ما الذي يعرفه (ولا يعرفه) العلم عن هذه الحالة المعقدة، أي «كوفيد» الطويل الأمد؟
في حين يتواصل الكفاح ضد فيروس كورونا، برز جانب جديد من الوباء: كوفيد الطويل الأمد long COVID، والمعروف أيضاً باسم «العواقب الحادة لما بعد لعدوى سارس – كوف – 2
post – acute sequelae of SARS – CoV – 2 infection، (PASC)، أو «باسك» اختصاراً.
– عواقب حادة
تتميز حالة «باسك» بأعراض مستمرة من الإصابة بكوفيد بعد مرور 30 يوما أو أكثر من نتيجة الاختبار المؤكدة التي يجريها الشخص. كما يمكن أن تظهر بأعراض جديدة مرتبطة بكوفيد بعد أسابيع أو شهور من زوال أعراض العدوى الأولية. ولا يزال العلماء يواصلون التعلم عن جوانب حالة «باسك»، ولكنهم اكتشفوا الكثير حتى الآن. وفيما يلي نظرة إلى ما نعرفه عنها وإلى ما تبقى من أسئلة بشأنها.
> من المعرض لخطر الإصابة بحالة «باسك»؟ وفقاً للكلية الأميركية لأمراض القلب، قد يعاني ما بين 10 إلى 30 في المائة من الأشخاص المصابين بمرض كوفيد – 19 من «باسك». يقول الدكتور بروس ليفي، رئيس قسم طب الرئة والعناية الحرجة في مستشفى بريغهام والنساء التابعة لجامعة هارفارد: «مع هذا، لا يوجد دليل دامغ على من قد يصاب بهذه الحالة بالتحديد».
ومع ذلك، ظهرت بعض الاتجاهات ذات الصلة. على سبيل المثال، تصاب النساء بحالة «باسك» أكثر بمرتين إلى ثلاث مرات من الرجال، كما أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 سنة هم أكثر عرضة للإصابة.
وأيضاً الأفراد الذين يعانون من ظروف معينة يميلون إلى أن يكونوا أكثر عرضة للخطر، فقد خلصت دراسة أجريت في 3 مارس (آذار) 2022، في عدد دورية «سيل»، أن عدة عوامل برزت عند التشخيص الأولي لفيروس كورونا بين الأشخاص الذين تطورت لديهم عدوى «باسك». وتتضمن هذه الأمراض مرض السكري من النوع الثاني، والحالات التي أعاد فيروس إبشتاين – بار تنشيط نفسه (الذي يسبب ارتفاع عدد كريات الدم البيضاء، ويظل في الجسم خاملا مدى الحياة في الغالب). وتشير أبحاث أخرى إلى أن الإصابة بالربو، أو زيادة الوزن قد تلعب دورا في هذا الأمر.
وقد يرتبط خطر «باسك» أيضاً بشدة الإصابة بالعدوى الأولية. إذ وجدت إحدى الدراسات أن احتمالية الإصابة بحالة «باسك» زادت بأكثر من ثلاثة أضعاف عند الأشخاص الذين دخلوا المستشفى للعلاج من كورونا، وأكثر من ذلك بنحو تسعة أضعاف عند الأشخاص الذين قضوا وقتا في العناية المركزة.
– الأعراض والتشخيص
> ما هي الأعراض؟ تتمثل أعراض «باسك» في معظم الأحيان في التعب، وضيق التنفس، ومشاكل التذوق أو الشم. ومن الأعراض الأخرى الشائعة: السعال، والصداع، و«الضباب الدماغي» (الارتباك وفقدان التركيز) والقلق، والاكتئاب، وآلام المفاصل والصدر.
يميل الناس إلى الإصابة بواحد أو أكثر من أعراض كوفيد الأصلية، لكن هذا ليس هو الحال دائما، ويمكن أن تظهر أعراض جديدة. يقول الدكتور ليفي: يمكن أيضاً أن تتفاوت حدة أعراض «باسك». على سبيل المثال، قد تكون أصبت بتعب خفيف من فيروس كورونا، لكنه أكثر حدة مع «باسك»، وقد تتحسن الحالة أو تسوء من يوم إلى يوم. وحتى الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أعراض لإصابتهم بكوفيد، يمكن أن يصابوا بحالة «باسك».
• كيف يتم تشخيص «باسك»؟ لا توجد فحوصات لحالة «باسك» مثل تلك الخاصة بكوفيد. ويستخدم الأطباء غالبا مجموعة من الاختبارات للمساعدة على فهم ما يثير الأعراض لدى الشخص، مثل فحوصات الدم (لقياس مستويات الالتهاب)، وفحص معدل القلب وضغط الدم، والأشعة السينية (إكس) على الصدر، وتخطيط القلب، واختبارات قياس وظيفة الرئة والتنفس.
> كم من الوقت تستمر «باسك»؟ تتراوح مدة «باسك» بين 4 أسابيع و6 أشهر، ويمكن أن تستمر الأعراض لدى بعض المرضى لفترة أطول بكثير. ونشرت دراسة في عدد سبتمبر (أيلول) 2021 من دورية «سجلات الطب الباطني»، حيث تتبع الباحثون 410 أشخاص بعد تشخيص إصابتهم بفيروس كورونا، ووجدوا أن 39 في المائة منهم ظهرت عليهم الأعراض الممتدة بعد 7 إلى 9 أشهر. ويقول الدكتور ليفي: «إنه أمر شائع ومعروف في الأدبيات الطبية المنشورة».
• هل «باسك» معدية؟ إن حالة «باسك» ليست معدية، كما أن الأعراض لا تشير إلى إيجابية الإصابة بفيروس كورونا. إذا حصلت على نتيجة إيجابية في الاختبار، فمن المحتمل أن يكون ذلك بسبب عدوى جديدة.
– العلاج
• هل يمكن علاج «باسك»؟ في الوقت الراهن، لا توجد علاجات قائمة على الأدلة لحالة «باسك». لكن هناك علاجات كثيرة تساعد على تخفيف الأعراض ومعالجتها. يمكن لطبيبك أن يوصي باتباع مسلك قائم على أكثر المشاكل التي تواجهك. ويقول الدكتور ليفي: «بالنسبة لمعظم المرضى، من المفيد أيضاً الالتزام عن كثب بتعديلات أسلوب الحياة الصحية، بما في ذلك وضع جدول منتظم للنوم والنشاط».
> هل تسبب «باسك» في مشاكل جديدة؟ هذا المجال من البحث مستمر، لكن العلماء وجدوا أن «باسك» قد تساهم في قضايا صحية أخرى. على سبيل المثال، اكتشفت دراسة نشرت في 7 مارس 2022، في مجلة «نتشر، أن الناس (متوسط أعمارهم 60 عاما) المصابين بحالة «باسك» المعتدلة يعانون من تلف في الأنسجة، وانكماش في مناطق الدماغ المتعلقة بالشم، واتخاذ القرار، واسترجاع الذكريات. ولم يعرف بعد ما إذا كانت هذه الآثار لا تزال قائمة أم أنها قابلة للانعكاس. كما قد تزيد حالة «باسك» من خطر الإصابة بمشاكل طويلة في الرئة. وبحثت دراسة نشرت على الإنترنت في 15 مارس 2022، في دورية «راديولوجي»، في 100 مريض بالباسك (نقل ثلثهم إلى المستشفى بسبب كورونا) ووجدت أن 58 في المائة منهم لديهم تشوهات في الرئة، وغالبا ما تتوافق مع الالتهاب أو الندوب.
تظهر دراسات الملاحظة تزايد مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية وقصور القلب بعد الإصابة بفيروس كورونا. وتقترح الكلية الأميركية لأمراض القلب على مرضى «باسك» ممن يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية أو أعراض مثل ضيق التنفس والتعب وآلام الصدر، أن يخضعوا للتقييم من قبل طبيبهم الخاص، قبل استئناف ممارسة التمارين الرياضية.
هناك أيضاً أدلة ناشئة حول العلاقة بين «باسك» واختلال وظائف الجهاز الهضمي الذي يؤدي إلى الإسهال، واضطرابات الجهاز العصبي المحيطي التي قد تؤدي إلى الاعتلال العصبي neuropathy (مرض الأعصاب الذي يسبب الألم والوخز والخدر الذي يبدأ غالبا في اليدين والقدمين وينتشر إلى الذراعين والساقين).
> هل يحميك اللقاح من «باسك»؟ لا يزال بإمكان الأشخاص الذين يتم تطعيمهم أن تتطور لديهم الإصابة بحالة «باسك». لكن بشكل عام، يبدو أن الأشخاص المطعمين لديهم متوسط تعرض لخطر «باسك» أقل بنسبة 50 في المائة مقارنة بالأشخاص غير المطعمين. كما أن أعراض فيروس كورونا أقل شدة عموما في الأشخاص الذين تم تطعيمهم، فإن أعراض «باسك» لديهم تميل ألا تكون خطيرة مثل الأشخاص الذين لم يتم تطعيمهم. ويقول الدكتور ليفي: «مع ذلك، ليس من الواضح بعد ما إذا كان اللقاح يعزز الحماية أكثر ضد «باسك».
> هل يمكننا فعل أي شيء آخر لتجنب «باسك»؟ خارج نطاق التطعيم، لم تظهر أي استراتيجية بشكل مقنع لدرء «باسك»، وفقاً للدكتور ليفي. الذي يقول: «إدارة عوامل الخطر المرتبطة بحالة «باسك»، مثل النوع الثاني من داء السكري والسمنة والربو، قد توفر الحماية». وتشير بيانات الرصد إلى أن الاستخدام المبكر للعلاج المضاد للفيروسات (أثناء الإصابة الأولية بفيروس كورونا) قد يقلل من حدوث حالة «باسك»، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث.
– رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل» خدمات «تريبيون ميديا»