أفادت مصادر عراقية ولبنانية، مقربة من إيران، بأن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تلقى «تهديدات مباشرة من طهران» لإجباره على التوافق مع قوى «الإطار التنسيقي» على تشكيل الحكومة الجديدة، مشيرة إلى أن هذه «الرسائل سبقت استقالة نواب الكتلة الصدرية من البرلمان بأيام قليلة».
وتتزامن هذه المعطيات عن التدخلات الإيرانية (التي تنفيها طهران) مع انطلاق حراك سياسي مكثف داخل «الإطار التنسيقي» لتشغيل عجلة مفاوضات تشكيل الحكومة، بدءاً من اختيار المرشح لرئاستها، لكن هذه العملية لن تكون سهلة في ظل التقاطعات بين الأقطاب المؤثرة في «الإطار».
وقال مصدر لبناني، على معرفة وثيقة بكيفية إدارة «حزب الله» للملف العراقي، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن الصدر «فضّل الانسحاب على الاستجابة للضغوط الإيرانية»، لا سيما أنه سمع عبارات من قبيل «سنحرق كل شيء على رؤوسكم». وعلّق المصدر، بأن الضغوط الإيرانية الجديدة، والتي وصلت إلى أقصاها مع الصدر، مرتبطة إلى حد كبير بالتقلبات الحادة في ملف التفاوض على النووي الإيراني مع الدول الغربية في فيينا، لكنه لم يستبعد «قلقاً إيرانياً من استنزاف الوقت على انسداد سياسي يجمّد الخطط الإيرانية في العراق».
من جهته، قال مصدر كردي رفيع المستوى، إن الصدر وضع رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني في أجواء «التهديدات الإيرانية»، وأكد «قناعته التامة بأنها مؤشر خطير على ما سيحدث خلال الأسابيع المقبلة»، مشيراً إلى أنه اختار نهاية الفصل التشريعي حتى يكسب شهراً قبل التئام البرلمان مجدداً، حيث سيشغل مقاعد الصدريين المستقيلين الذين كانوا أعلى الخاسرين في دوائرهم الانتخابية. وفي حين توقع المصدر الكردي أن خطة الصدر «لن تتوقف عند الانسحاب» من البرلمان، علّقت شخصية بارزة في الفريق التفاوضي السابق للصدر على هذه المعطيات بالقول «انتهى كل شيء، ولن نتراجع عما بدأنا فيه».
وعن رد الفعل الكردي على انسحاب الصدريين، قال المصدر، إن بارزاني «طلب توضيحات من الصدر بشأن آلياته للتعامل مع التداعيات المتوقعة»، لا سيما أن زعيم الحزب الديمقراطي «أمام حسابات معقدة؛ نظراً للتقاطعات الحادة التي تضرب حليفه السنّي في تحالف السيادة، فضلاً عن مناخ تفاوضي متلبس مع الخصم في الإطار التنسيقي».
وكشف المصدر، عن أن الاستراتيجية التي سيعتمدها الحزب الديمقراطي في عملية التفاوض مع «الإطار التنسيقي»، والتي لم تبدأ فعلياً حتى اللحظة، ستكون مشابهة لما كان يقوم به الصدر خلال الشهور الماضية؛ «إما الانسحاب أو تسوية المطالب الكردية الأساسية، فيما يتعلق بآليات نظام الحكم».
على الجانب الآخر، يواجه «الإطار التنسيقي» تحديات داخلية تتعلق بمسار تشكيل الحكومة، في حين يدفع ائتلاف «دولة القانون» باتجاه المضي قدماً في اختيار رئيس الوزراء دون الحصول على رضا الصدر، لكن أطرافاً أخرى مثل عمار الحكيم وهادي العامري، وبدرجة ما قيس الخزعلي، تريد إشراك الصدر في هذا المفصل «لكسب نوع من الحصانة للحكومة أمام أي حراك شعبي غاضب قد يسقطها مستقبلاً»، كما يقول قيادي في «تيار الحكمة». وتدفع الماكينة الإعلامية لـ«الإطار» بمجموعة أسماء مرشحين للمنصب بهدف جس النبض أو حرقها، لكن من الواضح أن زعيم ائتلاف «النصر»، حيدر العبادي، يروج لفكرة «الحل الوسط» الذي قد يكون مقنعاً للصدر، غير أن المالكي، وكما يقول مقربون منه، «جاهز لتولي المنصب، وإن منحه لطرف آخر سيجعل من انسحاب الصدر مجرد مناورة لتفكيك الإطار».
وفي المعسكر السني، قال عضو بارز في تحالف السيادة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تيار رئيس البرلمان محمد الحلبوسي مستعد لبدء التفاوض مع الإطار التنسيقي على تشكيل الحكومة الجديدة»، دون أن يعني هذا حدوث انشقاق مع تيار خميس الخنجر في التحالف، رغم المؤشرات المتواترة عن تحالفهما الهش.
وبحسب مصادر من داخل «الإطار التنسيقي»، فإن انسحاب الصدريين عزز كثيراً من موقف تحالف «عزم»، الطرف السنّي المعارض لـ«السيادة»، وسيدفع الحلبوسي إلى فتح غرف التفاوض للمحافظة على مكاسب السنة التي كانت متوقعة من نجاح «مشروع الأغلبية» مع الصدر.