خانني الحرف وتاه مني في زِحامِ الكلام فعجز القلم عن الكتابة و لم أجد حبرا يليق، هل أكتب شعرا أو ديوان عن رونق الفجر المستحب من الجنة العذراء و من أرض كنعان وطن القصائد والسلام، وطن تدَثر لؤلؤا واِغترف كل التحايا الأنيقة ليتُوِّج بحضارة الإسلام فيا حسن ما نثر، يتناسل عطره بين أوطان عريقة وحتى تلك التي تاه منها التاريخ ،هذا البلد الكنعاني يحاصرك في رحم الخيال ليكتب زخرفا عربيا بعطاءه و أهلُهُ لبسوا العز تاجا ، فتجد حبه في القلب ذائع واليه نسارع لنصوغ ملحمة من الكلام، وللكلام عنه دهر طويلْ و عن أولئك الذين عبدوا الطريق وفي مسيرتهم واجهوا الظلام ، أناروا وغيروا الدروب ، بنوا من أجل البقاء، طيبوا الألم وسمعوا نبض القلوب ووجدوا الله ، فسلاما لمن بأنفسهم خنادق الخير و طوبى لقلوبهم الصالحة التي استنارت بصيرتها وأياديهم ممدودة لرفاتِ الطفولة التي ذاقت العناء وهي جالسة تحت أنقاض ما بقي من بيوتها، و لأنفسهم المزهوقة ظلما و فقرا في الخيام الباردة وبقلوبهم فوق الدموع مدامع، وذاك الليل المُهَيْمِن على كف ظروف الحروب واِنتهاكات الفقر والكوارث الطبيعية و مهزلة العمر التي دفعت ملايين الأطفال إلى أوضاع حرجة وتحت اليتم والجهل اِرتمى في الأرض 61 مليون طفل محروم من التعليم الأساسي إنه الاِستهتار الصارخ لطفولة مزقتها الظروف والحروب خاصة التي ينامون تحت ظلها الواجم ومثلهم يموتوا بلا كفن ولا تحن عليهم غير أوراق الشجر، وتطفر في عيونهم أسئلة بسيطة طيبة ،ماذا جنينا نحن حتى نموت مرتين مرة نموت في الحياة ومرة نموت عند الموت؟
أما أنا وانت وذاك لن نلتفت إلى تلك الطفولة المسروقة بل لن نلتفت إلى زينة حياة الدنيا و كمال بهجتها لأنه يسكننا الخوف يسكننا فزع، تربكنا الظلمة ونتوه في الشعاب وفانوس العزيمة معلق بين البصيرة والجبن نجلس كعاصفة تَهْمِس لِلَأْرْض في كون من عدم لكن هناك من تراهم أمة لا تراهم صنم أو حجارة خرساء، تراهم جيل صاعد لهم حياة ومجد و مستقبل أوطان و قصة يخلدها إنسان ،إنها صاحبة السموّ الشيخة موزا بنت ناصر تسرى من مدينة الحدائق التي تأرج نسيم الروض منها و التي لم تَجْعَلْ يَدَها مَغْلُولَةً إلى عُنُقِها بل ورثت هذا فيا فخر قطر، صادقات الوعود ملئت السمع والبصر
لتقود معركتها في “علم طفلاً”، وتستهدف هذه المبادرة العالمية بتوفير تعليم عالي الجودة لأطفال الدول الواقعة تحت تأثير النزاعات ، الكوارث و الفقر المدقع، هاته السيدة تستبق الخيرات التي وصلت في جوف القلب صليل وسمع الرحمان خطاها الساعية للرسالة الربانية و الأساس المتين لدستور الحياة على الأرض الذي وضع للإنسانية كلها وهو العلم و تسترسل خيط المحبة والسلام بهذه المبادرة بتواضع وحكمة ونظرة سديدة بالتعليم الجامع والنوعي لأطفال ولدوا بين المعاطب فحرموا منه لأنهم يعيشون صراع النفوذ من نيجيريا إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، ومن بنغلاديش إلى جنوب السودان هاته السيدة عصمة أهلها لا تعرف سوي لغة النجاح في هذه المعركة وتتصدي للتحديات الكبرى وهي تقود اطفال الى سباق الذروة في زخرف أرقى ليس له نظير.
لنجعل من حماية هاته الطفولة أينما كانت هدفًا شاملًا هذا ما تحثنا عليه طبيعتنا البشرية وفي النهاية نحن سوى إنسان فهل يؤوب اليه أرباب البصائر؟.
بقلم / الكاتبة الجزائرية مريم عرجون