أفادت مصادر محلية في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الميليشيات الحوثية أطلقت هذا الأسبوع موجة جديدة من عمليات الاستقطاب والتعبئة والتحشيد وجمع التبرعات من خلال استهداف سكان أكثر من 94 حياً وإجبارهم على حضور أمسيات تبث فكر الجماعة الطائفي المشبع بالكراهية.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة وبموجب توجيهات جديدة صادرة عن زعيمها عبد الملك الحوثي، شرعت عبر لجان موكل إليها مهام «التعبئة والتحشيد» وبإشراف من المجالس المحلية الانقلابية الخاضعة للجماعة بتنظيم أول أعمال التعبئة والحشد في مديرية التحرير تحت شعار: «جهاد وإحسان».
وتحدثت المصادر عن وسائل ترهيب وترغيب وتهديد بالحرمان من أبسط الحقوق والخدمات استخدمتها لجان الجماعة خلال تحشيدها السكان في 3 أحياء بمنطقة التحرير وهي «حي التحرير، وبير العزب، والقاع» لحضور الأمسية.
ورغم تشديد الجماعة وإجبارها السكان على حضور تلك الأمسيات، فإن المصادر ذاتها أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن نسبة الاستجابة للحضور في أوساطهم خلال أول أمسية كانت ضعيفة جداً، نتيجة رفضهم الانصياع لرغبة الجماعة التي تحاول أن تخضعهم بالقوة لخطابها التعبوي وأفكارها المستمدة من «الملازم الإيرانية».
وبسبب إخفاق الانقلابيين بحشد مزيد من الشبان والأطفال إلى الجبهات عبر إقامتهم آلاف المعسكرات الصيفية بعموم مدن سيطرتهم، كشف مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة بصنعاء عن تكثيف الميليشيات بهذه الأثناء من تحركاتها لاستكمال مخططها الرامي في الأيام المقبلة لاستهداف سكان نحو 94 حياً تابعة لـ10 مديريات في العاصمة.
وبحسب المصادر، خصصت الميليشيات ملايين الريالات لإقامة ما يزيد على 100 أمسية طائفية في جميع أحياء العاصمة المحتلة، في حين اتهمت المصادر الجماعة باستغلال الهدنة الأممية، من أجل إعادة ترتيب صفوفها وحشد مزيد من المجندين إلى جبهاتها.
وتوقعت المصادر أن تطول تحركات الجماعة شريحة النساء بعموم أحياء العاصمة لإجبارهن على حضور الأمسيات.
وكان قادة الميليشيات أصدروا توجيهات لمشرفيهم وعقال الحارات الموالين لهم في العاصمة، شددوا خلالها على ضرورة الاستعداد لشن حملات استقطاب وتحشيد جديدة عبر بوابة الأمسيات الثقافية.
وفي سياق تلك التعليمات الحوثية، تحدث سكان بحي التحرير في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن ممارسات وصفوها بـ«غير السوية» طالتهم بهدف إجبارهم على حضور أمسية ستقيمها الجماعة.
وأفاد مواطن يقطن الحي ذاته، طلب إخفاء معلوماته، لـ«الشرق الأوسط»، بأنه اعتذر لأتباع الجماعة وتحجج لهم باستعداده للسفر خارج العاصمة في مهمة عائلية لحظة مجيئهم إلى منزله ومطالبتهم له بحضور الأمسية مع باقي أفراد أسرته من الذكور.
وقال: «إن معظم سكان الحي وأحياء أخرى في صنعاء يعون اليوم جيداً المضامين التي تحويها جل الفعاليات والأمسيات التي تقيمها الجماعة، إما لغرض التعبئة الفكرية الخاطئة أو للتحشيد إلى الجبهات وتقديم الدعم المجتمعي لمواصلة عملياتها العسكرية».
وأضاف: «لهذه الأسباب وغيرها يرفض غالبية السكان في صنعاء الحضور أو المشاركة في الفعاليات، غير آبهين بتهديدات الميليشيات بوضع المتخلفين ضمن القوائم السوداء أو حرمانهم من الخدمات».
ويؤكد سكان صنعاء أن الميليشيات عادة ما تخصص جزءاً كبيراً من أوقات أمسياتها في بث فكرها المشبع بالعنف والكراهية، وتحض المشاركين من السكان أو الموظفين الحكوميين على التمسك بثقافتها الدخيلة عليهم، والانضمام للقتال بصفوفها مقابل منحهم مزايا عديدة.
وسبق للميليشيات أن أقامت سابقاً خصوصاً في ليالي شهر رمضان من كل عام، المئات من الأمسيات، حيث تجبر السكان والموظفين في صنعاء وبقية مدن سيطرتها على حضورها، والاستماع إلى محاضرات وتلقي دروس وبرامج حوثية طائفية.
وكثيراً ما يشدد مشرفو الجماعة خلال الأمسيات المقامة في الأحياء على ضرورة أن يخرج كل مربع سكني في صنعاء عقب اختتام أي أمسية بتسجيل ما لا يقل عن 5 مجندين جدد إلى صفوف الميليشيات.
ويرجح مراقبون أن إقدام الجماعة على إقامة مثل هذه اللقاءات الطائفية في سياق البحث عن مجندين جدد، يعكس حجم الاستنزاف الكبير الذي أصاب صفوف الجماعة في المعارك خلال السنوات الماضية.
وكانت تقارير محلية عدة أكدت، في أوقات سابقة، أن عمليات الاستقطاب الحوثية المتكررة للشبان والمراهقين وغيرهم في صنعاء تركزت طيلة السنوات الماضية في 10 مديريات تتبع العاصمة صنعاء، التي تحوي كل مديرية فيها عشرات المربعات السكنية.