي، ويعمل في بيع المحروقات بالسوق السوداء، برصاص مسلحين مجهولين، أمام منزله في مخيم النازحين بدرعا. ورغم انتهاء المواجهات العسكرية في محافظة درعا، ودخول مناطقها باتفاقات تسوية ومصالحة مع النظام السوري برعاية روسية منذ عام 2018، فإنها تعيش حالة انفلات أمني وعدم استقرار، ومعاناة من ركام الحرب التي لا تزال توقع الضحايا. فبحسب إحصائيات محلية في درعا؛ بلغ عدد ضحايا مخلفات الحرب في المنطقة أكثر من 15 شخصاً منذ الشهر الفائت. كما وثق خلال شهر مايو (أيار) 2022 مقتل ما لا يقلّ عن 57 شخصاً، في مناطق درعا، بينهم 25 مدنياً، و3 أطفال وسيدة، وإصابة ما لا يقلّ عن 28 شخصاً في ظروف مختلفة، من عمليات اغتيال وسطو مسلح وخلافات عائلية.