على الرغم من صمت القضاة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية على قرار تشكيل ما يشبه محاكم التفتيش للقضاة والعاملين في المحاكم، أعلن منتدى القاضيات في اليمن قيادة جبهة المواجهة لخطوات سيطرة جناح محمد علي الحوثي على كامل السلطة القضائية في مناطق سيطرة الانقلاب، معلناً رفضه المطلق المساس باستقلال القضاء.
وطالب المنتدى بإلغاء كل ما صدر عما تسمى المنظومة العدلية التي نُصب ابن عم زعيم الميليشيات محمد الحوثي نفسه رئيساً لها، معتبراً هذه المنظومة مجردة عن المشروعية القانونية وغير ملزمة للقضاة في التعامل معها لمخالفتها لنصوص الدستور والقانون.
ودعا المنتدى، في بيان، كل منتسبي سلك القضاء، لعقد لقاءات تشاورية لمناقشة الوضع الراهن للسلطة القضائية وما يحصل من انتهاكات طالت استقلالها ونالت من حياة القضاة ومعيشتهم، ووضع الحلول بما يحفظ استقلال القضاء ومكانته.
وعبر البيان الصادر عن ملتقى قاضيات اليمن في مناطق سيطرة الميليشيات عن «الأسف» تجاه تعاميم هيئة التفتيش القضائي الخاضعة للحوثيين، وانتهاكها الضمانات الدستورية والقانونية، التي قال إنها «تُعد مخالفة جسيمة وانتهاكاً واضحاً لمبدأ استقلال القضاء».
وذكر البيان أن القاضيات والقضاة المشاركين في اللقاء التشاوري للمنتدى ناقشوا «انعدام الحد الأدنى من الكفاية المادية للكادر القضائي»، وأنه وبعد النقاش وتبادل الآراء وتشخيص العديد من المشاكل التي تعاني منها السلطة ومنتسبوها، ومدى تأثير ذلك على العدالة وقدسية القضاء، انتهوا «إلى الرفض المطلق لأي مساس بمبدأ استقلال القضاء والمنصوص عليه في المادة 149 من الدستور، ومنه مسمى «المنظومة العدلية» التي يرأسها عضو مجلس حكم الانقلاب، معتبراً ذلك «صورة من صور تدخل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية، وانتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات والمنصوص عليه في الدستور».
المشاركون في الملتقى طالبوا قيادة السلطة القضائية الخاضعة للحوثيين بتحمل مسؤولية الدفاع عن استقلال القضاء «وليس العكس مما حصل منها، من تبني توجيهات اللجنة العدلية وتنفيذها بصورة تعميمات وقرارات إدارية وقضائية».
وشدد البيان على إلغاء كل ما صدر مؤخراً عن مسمى «المنظومة العدلية» أو مجلس القضاء أو هيئة التفتيش من توجيهات وقرارات، منها قرار تشكيل لجان في المحاكم والنيابات لتلقي الشكاوى ضد القضاة، كونها مجردة من المشروعية القانونية وغير ملزمة للقضاة في التعامل معها لمخالفتها لنصوص الدستور والقانون.
ومع تأكيدهم على حق المواطن في الإنصاف والعدالة، وتقديم الشكاوى عبر الجهة المختصة والمحددة، ووفقاً للوائح والأطر الدستورية والقانونية، من خلال تفعيل دور هيئة التفتيش القضائي الرقابي والتأهيلي للقضاة، طالبوا بصرف مرتبات القضاة ومساعديهم وكل حقوقهم وامتيازاتهم، وبما يحقق الكفاية لهم وبما يتلاءم مع الوضع المعيشي القائم.
ووجه المشاركون في الاجتماع الدعوة إلى كل القضاة لعقد لقاءات تشاورية لمناقشة الوضع الراهن للسلطة القضائية، وما يحصل من انتهاكات طالت استقلال القضاء ونالت من حياة القضاة ومعيشتهم، ووضع الحلول بما يحفظ استقلال القضاء ومكانته.
وكان محمد الحوثي استصدر قراراً يعزز من قبضته على جهاز القضاء بالكامل في مناطق سيطرة جماعته من خلال منح ما تسمى «المنظومة العدلية» التي نصب نفسه رئيساً لها حق تشكيل لجان تحقيق إدارية مع القضاة والعاملين في المحاكم، تتولى مهمة تسلم شكاوى المتخاصمين والفصل فيها فوراً داخل مباني المحاكم.
وزعم الحوثي وهو ابن عم زعيم الجماعة الانقلابية، أن ذلك يأتي في إطار تفعيل «مبدأ أنصف الناس من نفسك»، وهو ما يعني أن هذه اللجان ستشكل في الغالب من عناصر جهاز الأمن الداخلي للميليشيات، لتصبح أشبه بمحاكم التفتيش للقضاة والموظفين بدلاً من هيئة التفتيش القضائي المعنية قانوناً بتقييم أداء القضاة والعاملين في النيابة.
ووصفت أوساط قانونية الخطوة بأنها تقضي على آخر ما تبقى من استقلالية شكلية للقضاء، حيث إنها ستجعل القضاة عرضة للمحاكمة والعقاب من قبل موظفين إداريين يتم تعيينهم من قبل محمد الحوثي ومنحهم صلاحية مراقبة ومحاسبة القضاة، كما توقعت هذه الأوساط تصاعد رفض القضاة لهذه الإجراءات والدخول في مواجهة علنية مع ما تسمى «المنظومة العدلية» التي تحولت إلى أداة لمحمد علي الحوثي للسيطرة والتحكم بأجهزة القضاء الخاضعة للميليشيات ضمن مساعي تقوية نفوذه داخل الجماعة في مواجهة الأجنحة الأخرى.